الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بركة القرآن

بركة القرآن
بركة القرآن




د.محمود صديق الهوارى


على الرغم من أن شهر رمضان فيه كثير من الخيرات، إلا أن السياق القرآنى يعلن بوضوح شديد أن شهر رمضان إنما فضل بنزول القرآن فيه، قال تعالى: «شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن...».
والذى يتأمل حال المسلمين الصائمين فى رمضان يجد تعلُّقا كبيرا بكتاب الله عز وجل، ما بين قائم به فى الصلوات، ومرتل له فى الخلوات، حتى فى وسائل المواصلات!
وقد وصف الله قرآنه الكريم بأنه مبارك، فقال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} فهو مبارك فى أصله، لأنه من عند الملك الوهاب، مبارك فى محل نزوله؛ لأنه نزل على قلب النبى صلى الله عليه وسلم، مبارك فى حجمه ومحتواه؛ لأنه صفحات قلائل ولكنه يحوى من الإشارات والتوجيهات ما لا تحويه عشرات الكتب، مبارك فى أثره وهو يخاطب الفطرة السوية والعقل الصحيح والقلب السليم فيفعل فيها ما لا يفعله قول قائل.
ومن هنا نعلم أن تعلم القرآن ومدارسته وتلاوته عزٌّ لأصحابه يرفع منزلتهم فى الدنيا والآخرة، وصدق النبى صلى الله عليه وسلم حين قال: «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ».
ويكفى دليلا على شرف القرآن وأهله أن قراءته عبادة سهلة ميسورة لا تكلف الإنسان شيئًا، وفيها من الأجور ما يجرى على عدد الحروف، لا الكلمات ولا الجمل ولا السور، فيؤجر قارئه فى كل حرف بعشر حسنات، والله يضاعف لمن يشاء.
ومن فضل القرآن أن تحل بركته فى بيوت من يتلونه، ويصون أهله من الشياطين، قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِى تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ». وكم من الشياطين نحتاج إلى أن تبتعد عن بيوتنا!
إنّ كثيراً من الناس - للأسف- يقضون أوقاتًا طويلة فى تصفح شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى وقد يقومون ليلهم مع هواتفهم باهتمام وشغف! فلماذا لا يحظى كتاب الله ولو بمثل هذا الاهتمام؟!
ومما ينبغى الوقوف عنده أن نفهم المقصود من قراءة القرآن، فجريان اللسان بألفاظه وحروفه ليس المقصود الأعظم، وإنما المقصود الأجلُّ أن نعمل بمضامينه ومعانيه، وإذا كان القرآن حجة للإنسان يسوقه إلى الجنة والنعيم، فإنه قد يكون حجة عليه يشهد بمعاصيه ومخالفاته، ولذا ينبغى أن يتجاوز القرآن الألسنة ليرى سلوكا وعملا وواقعا وتطبيقا، ورضى الله عن أم المؤمنين عائشة التى سئلت عن خلق النبى صلى الله عليه وسلم فقال: كان خلقه القرآن.