الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حواس: الآثار المصرية زوجتى والإسلامية صديقتى

حواس: الآثار المصرية زوجتى والإسلامية صديقتى
حواس: الآثار المصرية زوجتى والإسلامية صديقتى




حوار وتصوير / علاء الدين ظاهر

تشهد إيطاليا خلال الأيام المقبلة عرض سلسلة من الأفلام الوثائقية التى أنتجتها مجموعة قنوات MediaSet الإيطالية بالتعاون مع وزارة السياحة المصرية، ويذيعها برنامج Freedom Oltre Il Confine عن مصر، ويقدمه المذيع الإيطالى الشهير روبرتو جاكوبو Roberto Giacobbo أحد أشهر مقدمى البرامج السياحية الأكثر انتشارا فى إيطاليا مع عالم الآثار الدكتور زاهى حواس.
ومن هنا كان سبب لقائنا فى «روز اليوسف» مع عالم الآثار الدكتور زاهى حواس، والذى سألناه عن أشياء كثيرة تتعلق بالآثار، منها ما أشيع عنه أنه لا يحب الآثار الإسلامية ويفضل عليها المصرية، ورأيه فى أزمة تمثال رمسيس أمام معبد الأقصر، كما سألناه عن الآثار وهل يفضل أن تكون وزارة أم مجلس أعلى، ولماذا قبل بمنصب وزير الآثار عقب ثورة يناير؟، ورأيه فيما أحدثته الثورة من نتائج على الآثار.. إلى الحوار..

■ هل أنت لا تحب الآثار الإسلامية وتفضل عليها الآثار المصرية؟
- هذا غير صحيح، وعندما قلت إن الآثار المصرية مثل زوجتى التى أعشقها والآثار الإسلامية صديقة عزيزة لم أكن أقصد ذلك إطلاقا، ورغم أنى اتهمت بأننى لا أهتم بالآُثار الإسلامية، فإن الواقع يثبت عكس ذلك، حيث إن أكثر ما قدمناه للآثار كان ترميم الآثار الإسلامية، ومنها رشيد ودمياط والإسكندرية وشارع المعز وباب زويلة.
وعندما كنا نفتتح مشروعا إسلاميا لم أكن أتحدث عنه، ومن هنا قالوا إن زاهى حواس لا يحب الآثار الإسلامية، لكنى أعترف وهذا ليس عيبا أننى لا أفهم فى الآثار الإسلامية ولا القبطية، لكن «أى حاجة فى الآثار المصرية أتحدث عنها جيدا»، والمفروض أن يكون هناك زاهى حواس للآثار الإسلامية ولم أجد من يصلح لذلك وهى مهمة تحتاج إلى حكاء، وعشقى للآثار جعلنى أتكلم عنها بحب لذلك كان كلامى يدخل قلوب الناس، وقد علمت شباب الأثريين كثيرا، لكن عشق الآثار يكتسب ولا يتم تعليمه وأنا عاشق للآثار.
وفى الفترة التى توليت فيها المسئولية أنا وفاروق حسنى نالت الآثار الإسلامية كما لم تنله أى آثار أخرى، ولم يتم فى الآثار الفرعونية ولو 1/8 من ما تم فى الآثار الإسلامية، لكن الناس تحب الآثار المصرية أكثر لأن فيها القصة والحكاية والإثارة، ومثلا ما حدث فى شارع المعز من تطوير وترميم 36 أُثرا لم يحدث من قبل، حيث تم تطوير الشارع وتأهيله بأعلى مستوى، وتحويل سبيل محمد على لمتحف للنسيج وترميم المعابد اليهودية.
وقد حدثت نهضة كبيرة فى الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية لم تحدث من قبل عندما كنت مسئولا عن الآثار، وكنت سعيدا جدا عندما رممت المعابد اليهودية وبدأناها بمعبد موسى بن ميمون، وهاجمنى الناس لكن ردى كان أن المعابد اليهودية تخص يهود مصريين، والكنائس تخص مسيحيين مصريين والمساجد تخص مسلمين مصريين، ولو فقدت أيا من هذه المفردات لفقدت جزءا كبيرا من تاريخك وحضارتك.
■ ماذا عن أزمة تمثال رمسيس الثانى أمام معبد الأقصر وما أثير بقوة عن أنه ليس فى مكانه الصحيح وترميمه خطأ؟
- لا ننكر أنه كانت هناك أخطاء فى الترميم، وأخطاء الترميم واردة ويمكن إصلاحها، بدليل أن الآثار اعترفت بالخطأ وتصلحه حاليا، وكل ما قيل عن التمثال للأسف صدر من ناس ليسوا متخصصين نكاية فى الآثار، وعندما رأيت التمثال والهوجة التى حدثت حوله تعجبت، ولأنه ليس تخصصى الدقيق ولا أقدر أنا كزاهى حواس أقول التمثال فى مكانه الصحيح أم لا؟، لذلك اتصلت بالوحيد فى العالم الذى درس هذا الموضوع واسمه رأى جونسون مدير معهد شيكاغو، وقال لى إنهم أتوا بتمويل ترميم التمثال من السفارة الأمريكية، ولا يمكن لا أنا- الكلام لجونسون-ولا السفارة الأمريكية نشترك فى مشروع خطأ.
■ هذه الأزمة ماذا كشفت من وجهة نظرك؟
- كلنا تعلمنا علم المصريات على يد الأجانب، وللأسف لا توجد مدرسة مصرية فى الآثار، و70% من العاملين فى الآثار تعلموا على يد الأجانب ولا نقدر نقلل من علمهم، وللأسف الشديد هنا فى مصر عالم الآثار هو «إللى صوته عالى وبيكتب على الإنترنت وفيس بوك»، لكن عالم الآثار فى أى مكان فى العالم هو كتب ونشر كتب ومقالات علمية، وللأسف بعض الذين هاجموا ضمن ما أثير حول التمثال مقالاتهم لا تتعدى 9% من مقالات ترقية أستاذ، ولم يعمل فى معبد الأقصر كى آخذ بكلامه.
■  كنت رافضا لفكرة تحويل الآثار لوزارة ووافقت على ذلك وتوليتها عقب ثورة يناير..لماذا؟
- قبلت غصب عنى لأنهم طلبونى بعد الثورة كوزير للآثار، ولو كانوا طلبونى كوزير ثقافة لكنت رفضت، ولو كنت رفضت الآثار حينها كنت سأجلس فى بيتي، ولم أتمكن من ذلك خاصة أننى وجدت الآثار تسرق بعد الثورة ولما وجدتها «تتبهدل» استقلت، والمرة الثانية عندما طلبنى. عصام شرف ذهبت وقلت له أرفض تحويل الآثار لوزارة، لأنه لا يصح أن تدخل الآثار فى السياسة، لأن مهمتك أمام الدولة هى الحفاظ على الآثار وبالتالى «ما تضيعش وقتك وتبقى وزير فى مجلس الوزراء»، ممكن أن تكون وزيرا ترأس المجلس الأعلى للآثار دون أن تكون عضوا فى مجلس الوزراء، وهذا ما ناديت به أن يكون هناك مجلس أعلى للآثار ورئيسه بدرجة وزير.
 ■  إذا لو عرض عليك وزارة الآثار مرة أخرى ما موقفك منها؟
- لن أقبل بها، لأننى لدى علم يجب أن أنتهى منه، فكل الاكتشافات التى قمت بها يجب أن يكتب عنها للتاريخ، وأنا أساعد أولادى فى الآثار لكن المنصب الرسمى الآن لم يعد يصلح لى.
■ كيف ترى ثورة يناير وتأثيرها على الآثار؟
- لم تكن ثورة لكنها كانت هوجة ركبها الحرامية واللصوص، وقد حدث حفر عن الآثار فى كل مكان فى مصر، وما ساعد على ذلك أيضا انتشار هوجة البحث عن الزئبق الأحمر والذهب فى الآثار، وكثر بحث الناس عن الآثار وموتهم، رغم أنه «ما فيش حاجة اسمها زئبق أحمر ولا ذهب»، كما انتشر التعدى على أرض الآثار وانتشرت المبانى من أسوان للقاهرة بارتفاعات 6 أدوار أمام الآثار، وتمت زراعة أراضى الآثار.
وقد تعرضت لهجوم شديد من اللصوص الذين حاربتهم، وأحدهم سرق مخزنا وأوقفته عن العمل وآخر دمر موقعا أثريا، وثالث معروف أنه لص وليس له قيمة غير أنه يهاجم، وسيدة أخرى تافهة وهؤلاء اشتراهم أحد الأشخاص كان مؤجرا لمحل فى الآثار «ودفع لهم فلوس ليهاجموننى»، وهذا الرجل صرف 10 ملايين جنيه كى أدخل السجن، لكن أنا طول عمرى لا أعمل غير الصح، وكل حاجة عملتها لمصلحة البلد، ولم يحدث أن أى بلاغ تم تقديمه ضدى تحول إلى قضية إطلاقا، وذلك لأنى راجل ماشى صح فى حياتى.
■ وما رأيك فى كليات الآثار وزيادة عددها فى السنوات الأخيرة؟
- «دى أوحش حاجة تتم فى مصر»، فنحن لا نحتاج من خريجى الآثار غير 10 فقط كل عام «ويكونوا متعلمين كويس»، لكن أن يتخرج من عندك 10 آلاف كل عام ولا يعمل أى منهم فى الآثار فهذه مشكلة، كما أن الأعداد الكبيرة لا تجعل الأستاذ ينتج ولا يكون متصلا جيدا بالطلبة، وبالتالى دراسة الآثار فى مصر عبارة عن تهريج وليس لها صلة بالآثار إطلاقا، لأنه لا يمكن أن تدرس لحوالى 1000 واحد فى المدرج إطلاقا، ونحن لا نحتاج غير 10 أثريين كل عام منهم 3 مصرى و2 يونانى رومانى و2 إسلامى و3 مرممين، وحاليا لا يوجد توظيف وبالتالى أنت تخرج ناس بلا وظيفة، وهذه الكليات «مالهاش أى لازمة إطلاقا» وغلقها وترشيد التعليم بما تحتاجه البلد أفضل.
■ رغم أهميتها إلا أن كثيرين لا يعرفون بردية وادى الجرف.. ما أهميتها؟
- هذه البردية أعظم اكتشاف فى القرن 21 وأهم من اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، واكتشاف بردية وادى الجرف للأسف لم يحصل على حقه من الدعاية، وهذه أول مرة فى التاريخ يكون لدينا دليل مهم يرد على كل الخرافات والإدعاءات حول بناء الهرم، والتى من بينها أن اليهود هم بناة الهرم أو ناس من الفضاء أو سكان قارة أطلانتس.
وفى هذه البردية يحكى رئيس العمال عن بناء الهرم ومنطقة الهرم «كان فيها ايه»، وعن الملك الذى كان يعيش فى قصره فى الهرم مما ينفى زعم أنه كان فى منف، كما يتكلم أيضا عن منطقة الهرم وأنها كان اسمها «خوفو يعيش»، ويتكلم عن نقل الحجارة من طرة وهضبة الهرم نفسها، كما يقول رئيس العمال فى البردية إن خوفو حكم فى العام 27 من عمره، أى أننا نستطيع أن نقول إن حكم خوفو امتد لـ 32 عاما.
■ إذا ليس غريبا أن يكون هناك هوس لدى الغرب بالآثار المصرية القديمة..ما تفسيرك؟
- لأنهم درسوها ونحن نقوم بتدريس الآثار المصرية لأطفالنا بطريقة صعبة ومتخلفة، لكن هم يقومون بتدريسها بطريقة بسيطة وسهلة، كما أن الغرب صنع أفلاما أثارت خيال الناس عن الآثار، ومنها أفلام مثل المومياء ولعنة الفراعنة والخروج، كما أنهم مهتمون بنقل كل الفعاليات والاكتشافات الأثرية على الهواء بشكل كبير، وهو ما حدث مؤخرا فى كشف تونا الجبل بالمنيا، ولم تفعل قناة مصرية مثل هذا.
فى الغرب عرفوا كيف يثيرون الناس بالآثار المصرية القديمة، هم يخاطرون وينفقون ويصنعون برامج تنتشر فى العالم كله، فأين إعلامنا من الآثار بشكل عام، وعندما أقوم بإلقاء محاضرة فى أمريكا يتم بيعها بعد انتهائى منها بنصف ساعة، ولو جاء منتج مصرى لزاهى حواس كى يصنع فيلما مثل ديسكفرى فسأقبل بالطبع ولم أرفض من قبل أى إنتاج مصرى، ولكن لم يعرض أحد حتى الآن صنع فيلم وثائقى أو تسجيلى عن الآثار المصرية سواء مع زاهى أو غيره
ودعنا نسأل هل هناك تليفزيون مصرى فكر أن يصنع فيلما تسجيليا عن الآثار؟، إن الآثار تعامل معاملة سيئة جدًا فى الإعلام المصري، والكشف الأثرى مثلا تجده عبارة عن 4 سطور فى جورنال، عكس العالم كله الذى تفرد له مجلاته صفحات كاملة، لكن للأسف الإعلام المصرى سواء الورقى أو الإلكترونى أو التليفزيون يعامل الآثار بمهانة، وهذه الثقافة يجب أن تتغير، حتى يحدث وعى أثرى حقيقى بين المواطنين وأن يحب الناس الآثار، ويجب أن تعطى الإذاعة والتليفزيون ونشرات الأخبار وقتا للآثار أكبر من ذلك، وانظر إلى برامج التوك شو كل يوم، كلام لا يقل عن 3 ساعات لا تذكر فيها الآثار.