الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

د.محمد مهنا الأستاذ بجامعة الأزهر لـ«روزاليوسف»: الصـوم يكون بالـروح مثـل الجسـد ويتحقـق بالابتعاد عن آفات القلوب والحقد والرياء

د.محمد مهنا الأستاذ بجامعة الأزهر لـ«روزاليوسف»:  الصـوم يكون بالـروح مثـل الجسـد ويتحقـق بالابتعاد عن آفات القلوب والحقد والرياء
د.محمد مهنا الأستاذ بجامعة الأزهر لـ«روزاليوسف»: الصـوم يكون بالـروح مثـل الجسـد ويتحقـق بالابتعاد عن آفات القلوب والحقد والرياء




قد يمر الإنسان فى شهر رمضان ولا يعلم أن صومه لم يكن الصوم الصحيح، ليس لأنه أكل أو شرب وإنما لأنه لم يحقق صوم روحه كما صامت جوارحه، ولم يتحقق من التدريب الإيمانى الحقيقى فى شهر رمضان، ولتوضيح هذه الأمور وكيفية تحقيقها كان هذا الحوار مع د.محمد مهنا الأستاذ بجامعة الأزهر:
 
= بداية كيف  يحقق المسلم فى رمضان صوم القلب؟
-  للصوم درجات ومراتب، فكما أن للجوارح صومًا فإن للقلب صومًا وللروح صومًا، فهى درجات متفاوتة، والحد الأدنى الذى يقرره الشرع فى الصيام هو منع شهوتى الفم والفرج، أما صوم القلب فهو الصوم عن المعاصى التى هى آفات القلوب، والصوم عن الحقد والحسد الرياء والعجب والطمع التى تعد أكثر أمراض القلوب.
فالقلب هو المضغة التى إن صلحت صلح الجسد كله، وعليه المعول التى تنصاع له الجوارح، وعلى قدرة قوة القلب فى الطاعة  والامتناع عن الآفات يكون صوم الجوارح.
وفى الطريق إلى الله يبدأ الإنسان بتدريب القلب على صوم الآفات، وأولى بالمؤمن أن يتدرب على هذا الصيام القلبى طوال العام.
= وما المقصود من حديث :» لو علمت أمتى ما فى رمضان من خير لتمنت أن تكون السنة كلها رمضان»؟
- من بركات شهر رمضان أن الخير فيه مضاعف، ولذلك كان الخير فى هذا الشهر كبيرًا لو أيقنه الناس لتمنوا أن يكون العام كله رمضان، ففيه بركات عديدة، فقد جعل الله بدايته مغفرة وآخره عتق من النار، وفيه تترقى الروح، ولذلك فرمضان  يستظل به الإنسان من نار المعاصى ..كما أن حال الإنسان فى رمضان مختلف، وأصبحت الطاعة هى السمة الغالبة.
= ولماذا كان للصوم تلك الدرجة الكبيرة فى الثواب بأنه من الله؟
- الصيام فيه شدة وصبر وجوع وعطش، وهو عمل لا يطلع عليه أحد إلا الله تعالى ولذلك كان قول الله تعالى فى الحديث القدسى الشهير : «كل عمل بن آدم له إلا الصوم فهو لى وأنا أجزى به»
= وهل هناك فرق بين صحة الصوم وقبوله؟
- القبول هو يعد أملًا فى رحمة الله وكرمه، ولكن الإنسان كعبد عليه أن يكون همه أداء العبادة، والسعى بقبولها بإخلاص النية والعمل فى الأداء، فلا واجب على الله أن يقبل صيامنا ولكن كتب على نفسه ذلك رحمة وإظهارا لفضله على العباد.
وعندما نقول يشترط فى الصيام منع شهوتى الفرج والبطن، وآفات القلوب تحقيقًا لصحة الصوم أما القبول يكون من رحمة الله لنا.
= وما دور رمضان فى تقوية الإيمان؟
- رمضان فرصة للتدريب على الطاعة لله، والامتناع عن المعاصى، وأن يتدرب الإنسان  على اليقظة ومراقبة الحق دائمًا، لاسيما أن الصوم عمل قلبى يمثل فرصة لتقوية الإيمان، لاسيما أن الأعمال بالنيات.وشهر رمضان نوع من البداية على الطريق إلى الله، وتدريب النفس على الطاعة لله.
= وماذا يعنى  القول: «إنى صائم»؟
- قول” اللهم إنى صائم” هو نوع من منع النفس عن المعصية أو رد الخطأ بخطأ وهو ما يؤدى إلى معصية الجوارح ، فعندما يتذكر الإنسان قول “إنى صائم” يؤدى إلى تذكر الإنسان لصومه، فينتبه قلبيا لصومه.
= ولماذا كانت البدايات مرهونة بالتوبة فى الطريق إلى الله؟
- التوبة يبنى عليها ما بعدها وتعود بركتها على ما قبلها، والله تعالى يقول فى التائبين: «فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات»، فالتوبة هى الرجوع عن المعاصى، والرجوع  عن فضول القول والعمل، والتوبة مما سوى الله.
وللتوبة درجات, فهناك توبة ممن تفاخر من حسن العمل والطاعة، وهناك توبة من المعاصى، فالتوبة فى حال الطاعة أحوج إليه فى حال المعصية  لأن حظ  النفس فى الطاعة باطن خفى  وللشيطان فيها مداخل، بينما حال النفس فى المعصية ظاهر للإنسان يتوب منه.
 كما أن التوبة لها شروط أهمها  الندم والإقلاع عن الذنب، وعلى المسلم أن يعلم أن امتناعه عن المعصية يأتى بتولى الله له.
= وهل للصائم توبة دائمة؟
- الصوم له درجات، ولو وقفنا مع الإمام القشرى فنقول أن الصوم هو صون النفس عن المخالفات، وصون القلب عن الآفات، وصون الروح عن المساكنات, فالصوم فيه معنى التوبة المستمرة لله، وامتناع عن فعل المخالفات والآفات فى النفس والغير، كما فيه صون الروح عن غير الله.
ولشهر رمضان وكل لحظة فيه لها بركاتها الخاصة ونفحاتها  وأنوارها، وللتوبة فيها درجة كبيرة، حيث لابد أن نقبل على الله دائما بالتوبة والطاعة.
 = وما أسباب جرأة الإنسان على المعاصى؟
- كلما كان الإنسان متعمقا فى اللهو والطعام والشراب الحرام  ومتع الدنيا، تقوى الجوارح على المعاصى، وكانت جوارحه أسرع للحرام، وأبطأ للحلال، وكلما كان الإنسان متحريا للطعام الحلال كانت جوارحه أسرع للحلال وأبطأ للحرام.