الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الجنيه يرفع راية «الانتصار» لبرنامج الإصلاح الاقتصادى

الجنيه يرفع راية «الانتصار» لبرنامج الإصلاح الاقتصادى
الجنيه يرفع راية «الانتصار» لبرنامج الإصلاح الاقتصادى




يندفع الجنيه فى الفترة الأخيرة نحو مساره الصحيح أمام الدولار الامريكى مستردًا 4.8% من قيمته مقارنة بمستواه فى نهاية 2018.. رافعًا بذلك راية الانتصار لبرنامج الاصلاح الاقتصادى الذى نفذته الحكومة والبنك المركزى خلال السنوات الأخيرة وابتداءً من النصف الثانى من 2016..
ويأتى تحسن سعر صرف الجنيه متزامنًا مع تحسن كافة المؤشرات الاقتصادية للدولة حيث ارتفع معدل النمو الاقتصادى إلى 5.5%، كما زاد الاحتياطى النقدى للبلاد مقتربًا من 44.5 مليار جنيه ليغطى 8 أشهر واردات سلعية..
وقد سجل الدولار بنهاية الأسبوع الماضى 16.99 جنيه للشراء و17.09 جنيه للبيع مقارنة بنحو 17.87 جنيه للشراء و17.97 جنيه للبيع بنهاية 2018 بتراجع 87 قرشًا ونسبة انخفاض 4.8%..
وقد كان التراجع تدريجيًا بدءًا من يناير الماضى وهو الأمر الذى يؤكد استمرارية التحسن لاسيما بعد أن اتخذ البنك المركزى بداية العام قراره بالغاء آلية تحويل مستحقات المستثمرين الأجانب وتركها للبنوك العاملة بالسوق وهو ما أعطى مرونة أكثر لسعر الصرف الأمر الذى دفع الدولار للانخفاض مع ارتفاع التدفقات بالنقد الأجنبي.
وقد ساهم فى تحسن الجنيه أمام الدولار الأمريكي، تراجع فاتورة الاستيراد، مما قلل من الطلب على العملة الامريكية، وكشف جهاز التعبئة العامة والاحصاء، عن تراجع استيراد سيارات الركوب وكذلك المواد البترولية بشكل كبير خلال شهر فبراير الماضي.
وأكد الجهاز أن عجز الميزان التجارى بصفة عامة تراجع 2.7% إلى 3.63 مليار دولار فى فبراير حيث ارتفعت الصادرات 2.2% وتراجعت الواردات 0.7%.
وطبقًا للجهاز فإن الصادرات زادت إلى 2.48 مليار دولار فى فبراير من 2.43 مليار قبل عام، وبحسب ذات الأرقام فإن الواردات تراجعت إلى 6.11 مليار دولار فى فبراير من 6.15 مليار دولار قبل عام، بدعم من تراجع واردات المنتجات النفطية 25.5% وسيارات الركوب 2%.
وقد جاء تراجع واردات سيارات الركوب متزامنًا مع حملة «خليها تصدي».. كما تراجع استيراد المواد البترولية مع الزيادات الهائلة فى انتاج المواد البترولية والغاز لاسيما من حقل ظهر، وتحول مصر إلى مصدر بعد أن كانت مستوردًا للغاز.
وخلال الأيام الماضية أعلنت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) عن عرض 13 شحنة من الغاز الطبيعى المسال للتصدير من مرفأ إدكو خلال يونيو ويوليو.
وفى إبريل الماضى أعلنت (إيجاس)، أنها عرضت أربع شحنات من الغاز الطبيعى المسال للتحميل من مرفأ إدكو بين السادس من مايو وأول يونيو.. وبمقارنة الشحنات المعروضة للتصدير سيتضح اتجاهها للزيادة وهو ما يعزز من تدفقات النقد الأجنبى للبلاد ويقلل من فاتورة الاستيراد.
وتسعى البلاد للتحول إلى مركز رئيسى للطاقة فى المنطقة من خلال تسييل الغاز وإعادة تصديره، خاصة مع الاكتشافات الكبيرة من الغاز فى البحر المتوسط.
وبصفة عامة فقد تلقت مصرتدفقات كبيرة من النقد الأجنبى خلال الربع الأول من العام الجاري، وطبقًا لمسئول بالبنك المركزى، فإن إجمالى تدفقات النقد الأجنبى منذ يناير الماضى بلغت رقما قياسيا قدره 24.7 مليار دولار.
وهذه التدفقات تأتى كنتيجة مباشرة لارتفاع التحويلات المالية للمصريين العاملين فى الخارج، وزيادة تدفقات النقد الأجنبى للأجانب فى أدوات الدين الحكومية المصرية، وارتفاع إيرادات السياحة بشكل كبير، إلى جانب طرح سندات دولية وسط إقبال كبير من المستثمرين الأجانب على التغطية، وكذلك ارتفاع الصادرات وتراجع فاتورة الاستيراد.
كذلك فقد كانت مصر قد تسلمت فى فبراير الماضى شريحة بمليارى دولار من قرض صندوق النقد الدولي، البالغ 12 مليار دولار، ليصل بذلك إجمالى ما حصلت عليه القاهرة منذ توقيع اتفاق القرض فى نوفمبر 2016 إلى عشرة مليارات دولار.
وهناك أسباب كثيرة لزيادة تدفق المستثمرين الأجانب على السوق المصرية، والاقبال على تغطية السندات التى تطرحها فى الأسواق الدولية، ويأتى على رأسها تحسن التصنيف الائتمانى للبلاد من كافة مؤسسات التصنيف الدولية، ومؤخرًا قررت مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتمانى رفع التصنيف الائتمانى لجمهورية مصر العربية إلى B+ مع «نظرة مستقبلية مستقرة» مقابل التصنيف السابق B.
وهذا التصنيف يعد بمثابة شهادة من أهم مؤسسة عالمية على نجاح جهود الحكومة المصرية فى تنفيذ برنامجها الشامل للإصلاح الاقتصادى وهو ما سيسهم فى زيادة درجة الثقة فى قدرات الاقتصاد المصرى، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وخفض تكلفة التمويل للحكومة وللقطاع الخاص.
وتأتى شهادة صندوق النقد الدولى أمس الأول بالتوصل إلى اتفاق بشأن المراجعة الأخيرة لبرنامج الاصلاح الاقتصادى لتؤكد بقوة نجاح برنامج الاصلاح الاقتصادي.
حيث أعلن صندوق النقد الدولي، يوم الجمعة الماضي، أن بعثة من الصندوق توصلت إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع السلطات المصرية بشأن استكمال المراجعة الخامسة والأخيرة لبرنامج مصر الاقتصادى فى ظل «تسهيل الصندوق الممدد»، وهو ما يعنى موافقة مبدئية على صرف الشريحة الأخيرة من قرض الصندوق لمصر.
وأوضح «الصندوق» أن السياسات النقدية والمالية الرشيدة وسعر الصرف المرن كانت ركيزة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى الكلى وتعزيز صلابة مصر فى مواجهة الصدمات الخارجية، بينما ساعدت إجراءات الحماية الاجتماعية على تخفيف عبء الإصلاح الاقتصادى عن المواطنين.
وأضاف الصندوق :»فى الفترة القادمة، نرحب وندعم رغبة السلطات المصرية فى تعميق الإصلاحات الهيكلية لتيسير النمو الاحتوائى وخلق فرص العمل للجميع».
وأكد الصندوق أن إصلاح دعم الوقود ساهم بدور حيوى فى خلق حيز للإنفاق على برامج اجتماعية أكثر استهدافا للمستحقين تقدم المساعدة للفئات الأقل دخلا.
وقام فريق من خبراء صندوق النقد الدولى بقيادة سوبير لال بزيارة مصر فى الفترة من 5-16 مايو 2019 لإجراء المراجعة الخامسة والأخيرة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى الذى يدعمه اتفاق لمدة ثلاث سنوات فى إطار «تسهيل الصندوق الممدد وفى ختام الزيارة، أصدر «لال» بيانه بالتوصل إلى اتفاق بشأن المراجعة الأخيرة.
وكل هذه الشهادات من المؤسسات الدولية تدعم تحسن الجنيه أمام الدولار والعملات الأخرى وتؤكد نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي، وفى إطار المؤشرات الايجابية لتدفقات النقد الأجنبى وكذا الشهادات الدولية التى تعزز الثقة فى الاقتصاد المصري، ترتفع التوقعات بأن يشهد الجنيه مزيدا من التحسن خلال الفترة المقبلة ليصل الدولار إلى مستوى 15 جنيهًا بنهاية العام الجاري.
وثمة مؤسسات دولية لديها قناعة بأن القيمة العادلة للدولار أمام الجنيه أقل بكثير من القيمة المتداولة..
حيث أظهر مؤشر «بيج ماك» الذى تعتمده مجلة «إيكونوميست» البريطانية لتقييم عملات الدول، أن الجنيه المصرى أكثر عملة عربية مقيمة دون قيمتها الحقيقة، لافتة إلى أنه مقيم بأقل من قيمته الحقيقية أمام الدولار بنحو 60% أى أن القيمة الحقيقية للدولار فى حدود 7 جنيهات فقط وليس السعر المتداول الحالي.
وقد شهد الاحتياطى النقدى للبلاد ارتفاعًا فى الفترة الأخيرة ليقترب من 44.5 مليار دولار، كما زادت تحويلات المصريين فى الخارج إلى 25 مليار دولار.. وشهدت ايرادات قناة السويس والسياحة والاستثمار الأجنبى المباشر وغير المباشر تدفقات قوية استطاعت تدعيم الجنيه.
توقع خبراء اقتصاديون ومصرفيون أن يشهد سعر الدولار الأمريكى مزيدا من الهبوط أمام الجنيه المصرى خلال الفترة المقبلة، بدعم من التفاؤل بالاقتصاد المصرى وبدء جنى ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادى ونجاح السياسة النقدية للبنك المركزى فى منع المضاربات على العملة وتوفير احتياجات الدولة من العملات الأجنبية وإعادة النقد الأجنبى للتداول فى قنواته الطبيعية بالبنوك بعيد عن السوق السوداء.