الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«اللى فاهم يقول».. دراما اجتماعية هزلية ساخرة من «جواب» الحاج سويلم!

«اللى فاهم يقول».. دراما اجتماعية هزلية ساخرة من «جواب» الحاج سويلم!
«اللى فاهم يقول».. دراما اجتماعية هزلية ساخرة من «جواب» الحاج سويلم!




عوض الفنان أمير صلاح الدين غيابه عن دراما رمضان هذا العام بإخراج وتمثيل العرض المسرحى «اللى فاهم يقول» للمؤلف ناجى جورج والذى قدم الأسبوع الماضى على خشبة مسرح الفلكى كما تم عرضه أمس الخميس على مسرح ساقية عبد المنعم الصاوي، «اللى فاهم يقول» مأخوذة عن مسرحية «جواب» للكاتب ناجى جورج، والتى تدور أحداثها بالواحات الخارجة مكان نائى يعيش أهله مغيبين عن الواقع معظمهم لا يتقن القراءة والكتابة يأتى جواب لسويلم أحد مواطنى هذه الواحة ويعجز عن قراءته يحاول الاستعانة بابنته وابنه وصديقه وأكثر من شخص من سكان الواحة لكن الجميع يفشل فى قراءة الجواب والشخص الوحيد المتعلم فيهم «أعمى» وهو الشيخ أبو العينين تمر ليلة كاملة إلى أن يأتى دكتور بيطرى جاءوا به من البندر خصيصًا كى يقرأ عليهم محتوى الجواب، ثم يقرأ لابنته جوابات حبيبها والتى كانت تظن دائمًا أنه يتغزل بها ثم يفاجئها سبه وكراهيته الشديدة لها كما يفاجأ سويلم بفصله من العمل وفوات ميعاد ذهابه بسبب تأخره فى قراءة محتوى الجواب.

عمل مسرحى يتناول بالنقد والتعرية واقع مجتمع أمى حتى أن فقيههم وعالمهم أعمى قدم المؤلف هذا النقد اللاذع لواقع المجتمع الذى ربما يعانى من الأمية فى إدارة حياته مما قد يعرضه للهلاك دون أن يدري، يعتمد على فقيه الواحة الشيخ أبو العينين فى إرشاده لطريق الصواب وكشف الحقائق الغائبة عنهم باعتباره الأكثر تعلمًا وفقها لكن فى لفتة ذكية وموحية جعل الكاتب هذا الشيخ أعمى وكأنه يحيا بيننا اليوم فى واقع مرير قد لا يراه الكثير من الدعاة والمشايخ فهم يعيشون فى جزر منعزلة عن الواقع ولا يستطيعون النجاة بمجتمع أرهقته الأمية الدينية والاجتماعية عن ممارسة أبسط حقوقهم فى الحياة أو عن رؤية الحياة ببصيرة العالم، افتقد هذا الرجل ومعه أهل الواحة للبصر والبصيرة مما أوقعهم فى أزمة كبرى إلى أن جاء الطبيب البيطرى السكران الذى يقرأ عليهم محتوى الجواب فتنكشف لهم الحقيقة ويتأكد سويلم من فصله نهائيًا من العمل وخراب بيته بسبب جهله هو وأهل قريته.
قدم أمير صلاح الدين هذا العمل فى قالب كوميدى موسيقى غنائى جمع بين السخرية والهزل والكوميديا الراقية التى صاحبها الغناء أغنية «أنا عادي» و«لسه بخاف» كلمات محمد إبراهيم وألحان أمير صلاح الدين، «أنا الذى إن شاء الله» كلمات وألحان أمير صلاح الدين وتوزيع الأغانى لشريف الوسيمي، بجانب متعة الأغانى وألحانها التى أضفتها على العرض لخصت أوجاع كثيرة لأهل هذا المكان، بدأ العرض بتسريب المخرج لأعذار الممثلين عن البروفات وتوجيهه لهم بضرورة الحضور والتجمع فى مواعيد محددة وهو ما كان تمهيدًا للقالب الساخر الهزلى الذى غلف العمل بالكامل فى حين أنه يتناول قضية تدعو إلى الحزن والإحباط واليأس من واقع هذا المجتمع المعزول عن الحياة .
لعب بطولة العرض مجموعة مهمة ومتميزة من ممثلى المسرح الذى تعمد المخرج أن يجعله بطولة جماعية كى تكتسب القضية واقعية أكثر فبجانب سويلم أمير صلاح الدين التف حوله الجميع ابنته وابنه وأصدقائه كى يحلوا له أزمة هذا الجواب المبهم وفى أجواء الواحة التى صنعها مهندس الديكور بإتقان شديد وبين أناس يجهلون أى شيء ويفتقدون القدرة على التواصل توزعت الأدوار بين الممثلين الموهوبين الذين لعبوا معًا مثل الأوركسترا السيمفونى فلم ينشز منهم أحد بل لعبوا كفريق متكامل تجمعهم نغمة واحدة سواء أثناء الغناء أو التمثيل وكان المخرج هو المايسترو كما شارك فى بطولة العرض بدور سويلم مع الأبطال ريم السيد، عبد الرحمن بلال، حازم رزق، أحمد سيف، عمر شقير، ربا الشريف، ريم قنديل، رباب ناجي، ماهر الحجار، إيهاب يوسف، محمد رزق، وكانت مفاجأة العرض الفنان أشرف فاروق الذى خرج علينا مع اقتراب موعد النهاية فعلى يده تم حل لغز الجواب، لعب فاروق شخصية الدكتور البيطرى الذى جاء لإفاقة هذه القرية من غفلتها برغم سكره وعدم إدراكه الكامل للواقع إلا أنه حل لغز الجواب، لم يشارك أشرف فاروق فى بطولة العرض من البداية بل كان دوره مقتصرًا على حل العقدة فقط؛ لكن برغم صغر حجم الدور إلا أنه ترك بصمة كبيرة بأدائه المميز والممتع الذى أضفى على العمل شكل آخر ونوع مختلف من الكوميديا بابتسامته الساخرة واستهزائه المستمر وازدرائه لمن حوله حافظ على هذه الحالة من اللامبالاة حتى نهاية العرض خبرة وذكاء وأداء فنى رفيع لدور ضئيل الحجم عميق المضمون، «اللى فاهم يقول» دراما اجتماعية هزلية ساخرة قدم بها صلاح الدين مع المؤلف ناجى جورج نوع آخر ومستوى أرقى من الكوميديا  الاجتماعية التى يندر التطرق إليها فى مسرحنا المعاصر، كوميديا حملت قضايا موجعة فى قالب فنى ممتع.
المعروف أن المؤلف ناجى جورج هو كاتب صحفى ساخر كتب مئات المقالات للعديد من الصحف وخاصة جريدة الأهالى تحت عنوان «يوميات موظف» والتى عبر فيها عن هموم الطبقة المتوسطة، وقد عمل خبيرًا بوزارة العدل لسنوات طويلة كتب للسينما سيناريو وقصة فيلم «الكلام فى الممنوع» بطولة نور الشريف، كتب العديد من المسرحيات للقطاع العام والخاص مثل «عزبة القرود» لفرقة الثلاثى و«لعبه اسمها الفلوس» لفرقة المتحدين، ومسرحية «جواب»، و«إنى أعترض» توفى فى ٣ أبريل من عام ٢٠٠٢.