الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الخلق الحسن مفتاح الفوز بثواب ليلة القدر

الخلق الحسن مفتاح الفوز بثواب ليلة القدر
الخلق الحسن مفتاح الفوز بثواب ليلة القدر




مع بداية العشر الأواخر من رمضان، يتحسس المسلمون أثر ليلة قال عنها الله - عز وجل إنها خير من ألف شهر، وهى ليلة القدر التى تسوق المسلمين إلى المساجد بكثافة، وتوقظ ليل المتهجدين، وترفع المصاحف فوق الأكف، ابتغاء نيل ثوابها، فيتنافس المسلمون لحصد أكبر قدر من الحسنات فى تلك الليلة، وتبدأ التساؤلات مع فجر كل ليلة وترية، هل هى ليلة القدر؟ وماذا ترك لنا القرآن والسنة من دلالات للتعرف عليها؟ وهل يُحرم البعض من ثوابها؟

يقول الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، «إن تحرى ليلة القدر فى حد ذاته يعتبر عبادة، والغرض من التحرى هنا أن تُشحذ همم المسلمين، بتكثيف العبادة والتقرب إلى الله بالدعاء»، متابعا: « أى إنسان يتحرى الليلة فى يوم من رمضان يفوز بالثواب، لكن إصابة الليلة بالتحرى ليست مهمتنا».
لا يفز الجميع بثواب ليلة القدر، حتى وإن كانوا قائمين متهجدين، ويبرر «النجار» ذلك، بعدم انعكاس الصلاة والعبادة على سلوكيات النفس البشرية، قائلا: «مشكلتنا أننا نفرق بين عتبة المسجد والشارع، فتجد الناس فى المسجد طيبين وصالحين.. ومن يفرق بين عتبة المسجد وبين الشارع صلاته لا تثمر، ويجب أن تزال عتبة المسجد، وما يكون داخل المسجد ينعكس أثره فى التعاملات مع الناس، والمفترض أن تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر، وباقى العبادات تربى بداخلنا مجموعة من القيم، فلم يشرع الله العبادات لأنه فى حاجة لها».
فيما يطلق الدكتور أحمد عشماوي، أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم، على ليلة القدر مصطلح «أوكازيون الحسنات»، لما تحمله من فرصة عظيمة لكل مسلم يطمح فى حصد أكبر قدر من الحسنات، واغتنام فرصة هذه الليلة.
يقول عشماوي: «ليلة القدر مشتقة من التقدير، وهى ليلة عظيمة نزل فيها القرآن، جعل منها الله أوكازيون يتحصل فيها المسلم على حسنات مضاعفة لأنها خير من ألف شهر، وقيل إن الله أعطى لأمة محمد هذه الليلة لأن أعمارهم قصيرة ما بين الستين والسبعين».
أمرنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم – بتحرى الليلة فى الوتر من العشر الأواخر فى رمضان، ويستكمل أستاذ التفسير: « وقع خلاف على تحديد الليلة، فقال رأى إنها ليلة 29، وهو الرأى الأضعف، لكن هناك رأى لابن عباس، وعليه الكثير من الإجماع، أن هذه الليلة فى السابع والعشرين من الرمضان, وجاء ذلك لما يحمل رقم 7 من دلالات عديدة».
إعجاز عددى يوضحه الدكتور عشماوى فى الرقم 7، والذى يستند عليه فى ترجيح ليلة السابع والعشرين لتكون هى ليلة القدر: «حينما نعد كلمات سورة القدر سنجد أن كلمة (هي) فى الآية (سلام هى حتى مطلع الفجر) محلها فى الترتيب رقم 27 من بين كلمات الآية، وهذا ليس مصادفة، وإنما هو إعجاز عددى يشير إلى أن ليلة القدر يوم 27، هذا بخلاف ما يحمله العدد 7 من دلالات، فعدد السموات سبع، والأرض سبع، وأقل عدد أشهر للجنين فى بطن أمه 7 أشهر، والأشواط حول الكعبة المشرفة 7، وبالتالى اعتمد ذلك الرأى على أن ليلة السابع والعشرين هى ليلة القدر».
أما عن العلامات الفلكية التى تحدث عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال إنها ليلة صافية لا يكون فيها غيوم، ولا تسلط عليها شياطين، وتصدر الشمس صافية لا شعاع لها، ويضيق عشماوي: «الكثير من الصحابة أكدوا على أنها ليلة السابع والعشرين لأنها تصادف العلامات التى ذكرها الرسول.. وهناك رأى ضعيف يقول إنها ليلة متنقلة بين الليالى الوترية فى العشر الأواخر».
الدكتور أحمد حسين إبراهيم، وكيل كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، يؤكد على أن الله أمرنا بتحرى ليلة القدر فى رمضان، ويضيف: بل وفى كل ليلة من رمضان، والبعض قال إنها أول ليلة فى رمضان، وآخرون أكدوا أنها فى العشر الأوائل، والأرجح أنها فى الوتر من العشر الأواخر»، متابعا: «المطلوب من المسلم أن يحافظ على قيام رمضان كاملا، ويكون فى حالة استعداد كاملة، ومن الرحمة الإلهية أن يخصنا الله بهذه الليلة دونا عن أى أمة أخرى».
يشدد وكيل كلية الدعوة على أن قيام ليلة القدر لا يمنح صاحبه ترخيصا بإهمال سلوكياته الشخصية مع الناس، موضحا: «هذا لا يعنى أن يفعل المسلم ما يحلو له طوال السنة، ويعتمد على قيام ليلة القدر، وهنا تتجلى ظاهرة غريبة جدا، فترى البعض يحرصون كل الحرص على علاقتهم برب العباد ويهملون معاملات الناس، معتمدين على صلاتهم وقيامهم فقط، ومن يفكر بذلك الشكل إنسان مسكين، لا يعرف أن الدين خلق وسلوك، ويعتقد أن قيام ليلة القدر يغفر ما تقدم من ذنبه».
 الدين ليس ليلة القدر فقط، أو شهر رمضان، بل الدين موجود طوال العام فى سلوكياتنا وتعاملاتنا، وصدقاتنا وصلواتنا طوال العام، لكن رمضان عبارة عن دورة تدريبية للنفس البشرية، على حد قوله.
خالد وحيد، باحث وداعية إسلامي، يؤكد اختلاف العلماء فى تحديد موعد  ليلة القدر  بدقة، وذلك بسبب اختلاف الروايات عن النبى صلى الله عليه و سلم، فمن الأحاديث الشريفه ما يشير إلى أنها فى السبع ليال الأواخر، وحسب روايات أخرى أنها فى العشر الأواخر، بينما رجح البعض – وهو الرأى الأكثر شيوعا - أنها ليلة السابع والعشرون.
«وحيد» يحذر من خسارة ثواب ليلة القدر، قائلا: «من حرم ثواب الليلة فقد حرم خيرا كثيرا ذلك لأنه قد أضاع فرصة ثواب عبادة 83 سنة، بأن يصر على معصية الله فى العشر الآواخر، أو يترك ذكر الله والدعاء.. ويذكر أن من صلى العشاء فى جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر فى جماعة فكأنما قام الليل كله، فإذا فعل الإنسان ذلك فى ليلة القدر فقد أخذ ثواب قيامها».