الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رؤية مصرية لمواجهة تحديات الأمن الـقومى العربى والخليجى

رؤية مصرية لمواجهة تحديات الأمن الـقومى العربى والخليجى
رؤية مصرية لمواجهة تحديات الأمن الـقومى العربى والخليجى




حملت كلمتا الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال مشاركته بالقمة العربية الاستثنائية وقمة منظمة التعاون الإسلامى، العديد من الرسائل، أهمها أن العمل العربى المشترك هو السبيل الوحيد لحل أزمات المنطقة، علاوة على أن الطريق للقضاء على الإرهاب والتطرف لن يكون سوى بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً وشاملاً يضمن للشعب الفلسطينى حقوقه فى إقامة دولته على حدود الـ4 من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بالإضافة لتشديده على ضرورة التصدى لأى محاولة للتدخل فى شئون الدول العربية.

السيسى: العمل العربى المشترك السبيل لردع أى محاولة للمساس بأمننا

جاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام القمة العربية الاستثنائية التى دعت لها المملكة العربية السعودية، لتؤكد أن أمن الخليج جزء من الأمن القومى المصرى، حيث بدأ الرئيس كلمته بتوجيه الشكر إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، عاهل المملكة العربية السعودية، لدعوته لعقد هذه القمة فى مكة المكرمة، وعلى كرم الضيافة وحسن التنظيم.
وقال الرئيس: «لا شك أن قمتنا تنعقد اليوم فى ظل تهديدات خطيرة وغير مسبوقة تواجه الأمن القومى العربي، خاصة فى منطقة الخليج ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة، ولا أظننى بحاجة لأن أؤكد أن أمن منطقة الخليج العربى يمثل بالنسبة لجمهورية مصر العربية إحدى الركائز الأساسية للأمن القومى العربى، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا وعضويًا بالأمن القومى المصرى، ومن هنا فإن أى تهديد يواجه أمن الخليج، ومن ثم الأمن القومى العربى، يقتضى منا جميعًا وقفة حاسمة لمواجهته، بمنتهى الحكمة والحزم».
وتابع الرئيس:» فالحزم مطلوب لتصل الرسالة للقاصى والدانى بأن العرب ليسوا على استعداد للتفريط فى أمنهم القومى ولن يقبلوا أى مساس بحق من حقوقهم، كما أن الحكمة ضرورية لاحتواء أى توتر ومنع انفجاره، فالعرب كانوا ولا يزالوا دائمًا دعاة سلم واستقرار، مضيفًا:» واسمحوا لى أن اغتنم فرصة اجتماعنا اليوم، فى هذه البقعة المباركة، لاستعرض معكم عناصر الرؤية المصرية لكيفية التعاطى الحازم والحكيم مع التهديدات التى اجتمعنا اليوم لمناقشتها، ومع التهديدات التى تواجه الأمن القومى العربى بشكل عام، ولعلى أوجز هذه الرؤية فى أربعة عناصر أساسية».
وتابع الرئيس: «أولًا»: إن الهجمات التى تعرضت لها المرافق النفطية فى المملكة العربية السعودية الشقيقة مؤخرًا من جانب ميلشيات الحوثى، والمحاولات المتكررة لاستهداف أراضيها بالصواريخ، وكذلك الاعتداءات التى تعرضت لها الملاحة فى المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية الشقيقة، تمثل بدون شك أعمالًا إرهابية صريحة، تتطلب موقفًا واضحًا من كل المجتمع الدولى لإدانتها أولًا، ثم للعمل بجميع الوسائل لردع مرتكبيها ومحاسبتهم، ومنع تكرار هذه الاعتداءات على الأمن القومى العربي، وعلى السلم والأمن الدوليين، وإذا كنا نطالب المجتمع الدولى بتحمل مسئوليته كاملة تجاه هذه التهديدات الإرهابية، فإن علينا كعرب أيضا مسئولية لتفعيل آليات التعاون العربى فى مجال مكافحة الإرهاب وتدعيم قدراتنا الذاتية على مواجهته، بل ربما تمثل هذه التهديدات الإرهابية الأخيرة لأمننا القومى العربى مناسبة مهمة لتجديد النقاش حول تفعيل آليات العمل العربى المشترك، القائمة بالفعل أو التى تم اقتراحها ولم تتبلور بعد، فهذا هو السبيل الكفيل باستعادة زمام المبادرة للعرب، وتمكينهم من ردع ومواجهة أي محاولة للمساس بالأمن القومى العربى بشكل سريع وحاسم».
 وأضاف: «ثانيًا»: بالتوازى مع التضامن الكامل مع الأشقاء فى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودعمهم فى مواجهة أى تهديدات للأراضى أو المنشآت أو المياه الإقليمية فى أى من الدولتين العربيتين الشقيقتين، فإن هناك حاجة لمقاربة استراتيجية لأزمات المنطقة وجذور عدم الاستقرار والتهديدات التى تواجه الأمن القومى العربى، بحيث تجمع بين الإجراءات السياسية والأمنية، فالدول العربية، فى الوقت الذى لن تتسامح فيه مع أى تهديد لأمنها، تظل دائمًا على رأس الداعين للسلام والحوار، ولنا فى قوله تعالى «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله» نبراس ومبدأ نهتدى به، فلا يوجد أحرص من العرب على علاقات جوار صحية وسليمة، تقوم على احترام سيادة الدول العربية وعدم التدخل فى شئونها، والامتناع عن أى محاولة لاستثارة النعرات الطائفية والمذهبية، وكل من يلتزم بهذه المبادئ سيجد يدًا عربية ممدودة له بالسلام والتعاون».
وأردف: «ثالثًا»: إن المقاربة الاستراتيجية المنشودة للأمن القومى العربي، تقتضى التعامل بالتوازى مع جميع مصادر التهديد لأمن المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية والمصدر الأول لعدم الاستقرار فى المنطقة، فلا يمكن أن يتحقق الاستقرار فى المنطقة، بدون الحل السلمى الشامل الذى يلبى الطموحات الفلسطينية المشروعة فى الاستقلال وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كما أنه لا معنى للحديث عن مقاربة استراتيجية شاملة للأمن القومى العربي، بدون تصور واضح لمعالجة الأزمات المستمرة فى سوريا وليبيا واليمن، واستعادة وحدة هذه الدول وسيادتها وتحقيق طموحات شعوبها فى الحرية والحياة الكريمة فى ظل دول موحدة ذات سيادة، وليست مرتهنة لإرادة وتدخلات وأطماع دول إقليمية أو خارجية أو أمراء الحرب والميلشيات الإرهابية والطائفية.
واستطرد: «رابعًا: إن الشرط الضرورى لبناء هذه المقاربة الاستراتيجية الشاملة للأمن القومى العربى يجب أن يقوم على مواجهة جميع التدخلات الإقليمية أو الخارجية فى الدول العربية بنفس الدرجة من الحزم، فلا يمكن أن تتسامح الدول العربية مع أى طرف إقليمى يهدد أراضى ومنشآت ومياه دول عربية شقيقة وعزيزة، أو أن يسعى لممارسة نفوذه فى الدول العربية من خلال ميلشيات طائفية تعمل لتحقيق مصالحه الضيقة، وبنفس المنطق، فإنه لا يمكن أن تقبل الدول العربية استمرار تواجد قوات احتلال عسكرية لطرف إقليمى على أراضى دولتين عربيتين شقيقتين، أو أن يدعم طرف إقليمى بالسلاح والعتاد سلطة ميلشيات ويغذى الإرهابيين على مرأى ومسمع من المجتمع الدولى كله.
وأكد الرئيس أن الأمن القومى العربي، وما يقوم عليه من علاقات جوار سليمة وصحية، يقتضى فى المقام الأول وقفة صدق وحزم مع كل طرف إقليمى يحاول التدخل فى الشأن العربي، كما يقتضى وقفة مصارحة مع أى طرف عربى يحيد عن مقتضيات الأمن القومى العربى ويشارك فى التدخلات فى الشئون الداخلية للدول العربية.
وقال السيسى:«لقد اجتمعنا اليوم، لنوجه رسالة تضامن لا لبس فيها مع الأشقاء فى كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ولنجدد عزمنا على بناء مقاربة استراتيجية شاملة للأمن القومى العربى، تستعيد زمام المبادرة التاريخية للعرب، وتتناسب مع حجم المخاطر والتحديات التى تواجه أمننا العربى فى هذه المرحلة، ومع طبيعة الآمال التى تعلقها الشعوب العربية على اجتماعنا، وفقنا الله جميعًا لما فيه خدمة قضايا أمتنا العربية وصيانة أمنها القومى».