الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«هيومن رايتس وواتش».. تاريخ طويل من التضليل وتزييف الحقائق

«هيومن رايتس وواتش».. تاريخ طويل  من التضليل وتزييف الحقائق
«هيومن رايتس وواتش».. تاريخ طويل من التضليل وتزييف الحقائق




كتب ـ أحمد عبدالهادى

 

مازالت منظمة هيومن رايتس ووتش، مصرة على اختلاق الأكاذيب وتدويرها حول حقوق الإنسان فى مصر، فعلى الرغم من كشف الهيئة العامة للاستعلامات تلك الأكاذيب إلا أنها مازالت تختلق شائعات جديدة وكأنها تتعامل مع جمهور ساذج تنطلى عليه مثل هذه الإدعاءات العارية عن الصحة، والتى كان آخرها التقرير التى أصدرته فى 28 مايو الماضى حول الأوضاع فى سيناء.
التقرير المزعوم، حمل الكثير من المغالطات والادعاءات فيما يتعلق بالأوضاع فى سيناء، مستندًا فيما أورده منها إلى جهات مختلفة معروف عنها عداؤها البين مع النظام السياسى المصرى، ومحاولاتها المتواصلة لتشويه صورته أمام المجتمع الدولى، علاوةً على أن مضمون التقرير شمل الكثير من المزاعم حول حالات وردت فيه، دون محاولة المنظمة تقديم أو إثبات ذلك بأى دليل حقيقى يقول بصدقية هذا الادعاء.
فى هذا السياق، قامت وحدة حقوق الإنسان بالهيئة العامة للاستعلامات، بإعداد رد تفصيلى على المزاعم والإدعاءات الواردة فى تقرير المنظمة المعادية لمصر «هيومن رايتس وواتش»، وذلك على النحو التالى:
المنهجية واهية ومنحازة
افتقر المنهج المتبع فى إعداد التقرير للأسس المهنية المتعارف عليها دوليًا فى إعداد مثل هذه التقارير، حيث ذكر التقرير أنه تم إجراء 54 مقابلة مع السكان فى سيناء، دون أن يوضح النقاط التى تعتبر ضرورية لتأكيد مدى صحتها وهى عدم تحديد هوية أى من الأشخاص الذين زعم التقرير أنه تم إجراء المقابلات معهم، حيث ذكر أن المقابلات أُجريت داخل وخارج مصر، وإن كان هناك إشارة من المنظمة بعدم كشف هوية أشخاص داخل مصر، فما هو السبب الحقيقى لحجب هوية أشخاص تزعم المنظمة أنها قابلتهم خارج مصر، يعيشون فى أماكن يسهل الوصول إليها وفى دول يتمتعون بحمايتها؟ ويثير هذا الأمر الدهشة، ويطرح تساؤلات واسعة حول جدية التقرير وصدقيته والهدف الحقيقى منه، حيث المصدر الرئيسى الذى بُنى عليه منهجيته ومضمونه واتهاماته مجهل تحوط حقيقته الشكوك والتساؤلات.
التقرير لم ينشر صورًا أو بيانات خاصة بمن أجرت معهم المقابلات المزعومة خارج مصر، ولا مقاطع فيديو، ولو على نحو مشابه لما تفعله بعض المحطات التليفزيونية بتغطية وجه المتحدث، أو إخفاء معالم الوجه، أو تصويره من الخلف، كما تجاهل أيضًا هوية الأشخاص الذين قاموا بإجراء المقابلات الـ54 المزعومة، باستثناء عمرو مجدى واستشاريين لم تحُدد هويتهما ولا المؤهلات التى تدفع للوثوق بأهليتهما لإجراء مثل هذه المقابلات بصورة موضوعية محايدة، كما لم يكشف التقرير عمن أجرى من هؤلاء الثلاثة المقابلات المزعومة داخل مصر وخارجها.
لا توجد أى اشارة سواء فى الهوامش أو المتن لمحاولة معدى التقرير إجراء أى مقابلة سواء داخل مصر أو خارجها مع مصادر رسمية أو شبه رسمية أو مؤيدة لمواقف الحكومة المصرية، كما لا توجد كذلك أى إشارة إلى محاولة اللجوء للسفارات أو المكاتب الإعلامية فى الخارج لإجراء مقابلات، كما لم يتطرق التقرير إلى الوسائل التى تم اتباعها فى إجراء المقابلات المزعومة سواء داخل مصر أو خارجها، ولم يتحدث عن وسائل أخرى فى إجراء هذه المقابلات مثل «سكايب»، أو «وسائل التواصل الاجتماعى» لمن هم داخل مصر، وخصوصًا المصادر الرسمية وشبه الرسمية والمؤيدة لمواقف الحكومة المصرية.
وعلى هامش التقرير هناك إشارات إلى استخدام الهاتف والرسائل النصية خلال إجراء المقابلات، هنا تزداد الدهشة لماذا لم يتضمن التقرير، ولو نسخة واحدة من هذه الرسائل.
رغم استشهاد التقرير بمقولات بعض ممن يمثلون رأيًا آخر موضوعيًا بشأن الأوضاع فى سيناء مخرجًا إياها من سياقها، لم يتضمن التقرير أى إشارة، سواء من قريب أو بعيد، لأية محاولة للباحث الرئيسى للتقرير التثبت من إدعاءاته بشأن ما ورد فى التقرير من خلال إجراء مقابلات مع هؤلاء الأشخاص فى المناسبات الحقوقية التى جمعتهما خارج مصر، وكان أخرها الدورة رقم 40 لمجلس حقوق الإنسان التى عقدت بمقر الأمم المتحدة فى جنيف مارس 2019.
الوثائق الطبية والقانونية
زعم التقرير أن باحثى المنظمة قاموا بمراجعة الوثائق الطبية والقانونية التى قدمت إليهم من الضحايا أو عائلاتهم، حيث دأبت المنظمة على تكرار إدعاءاتها دون نشر أى من هذه الوثائق المزعوم إطلاعها عليها، فقد حدث هذا من قبل، فى تقريرها الصادر فى 6/9/2017 حول مزاعم بالتعذيب داخل السجون المصرية، حيث جاء التقرير فى 63 صفحة متضمنًا ـ حسب مزاعمها ـ شهادات 19 سجينًا سابقًا وشهادة أسرة سجين آخر تعرضوا لأساليب من التعذيب ما بين عامى 2014 و2016.
وزعمت «هيومن» أنها وثقت حالات التعذيب المشار إليها، بينما لم تقدم ولو قصاصة ورق واحدة تثبت ما تزعمه، سواء فى التقرير أو بتقديمه للنيابة العامة المصرية، كما اتبعت المنظمة نفس المنهجية، أى غياب أى وثيقة أو شهادة أو دليل على مزاعم التعذيب أو القتل فى روايتها السابق الإشارة إليها بشأن التعذيب المزعوم للمواطن المصرى الأمريكى «خالد حسن».
وتكرر الأمر حرفيًا فى التقرير الخاص بشأن الأوضاع فى سيناء، فلم تورد المنظمة فيه لا صورة ولا حتى اقتباسًا من وثيقة طبية أو قانونية واحدة من تلك التى تزعم أنها تمتلكها أو قامت بمراجعتها، لكى تؤيد رواياتها عن الأحداث والوقائع المزعومة، فضلاً عن ذلك، فهناك فى تقرير سيناء كغيره من تقارير المنظمة السابقة عن مصر، مجهولية الجهات التى تقوم بإعداد أو فحص الوثائق والشهادات الطبية والقانونية التى تزعم المنظمة امتلاكها أو الاطلاع عليها.
فقد سبق الحديث عن «خبراء الطب الشرعى المستقلين» الذين قاموا بفحص «خالد حسن» دون تحديد لهويتهم وجنسياتهم والجهات الفنية التى ينتمون إليها، ومدى وجود خلفيات سياسية لهم، وهل هم تابعون للمنظمة، رغم المطالبات بكشف هوية هؤلاء، ومتى رأوا خالد، ومن كان وراؤهم.
أما فى تقرير سيناء، فلا توجد سوى إشارة لباحثى المنظمة «عمرو مجدى، وباحث آخر، ومتدرب»، دون تحديد لهويتهم وخبراتهم فى مجالى الطب والقانون والمستوى العلمى والعملى بما يؤهلهم لعمليات فحص ومراجعة فنية طبية وقانونية لوثائق تتوقف عليها صحة الاتهامات الخطيرة التى تسوقها المنظمة للحكومة المصرية.
عرض التقرير مجموعة من الصور، وجدت الهيئة عليها بعض الملاحظات، ففى الصورة الأولى نشرت لوضع عصابات على أعين أشخاص وصفهم التقرير بأنهم «معتقلون» رغم أن تعريفهم الحقيقى لهم هو «إرهابيون» تم القبض عليهم وفقًا لإجراءات القانون المصرى ومن يتم حبسه منهم فيكون بقرار من سلطة التحقيق القضائية، وقد كتب أسفل الصورة أن الجيش فرض عليهم تعصيب عيونهم، وما غاب عن المنظمة أثناء سعيها لتشويه صورة الحكومة المصرية، هو أن تعصيب عيون الإرهابيين عند القبض عليهم، هو تقليد أمنى معروف وممارس فى جميع أنحاء العالم.
كما لم يتضمن التعريف الكامل بالصورة حقيقة السياق الذى وردت فيه ـ رغم الإشارة لاقتطاعها ـ فقد وردت ضمن جهود الدولة المصرية فى محاربة الإرهاب فى شمال سيناء، وليس حملات اعتقال لمواطنين.
أما الصورة الخاصة ببعض المحتجزين، وصورة طفل أُلقى القبض عليه لمساعدته الجماعات الإرهابية فى مراقبة تحركات قوات إنفاذ القانون، فهما إما مقتطعتان من فيديوهات أو منقولتان من صفحات على الفيسبوك، حيث توجد فجوة زمنية بين نشر الصورة وتاريخ الإطلاع عليها من المنظمة، ما يجعل إدراك المنظمة لما يمكن أن يكون قد جرى بين التوقيتين مشوشًا وملتبسًا.
وفى هذا السياق يشار إلى أن استخدام الأطفال والنساء من قبل الجماعات الإرهابية يعد شائعًا فى مختلف مناطق العالم ومنذ فترات طويلة، وهو ما يدفع السلطات الأمنية فى كل دول العالم ـ ومنها المصرية - لإخضاعهم للإجراءات القانونية السارية فيها.
وحول صورة لجثث، ذكر التقرير أنها وصلت إلى المنظمة عبر ناشط من سيناء، مجهول الهوية طبعًا كعادة المنظمة فى المصادر التى تستند إليها، كما أن الواقعة غير محددة المكان ولا التوقيت، ففى أية بقعة تحديدًا من سيناء البالغ مساحتها نحو 66 ألف كم2 وقعت هذه الواقعة ـ إذا سلمنا بصحتها - الأمر الذى يشكك فى الواقعة برمتها لانتفاء العناصر الرئيسية المؤكدة لها «الزمان ـ المكان - المصدر الرئيسى لالتقاطها»،  ويضاف إلى ذلك أن التطور التقنى يُمَكن من تركيب الصور وتغيير ملامح أفرادها، وما يؤكد ذلك فى هذه الصورة إخفاء المنظمة وجوه جثث القتلى المزعوم تصفيتهم خارج إطار القانون من جانب السلطات المصرية.
مواقع التواصل الاجتماعى
من بين المصادر التى اعتمد عليها التقرير فى منهجيته، مواقع التواصل الاجتماعى، ولكن اللافت والمثير للدهشة أنه استخدم حسابًا على الفيس بوك يثير للوهلة الأولى الاستغراب، فالحساب اسمه «مو عامر» أدعى التقرير أنه لضابط يزعم أنه شارك فى الأحداث التى نقلها الفيديو الوارد فى التقرير، واعتمد عليه كثيرًا فى محاولة إثبات مزاعمه.. وهنا نورد مجموعة نقاط جديرة بالذكر، بينما يبلغ عدد الحسابات لمستخدمى الفيس بوك نحو 3 مليارات مشترك، فيبدو أنه نظرًا للمهارة الفائقة والدقة المتناهية لباحثى «هيومن» فقد تمكنوا من العثور بينها جميعًا على الحساب غير معلوم المصدر، والاسم والمستخدم الحقيقى، وأدرجوه ضمن مصادرهم الموثقة، فى محاولة لتقديمه كدليل إدانة لواقعة قتل خارج القانون.
لم تستعن المنظمة فى تقريرها سوى بسبعة هوامش لمصادر رسمية مصرية بنسبة 2.3% من إجمالى الهوامش، على الرغم من إمكانية الاستعانة بالعديد منها سواء داخل مصر أو خارجها، وسواء أكانت رسمية أو شبة رسمية أو مؤيدة لمواقف الحكومة المصرية، ما يؤكد أن عدم لجوء المنظمة لمثل هؤلاء فيما يخص موضوع التقرير متعمد لتأكيد الهدف الذى ترمى إليه المنظمة وهو محاولة تشويه الحكومة المصرية.
كما أن المنظمة لم تعتمد فى تقريرها بالمؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة والإقليمية والصليب الأحمر الدولى، واقتصارها على الرجوع لبعض الدراسات البحثية النظرية الصادرة عنها وعن جهات بحثية أخرى فى الأجزاء المتعلقة بالإرهاب فقط «25 هامشا للمؤسسات الدولية و25 هامشاً للجهات الأخرى»، دلالة قوية على العزف المنفرد للمنظمة فيما يخص الشئون المصرية عمومًا وموضوع هذا التقرير بشكل خاص، وعزلتها التامة عنها جميعًا.
ولجأت «هيومن» مرة واحدة للاستعانة بمصدر رسمى صادر من جهة حكومية أجنبية، وهو بيان الخارجية الأمريكية بشأن تصنيف جماعة التوحيد والجهاد بسيناء كجماعة إرهابية.
حوى مضمون التقرير العديد من الإدعاءات والمزاعم، التى تؤكد أن الغرض منه هو محاولة تشويه الحكومة المصرية من خلال تعمد إدراج مضامين تندرج تحت أطر كثيرة إحداها هو حقوق الإنسان، وهو ما يتضح من خلال الآتى:
1- الاستشهاد بدراسة أكاديمية منشورة فى دورية علمية محكمة، هى دورية «دراسات فى حقوق الإنسان» الصادرة عن الهيئة العامة للاستعلامات فى مايو 2018، وهى تتيح للباحثين والأكاديميين وممثلى المجتمع المدنى والمسئولين الحكوميين والمهتمين بموضوعات حقوق الإنسان أن ينشروا فيها آراءهم التى تعكس وجهات نظرهم هم فقط، ولا تعبر عن رأى الهيئة التى تصدرها، ولا الدولة المصرية.. وما يؤكد ذلك أن الدورية حددت المسئولية عن الآراء ووجهات النظر عبر وضع عبارة «جميع الموضوعات المنشورة تعكس آراء كتابها» على صدر الصفحة الأولى منها، ويبدو واضحًا أن معدى التقرير لم يطلعوا إطلاعًا كاملاً على ما سبق ذكره، أو تعمدوا تجاهله مع معرفتهم به، حيث ذهبوا إلى ما يدعم فكرتهم التى تخرج عن السياق المنطقى الذى وردت فيه الدراسة، كما اجتزأوا منها فقرات لتدعيم موقفهم.
2- اعتماد التقرير على شهادة 54 شخصًا يزعم أنهم من أهالى سيناء، دون تحديد لهوياتهم، منهم 14 مقابلة فقط ركزت على انتهاكات مسلحى ولاية سيناء، بينما أفرد الـ40 مقابلة الباقية «بنسبة 74%» لتأكيد مزاعمه حول انتهاكات الحكومة المصرية لحقوق الإنسان فى سيناء.
3- محاولة التقرير وضع مدلولات لمصطلحات مثل «إعدامات ميدانية» لإظهار الأمر وكأنه ممارسة منهجية، رغم أن العناصر الإرهابية التى لقت حتفها كان خلال هجومها على قوات إنفاذ القانون، أو أثناء اشتباكها معها لدى مداهماتها بؤر أو أوكار لخلايا إرهابية.
4- إدعاء المنظمة توثيق 50 حالة اعتقال تعسفى منهم 39 حالة اختفاء قسرى، إضافة إلى 14 حالة قتل خارج إطار القانون فى الفترة ما بين 2015/2017، لم تورد المنظمة لتأكيد الإدعاء الأول الخاص بالاعتقال أى أسماء أو تواريخ أو مكان القبض عليهم ولا ملابسات ذلك، أو أماكن الاحتجاز، فما الذى يدفع إلى تصديق المنظمة فيما يتعلق بهذا الزعم.
5- يخضع جميع المحتجزين فى القضايا المتعلقة بولاية سيناء للتحقيق أو المحاكمة، منها على سبيل المثال القضية رقم  137 لسنة 2018، والتى تضم 319 متهمًا بالانضمام لـ»تنظيم ولاية سيناء» الإرهابى، الأمر الذى يتنافى مع ما جاء فى التقرير من مزاعم حول ما يثار عن اعتقالات إدارية أو اختفاء قسرى.
6- جميع المحتجزين مودعون فى أماكن احتجاز قانونية وفقًا للقوانين واللوائح المصرية.
7- وفقاً للأرقام الرسمية المقدمة من وزارة المالية المصرية فى الموازنات العامة للدولة خلال الفترة من 2014 حتى سبتمبر 2018، قدمت الدولة المصرية تعويضات كبيرة بلغت 3 مليار و29 مليون جنيه للمتضررين من إقامة المناطق العازلة على الشريط الحدودى مع قطاع غزة وحول مطار العريش  وأى أضرار مادية أخرى.
8- رغم زعم المنظمة بتغطية جميع الانتهاكات التى وقعت فى سيناء خلال فترة التقرير، فقد خصص 8 صفحات من أصل 123 صفحة فى النسخة المنشورة باللغة العربية لعرض الانتهاكات التى قام بها تنظيم ولاية سيناء الإرهابى، بينما خصص أكثر من 100 صفحة حول الانتهاكات الحكومية المزعومة.