مصرتقود القارة السمراء لمكافحة الفساد
حسن ابو خزيم
استطاعت مصر على مدار ٥ سنوات، تحقيق نجاحات متعددة فى مجال مكافحة الفساد، ما أكسبها خبرة كبيرة فى ذلك الملف، وفى إطار استعداد مصر للتعاون ونقل الخبرات لأشقائها الأفارقة فى هذا المجال، تستضيف مصر الأربعاء المقبل بمدينة شرم الشيخ، المنتدى الإفريقى الأول لمكافحة الفساد، تحت عنوان «التنمية فى مواجهة الفساد لتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية وبناء آليات تعاون»، بحضور 53 دولة إفريقية لأول مرة، للتعرف على آليات مكافحة الفساد.
المنتدى تنظمه هيئة الرقابة الإدارية، بالتعاون مع وزارتى الداخلية، والعدل، حيث سيتم خلاله استعراض الجهود الوطنية لمكافحة الفساد لعدد من البلدان الإفريقية المنفذة للالتزامات القارية والدولية، علاوة على أن انعقاده يعكس استعداد مصر للتعاون مع دول القارة الإفريقية فى نقل الخبرات والتجارب والممارسات الناجحة لها فى مجال مكافحة الفساد، والتى حققت فيه مصر إنجازات ملموسة شهدت بها المؤسسات الدولية.
ويعد المنتدى والذى تستمر فعالياته لمدة يومين، ثمرة لمبادرة مصرية أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى يناير 2018، أثناء رئاسته وفد مصر فى مؤتمر قمة رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الإفريقى، ويشارك فيه وزيرا العدل والداخلية ورؤساء أجهزة الرقابة الإدارية ومكافحة الفساد والكسب غير المشرع والجهاز المركزى للمحاسبات بالدول الإفريقية و200 مسئول رفيع المستوى.
وقال الموقع الرسمى للمنتدى، إن أهمية موضوع مكافحة الفساد تنبع من كونه يخاطب شواغل العديد من الدول الإفريقية التى تواجه تحديات فى كفاحها من أجل تحقيق تطلعات شعوبها نحو العيش الكريم والرخاء، بسبب آفة الفساد التى تتسبب فى إهدار موارد القارة الضخمة والمتنوعة، بما يؤدى إلى استمرار معاناة الشعوب الإفريقية من الفقر رغم وفرة الموارد.
وأضاف الموقع، أن المبادرة المصرية تتسق مع الأولوية المتقدمة التى يحظى بها موضوع مكافحة الفساد لدى مصر، فى إطار جهودها للإصلاح الاقتصادى والتنمية والتطوير والتحديث.
ويشارك فى التنظيم عدد من الوزارات والهيئات والأجهزة الرقابية، منها وزارات الداخلية، والعدل، والخارجية، والجهاز المركزى للمحاسبات، والنيابة العامة، ووحدة مكافحة غسيل الأموال، وجهاز الكسب غير المشروع.
ونوه الموقع، إلى أن التقديرات تشير إلى أن القارة الإفريقية تخسر نحو خمسين مليار دولار سنويا نتيجة التدفقات المالية غير المشروعة، ويقف الفساد عقبة أمام تحقيق أهداف أجندة التنمية 2063، حيث يستنزف موارد القارة ويهدر جهود تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، وبالتالى فإن التصدى للفساد بات مسارًا مستدامًا للوصول بالقارة السمراء إلى أن تكون آمنة ومستقرة ومزدهرة.
كما يهدف المنتدى بشكل رئيسى لتشجيع الدول الإفريقية على تبنى سياسات واعتماد خطط عمل وبرامج تؤدى للقضاء على الفساد وتحقيق الترابط المعرفى بين جميع أنحاء القارة حول مخاطر الفساد على جهود التنمية والتحديث، وأن يمثل المنتدى ملتقى مستدام للحوار بين دول القارة وتبادل المعلومات والخبرات والتوعية بشأن التدابير والتجارب الوطنية ذات الصلة بمواجهة الفساد تنفيذًا للالتزامات القارية والدولية وكيفية تنمية قدرات الموارد البشرية فى مختلف أوجه مكافحة الفساد، وتعزيز التنسيق الحكومى الإفريقى المتبنى فى هذا المجال.
وتتضمن فعاليات المنتدى عددًا من الجلسات تنقسم على يومين، اليوم الأول يتضمن الجلسة الافتتاحية وتحتوى على عرض لأغنية إفريقيا بتخلق عهد جديد، بالإضافة إلى عرض فيلم وثائقى بعنوان إفريقيا على طريق التنمية وتختتم الجلسة بكلمة للرئيس عبدالفتاح السيسى، والجلسة الأولى بعنوان الجهود الوطنية فى مكافحة الفساد لعدد من الدول الإفريقية تنفيذًا للالتزامات القارية والدولية، أما الجلسة الثانية فتعقد تحت عنوان دور مكافحة الفساد فى تنمية القارة الإفريقية.
ويتضمن اليوم الثانى من فعاليات المؤتمر 4 جلسات الأولى بعنوان آليات مكافحة الفساد على المستوى القارى، والجلسة الثانية بعنوان تنمية قدرات الموارد البشرية فى مختلف أوجه مكافحة الفساد بالقارة الإفريقية، والجلسة الثالثة بعنوان دعم التنسيق الحكومى الإفريقى البينى فى مكافحة الفساد، وتختتم الجلسات بالجلسة الختامية تحت شعار دور الإدارة السياسية فى إنجاز جهود مكافحة الفساد فى القارة الإفريقية.
يذكر أن اتفاقية الاتحاد الإفريقى لمنع ومكافحة الفساد الوثيقة القانونية الأساسية للقارة الإفريقية، وهى مشابهة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد إلى حد كبير، و دخلت الاتفاقية الإفريقية حيز النفاذ عام 2006 بإيداع وثائق تصديق 15 دولة فى حينه، وقام الرئيس بالتوقيع على الاتفاقية على هامش قمة أديس أبابا فى يناير 2017، وصدقت مصر عليها فى يوليو 2017.
كما مثلت قصة مكافحة الفساد نهجًا مستدامًا نحو تحول إفريقيا، وبناء عليه تم إعلان عام 2018, العام الإفريقى لمكافحة الفساد، و جاء اختيار هذا الموضوع على ضوء مرور خمسة عشر عامًا على اعتماد اتفاقية الاتحاد الإفريقى لمنع ومكافحة الفساد فى قمة «مابوتو» فى يوليو 2003 بهدف تقييم ما تم إنجازه ولتحديد الخطوات التالية لاستكمال جهود التصدى للفساد بكل أشكاله، كما تم تخصيص بند خلال قمة فبراير 2019، لمناقشة تقرير رئيس نيجيريا حول مكافحة الفساد فى القارة وذلك على ضوء تولى الرئيس محمد بخارى ريادة تطبيق استراتيجية الاتحاد الإفريقى لمكافحة الفساد.
وقد عرض الرئيس النيجيرى تقريره الذى أوضح فيه مختلف الجهود القارية والفعاليات التى تم تنظيمها خلال عام 2018, اتصالًا بمكافحة الفساد، مشيرًا إلى وصول العدد الإجمالى للدول المصدقة على اتفاقية الاتحاد الإفريقى لمنع و مكافحة الفساد بنهاية عام 2018، إلى 40 دولة، وأوصى ببذل جهود أكبر فى مجالات التعليم للتوعية بمخاطر الفساد وتحديد الممارسات الأفضل فى مواجهته، و تشجيع الشباب على الانخراط الإيجابى فى جهود مكافحة الفساد، و العمل على تعزيز التعاون بين الاتحاد الإفريقى و الأمم المتحدة من أجل وقف التدفقات المالية غير المشروعة و تشجيع الدول غير المصدقة على الاتفاقية على التصديق عليها والدول غير الأطراف فى الاتفاقية على الانضمام لها، و انتهت التوصيات بتشجيع الدول الأعضاء على مواصلة دعم المؤسسات الوطنية لمكافحة الفساد.
وقد رأت مصر أن ينعقد منتدى لمكافحة الفساد فى إفريقيا بالتزامن مع المؤتمر الرابع لاتحاد هيئات مكافحة الفساد الذى ينعقد فى مصر، وذلك تحقيقًا للترابط الموضعى وحرصًا على خروج الحدثين بنتائج منسقة ومتسقة.