السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رحلة عذاب شباب الخريجين من «الفيوم» إلي «سدمنت الجبل»




سمعت كثيرا عن الجنة وما بها من خيرات ومزروعات وأنهار والحور العين. وأن هذه الجنة المصغرة أقامتها الدولة في باطن الجبل بصحراء سدمنت في المنطقة الواقعة بين الفيوم و بني سويف حيث يقطن حوالي 7 آلاف مواطن يعملون علي زراعة 6500 فدان بقري الخريجين التي تسمي "الأنصار و الأجيال و الشروق". إلا أن هناك معاناة يلاقيها شباب الخريجين في تلك القري ..
 
قطعت المسافة بين قري الخريجين "الجنة" في حوالي 45 دقيقة بالرغم أن المسافة بينها و بين الفيوم حوالي 27 كيلومترا. وصلت السيارة التي تنقلني بعد معاناة الي منطقة الصوامع التي تقع في نهاية المنطقة السكنية لقرية قصر الباسل التابعة لمركز إطسا الفيومية. سألنا عابر سبيل يستقل دراجة بخارية عن زراعات الخريجين، فأشار لنا شاب أن قراهم تقع علي مسافة 7 كيلومترات داخل الجبل. انطلقت السيارة حسب الوصف في طريق ملتو عبارة عن مدقات ومطبات صناعية. توقفنا عند قرية الأنصار وهناك قابلنا سمير شعبان. قال جئت الي هنا منذ أكثر من 22 عاما حيث كنت شابا حصلت علي 5 أفدنة من ضمن 1000 شاب منهم 70% من محافظة الفيوم و الباقون جاءوا من قري بني سويف.
 
 ويضيف سمير انه تزوج في هذه المنطقة داخل منزل صغير و أنجبت 5 أطفال أكبرهم فتاة تستعد حاليا للزفاف، وعاد سمير بذاكرته الي الايام الاولي في تلك القري قائلا : قمت أنا وشباب الخريجين بتسوية الأراضي و تمهيد الطرق واصلاح منازلنا حتي تمكنا من اثبات وجودنا بالرغم من كلمات السخرية التي كانت تلاحقنا " حد يسيب الوظيفة ويروح يقعد في الصحراء وسط الذئاب والثعابين " علشان 5 أفدنة. أصررنا علي إثبات وجودنا إلا أن هناك عشرات الشباب من أولاد الذوات قد باعوا أراضيهم لفلاحين جلبوا لنا الأمراض نتيجة تحويل منازل الخريجين الي حظائر للماشية والأبقار مما تسبب في انطلاق الروائح الكريهة في سماء القري الثلاث نتيجة "روث" الحيوانات الذي يتم تركة وسط الشوارع مستغلين عدم وجود رقابة حكومية وبيئية مما تسبب في أنتشار أمراض الربو والحساسية بالاضافة الي تراكم جيوش الذباب والناموس داخل المنازل.
 
وتقول نادية محمد عبد اللطيف أنجبت العديد من الأطفال والحقتهم بالمدرسة التي تعمل فترتين صباحية ومسائية وتقتصر الدراسة بها علي الابتدائية والاعدادية.
 
وأشارت نادية الي أن المدارس الثانوية تقع علي بعد 10 كيلو مترات بمنطقة سدمنت حيث يلاقي الدارسون العذاب الوانا نتيجة عدم وجود وسائل مواصلات مباشرة ناهيك عن الاهانات والضرب بالسنج والمطاوي لمن يدرسون هناك.
 
ويلفت محمد سمير الي ان القاطنين بقري الخريجين يعانون الامرين في سبيل الحصول علي الخبز. حيث يتم منحهم فائض مخابز قرية سدمنت بأسعار مضاعفة رغم انه لا يصلح سوي طعام للدجاج.
 
ويشكو منجود الهواري   من ضعف مياه الشرب في قري شباب الخريجين حيث لا تأتي سوي لمدة ساعتين بعد صلاة الفجر وتغيب في السابعة صباحا حتي اليوم التالي مما يضطر المقيمين بهذه القري الي الانتظار طوال الليل حتي تمن عليهم الحكومة " بشوية ميه " لقضاء حاجاتهم والارتواء منها مثل المزروعات تماما.
ويري محمد متولي ان الدولة أنشأت قري الخريجين ولم توفر لهم حماية أمنية حيث تجاهلت تماما اقامة نقطة شرطية وسيارة مطافئ حيث يهب البلطجية والخارجون علي القانون ويقومون بسرقة مواشيهم تحت تهديد السلاح ولم يستطع أحد مواجهتهم. كما أن هناك كارثة تحدث في حالة نشوب حريق حيث يتم انتظار سيارة المطافئ بالساعات حتي تأتي لهم من بني سويف.
 
ويوضح عبد الله محمد حمد أن الدولة أنشأت حوالي 700 منزل بقرية الاجيال ضمنهم 350 منزلا عبارة عن فيلات وللأسف الشديد تركتهم للصوص يعبثون بأثاثاتها بالرغم من و جود مدرسة و مسجد و نقطة شرطة وسنترال الا أنه تم الاستيلاء علي جميع أبواب وشابيك هذه الفيلات الصغيرة التي أنشأتها شركة المقاولون العرب لتكون مأوي للخريجين.
 
وتؤكد شيماء عبد السلام أنها تأتي من قرية سامون التابعة لقرية أهناسيا ببني سويف ومجموعة من الفتيات للعمل في جمع الطماطم وتنظيف الزراعات وري الأراضي لتدبير نفقات المعيشة لأسرهن الا أن معاناتهن لا تعرفها الحكومة، حيث يتم حشرهن في تروسيكلات بطريقة غير آدمية يتعرضن من خلالها للسخرية والمضايقات طوال رحلة السفر التي تمتد لأكثر من 7 كيلو مترات بالاضافة الي أنهن يتعرضن لضربات الشمس الحارقة في الصيف ولأمراض برد الشتاء نتيجة أن هذه الوسيلة غير مغلقة ومكشوفة وهي تستخدم في نقل الخضروات والماعز الي الأسواق.