الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فرج فودة مات ليحيا

فرج فودة مات ليحيا
فرج فودة مات ليحيا




كتب- أسامة رمضان ومحمود محرم ومصطفى أمين


«إلى زملاء ولدى الصغير أحمد، الذين رفضوا حضور عيد ميلاده، تصديقا لمقولة آبائهم عنى…
إليهم، حين يكبرون ويقرأون، ويدركون أننى دافعت عنهم وعن مستقبلهم وأن ما فعلوه كان أقسى علىَّ من رصاص جيل آبائهم…».
بهذه الكلمات الحزينة بدأ الكاتب الراحل الدكتور فرج فودة، إهداء كتابه «نكون أو لا نكون»، الذى نشره عام 1990، وكأنها بمثابة وصية تنبيء عما سيحدث فى وقت لاحق، فكانت نهايته بعد عامين أى 1992 على يد جاهل لا يعلم ولا يدرك حرفا مما كتب فودة ولكنه استمع إلى نصائح الإرهاب والغدر والخسة من الجماعات المتأسلمة والإخوان التى أحلت دم الرجل لا لشىء سوى أنه أسقط عنهم أقنعة الزيف.

فحينما سأل المحقق القاتل: «لماذا قتلت فرج فودة؟»، رد: «إنه كافر!»، «ومن أى كتبه عرفت أنه كذلك؟»، فرد القاتل: «أنا لم أقرأ كتبه فأنا لا أعرف القراءة ولا الكتابة».
هذا الأسبوع تحيى «روزاليوسف» الذكرى 27 على رحيل قاهر قوى الظلام والتطرف والإرهاب، حيث اشتهر فودة بمقالاته ومحاضراته وكتبه التى ينتقد فيها التطرف الإسلامى ويعارض فيها الدولة الإسلامية وسلطة رجال الدين، ودعوته إلى فصل الدين عن السياسة، وهو المنهج الثقافى والتنويرى الذى يتلاحم مع رؤية وفلسفة مؤسسة «روزاليوسف» .
قدم فودة منهجًا تنويريا يعتمد فيه على أربعة أمور هى: نقد الإسلام السياسى المعاصر، نقد الإسلام السياسى التاريخي، حتمية الاجتهاد وإعمال العقل، والدفاع عن أسس الدولة المدنية الحديثة.
الباحث فى شئون تيارات الاسلام السياسى عمرو فاروق، قال إن المفكر فرج فودة يعتبر من الكتاب الذين تسببوا فى أزمة للتيار الاسلامى خلال مرحلة التسعينيات من القرن الماضي، فى ظل سيطرة هذا التيار على الشارع المصرى وتصدره للمشهد السياسى والاجتماعى.
 وأوضح فاروق، أن فودة حمل على عاتقه الرد على كل الاطروحات الفكرية التنظيمات الاسلامية فى مقدمتها قضية الخلافة وانه ليس هو الدولة الدينية ومشروع تطبيق الشريعة الاسلامية.
ولفت فاروق إلى أن أشهر الكتب التى سجلت أفكار فرج فودة وتطرقت لأطروحات التنظيمات الاسلامية كتاب  «الحقيقة الغائبة» وهى كناب حاول فيه الرد على  محمد عبدالسلام فرج وكتابه كتاب «الفريضة الغائبة» الذى كتبه عام 1980 يحمل تأصيلا فكريا ومنهاجا للحركات الجهادية حينئذ.
وأكد فاروق أن مشروع فرج فودة التنويرى مقسم على أربعة محاور رئيسية هي، نقد الإسلام السياسى المعاصر، ونقد الإسلام السياسى التاريخي، وحتمية الاجتهاد وإعمال العقل، والدفاع عن أسس الدولة المدنية الحديثة.
وأشار فاروق أن فرج فودة حاول معالجة قضية العلاقة بين الإسلام والحداثة، حيث اعتمد فودة على أن الدين جزء من مكونات الشخصية المصرية، وأن أولى خطوات التنوير أن يدرك أنصار التيارات الإسلامية أنهم ليسوا وحدهم جماعة المسلمين.
وأوضح فاروق، أن العديد من كتب فرج فودة قدمت دراسات تفصيلية للتيارات الإسلامية المتنوعة فمثلا كتاب «حوار حول العلمانية» هو نقد للتيار الاسلامى التقليدي، وهو تيار يمثله جماعة الإخوان، وكتاب يعتبر نقدا للتيار الاسلامى الثوري، وهى تيار يمثله الجماعات الإسلامية المسلحة التى نشأت فى أواخر الستينيات، وتعتقد بجاهلية المجتمع وترفض الدستور والديمقراطية وتؤمن بالعنف كأسلوب وحيد للعمل السياسى.
من جانبه أكد طارق البشبيشى القيادى الاخوانى المنشق على أنه كان أحد الحضور خلال المناظرة الشهيرة فى عام 1992 قائلا: شاهدت واستمعت بنفسى لمأمون الهضيبى وهو يتباهى ويفتخر بجرائم التنظيم الخاص السرى ويفتخر بمقتل النقراشى ويقول إن الدكتور فرج فودة يعيرنا بالتنظيم الخاص المسلح، ونحن نرد عليه الآن ونقول بإننا نفتخر ونتقرب الى الله بعمليات التنظيم الخاص.
وأضاف المناظرة لم تكن عادلة وسيطر على منصتها اصحاب التوجه المتأسلم ولم يسمحوا بأوقات متساوية للاتجاه الآخر مستقوين بغوغائية الحضور وهتافاتهم المعادية لفرج فودة والدكتور محمد خلف الله مؤكدا أنها كانت تحريضا وليست مناظرة وبعد المناظرة أهدروا دمه ورأيت كيف تحولت المناظرة إلى تحريض صريح على إهدار دم فرج فودة، وكيف هيج عمارة والغزالى ومأمون الهضيبى الجماهير على فودة بعدما هزمهم بالحجة والمنطق.
وتابع الدكتور فرج فودة ضحية إرهاب جماعات التطرف والإرهاب وعلى رأسهم تنظيم الاخوان الذى جهز رموزه ودعاته الأرض لاغتيال فودة فقد أصدر مفتى التنظيم  فتوى بتكفير فرج فودة وإهدار دمه، بحجة ارتداده عن الدين، مشيرا إلى أننا نفتقد الآن لمثقفين فى شجاعة فرج فودة وقوة منطقه وتحديه للتطرف وجماعاته.
وقال إبراهيم ربيع القيادى المشنق عن جماعة الإخوان إن الدكتور فرج فودة هو الوحيد من جيله من حاز شرف عضوية نادى المثقفين التى من شروطها كشف حقيقة التأسلم وإشكالياته وخطره على الأديان والإنسان والأوطان، وامتلك شجاعة المواجهة ودفع حياته ثمنًا للمواجهة التى لا تقبل المراوغة كما امتلك مشروعا مستقبليا ورؤية للحل.