الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«بيت أشباح» الزمن الجميل على مسرح الشباب!

«بيت أشباح» الزمن الجميل  على مسرح الشباب!
«بيت أشباح» الزمن الجميل على مسرح الشباب!




افتتح مسرح الشباب على خشبة العائم الصغير بالمنيل أولى إنتاج ورشة «ابدأ حلمك» التى سبق وأن بدأها مدير المسرح المخرج عادل حسان وتخرج في دفعتها الأولى 89 ممثلًا وممثلة، تسعى الورشة لمنح فرص للمشاركين بها لذلك قرر مدير المسرح إنتاج ثلاثة أعمال متتالية كان أولها «بيت الأشباح» تأليف وإخراج محمود جمال وشارك فى العمل عدد لا يقل عن 30 شابًا من طلبة الدفعة الأولى ورغم ضخامة عددهم إلا أن المخرج استطاع توظيف الجميع توظيفًا جيدًا.

«بيت الأشباح» فكرة مبتكرة للمؤلف محمود جمال يتناول فيها مشاعر الحنين للحب والماضي، شاب أصيب بحالة اكتئاب وإحباط شديد قرر الهروب من العالم الخارجى وواقعه والعيش بمفرده فى منزل يبدو أساسه أنه أحد بيوت باشوات العهد البائد يستأجر الشاب المنزل بمبلغ زهيد مقابل أن يتحمل العيب الذى لا يعلمه، حيث يخدعه حارس العقار ويتعاقد معه على إيجار هذا البيت المسكون بالأشباح والذى عادة ما يهجره سكانه لعدم احتمال العيش داخله، لم تكن أشباح هذا المنزل فى الهيئة التقليدية التى اعتدنا رؤية الأشباح عليها بل كانت أشباحًا مألوفة أو بمعنى آخر أطيافًا لزمن مضى وأشخاصًا رحلوا عن عالمنا نتمنى عودة أمثالهم للحياة من جديد.
دائمًا ما تتشبع عروض جمال بأفكار ومشاعر ربما تعتمد عليها أعماله فى الكتابة أكثر من وجود صراع تقليدى بين أبطال العرض فتكون الفكرة هى البطل تتردد على لسان أبطاله محاورها فى حوارات متفرقة فقد لا تجد علاقات بينها صراع درامى كبير بينما ستجد أفكارًا تشغل صاحبها وتؤرقه وفى «بيت الأشباح» شغله الحنين إلى الزمن الجميل الذى كان جوهره الحب فى بلوغ المقاصد فالبطل أو الشاب الذى يضطر إلى العيش داخل المنزل يجمعه الحب بهذه الأشباح حيث تأتى المفاجأة مخالفة للتوقعات، بدلًا من سعى الأشباح لطرده سيسعون إلى الإبقاء عليه بينهم لأنهم أحبوه وأحبوا حبه لهم، حتى أنه يقرر بعد سماعه بقرار هدم المنزل أن ينتقل معهم إلى منزل آخر كى يعيشوا معا فى سلام، مجموعة من الأفكار والمعانى تضمنها العرض وكتبها المؤلف بسلاسة شديدة وبإيحاء كبير بأننا مازلنا مرتبطين بحب الماضى حتى ولو اصبح بالنسبة لنا شبح كبير لكن مازالت ذاكرتنا متعلقة بكل ما هو قديم نجنح إلى العيش فيه حتى ولو كان بديلًا عن واقعنا المعاصر.
اختار المخرج والمؤلف أن تدور أحداث العرض داخل هذا المنزل القديم المهجور والذى اتقنت صنعه مهندسة الديكور هبة الكومى أبدعت هبة فى صناعة جدران منزل يبدو من رحيقه عبير ماض سحيق كما ساهمت الإضاءة لأبوبكر الشريف فى اكتمال هذا الشكل خاصة فى لحظات إضاءة اللوحات المعلقة على جدرانه ربما كان لهذه اللحظات حالة فنية شديدة العمق والثراء فى الصورة والمعنى،  توليفة استثنائية لصورة تشكيلية بدا عليها المسرح العائم نقلنا من عالمنا وواقعنا إلى عالم وأشباح هذا الفتى الذى حبس بين جدران منزل مهجور مع أشباح الزمن الجميل، وقع العبء الكبير على الديكور والإضاءة فى صنع هذه الحالة من النوستالجا لتوصيل فكر المؤلف للمتلقى فإن لم تجد صناعتها ذهبت فكرة العرض هباء وبالتالى كان لمصممى الديكور والإضاءة والمكياج والملابس لأميرة صابر نصيب كبير فى نجاح العمل وخروجه فى قالب فنى مميز، حيث اصقلت جودة الصورة العمل ومنحته الروح التى أراد أن يعيش فيها وبها البطل وكذلك المتلقى فأخذتنا من حاضرنا الممسوخ إلى ماضينا الذى يحمل فى قلب وذاكرة كل منا مذاقًا خاصًا؛ ساهم صناع الصورة فى تقديم حالة فنية ناعمة دافئة وليست مرعبة سيطرت فيها مشاعر الحنين إلى الماضى بتفاصيله الناعمة؛ فى حين أن عنوان العرض «بيت الأشباح» قد يداعب خيالك باحتمال رؤية صورة مرعبة بينما تجد نفسك فى رحاب فكرة أخرى وعالم آخر عاشه هذا الشاب وأوقعه فى حب بيت عبد الحميد باشا وأشباحه.
لم يقتصر تميز العمل على الديكور والإضاءة والملابس والمكياج أو عناصر السينوغرافيا الخاصة به بينما تميز أبطاله أيضًا كثيرى العدد بأداء متقن لأدوراهم كما ذكرنا فى البداية برغم عددهم الكبير إلا أنهم استطاعوا الظهور بروح الفريق المتكامل وينبئ كل منهم ويبشر بموهبة فنية كبيرة تستحق الاستغلال والتوظيف فى أعمال فنية أخرى ففى هذا العرض بطولة جماعية وليست فردية ورغم صعوبة إدارة هذا العدد من الممثلين خرج العمل بهذه الدرجة من الإتقان خاصة فى مشاهد الأداء الجماعى وبالتالى يحسب لمحمود جمال قدرته ومهارته فى إدارة هذا الجمع من الموهوبين.
شارك فى بطولة العرض عدد كبير من شباب ورشة «ابدأ حلمك» من رجال ونساء فادى ثروت، رامى الحجار، إسلام عبد الوهاب، أميرة عزيز، عمرو شريف، هبة قناوي، زياد عياد، أمل نور الدين، حسن مدحت، ديانا سعد، أحمد جمال، آية أحمد، محمود طلعت، أحمد أبو النجا، مى السباعي، الحسين الشمندي، محمود طوسون، حسام الشاعر، مريم الجندي، محمود الدلجاموني، محمود جودة، محمد أشرف، باسم رضا، ولاء عز الدين، ريهام حسن، دينا الديناري، محمد عمار.