الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

ثورة 30 يونيو شرارة أشعلت الإصلاح المصرفى.. وأنقذت الاقتصاد

ثورة 30 يونيو شرارة أشعلت الإصلاح المصرفى.. وأنقذت الاقتصاد
ثورة 30 يونيو شرارة أشعلت الإصلاح المصرفى.. وأنقذت الاقتصاد




جاءت ثورة 30 يونيو 2013 لتكون بمثابة الباب الكبير للعبور نحو تطورات كبيرة على صعيد الإصلاح النقدى والمصرفى.. وقد استطاع البنك المركزى خلال السنوات الست أن يكون أكثر جرأة فى اتخاذ القرارات مدعومًا بشكل غير مسبوق من القيادة السياسية لاتخاذ قرارات حاسمة ولإطلاق مبادرات من شأنها إحداث تحولات ضخمة فى السوق.. وخلال فترة السنوات الست كان الاحتياطى النقدى للبلاد أبرز المؤشرات التى شهدت تحولات ضخمة، حيث استطاعت الدولة أن ترفع قيمة الاحتياطى النقدى من مستوى 14.9 مليار دولار فى 30 يونيو 2013 إلى ما يزيد على 44 مليار دولار فى الوقت الراهن بزيادة 29 مليار دولار، وهى الزيادة التى تعكس نتائج الإصلاح الاقتصادى والمصرفى الإيجابية .. فبعد أن كان الاحتياطى النقدى لا يغطى أكثر من 3 أشهر واردات سلعية أصبح الآن يغطى ما يزيد على 8 أشهر.

وما يجعل زيادة الاحتياطى النقدى أكثر أهمية، هو أن الارتفاع حدث رغم قيام الدولة بسداد جميع الديون التى حل موعد استحقاقها دون تأخير طوال الست سنوات، بل إن الفترة الأولى شهدت سداد قيمة كبيرة من الديون كانت عبارة عن ودائع لقطر وتركيا.
وقد ارتفع الاحتياطى النقدى كنتيجة مباشرة لارتفاع تدفقات النقد الأجنبى من جميع القطاعات المدرة للعملة.. إلى جانب حسن إدارة البنك المركزى لما لديه من احتياطي.


تحرير سعر الصرف

ولا يمكن الحديث عن ارتفاع الاحتياطى النقدى للبلاد بمعزل عن قرار مهم اتخذته الدولة وهو تحرير سعر الصرف، ذلك القرار الجريء الذى اتخذته الدولة فى نوفمبر 2016 .. ذلك القرار الذى استطاع إحداث تغييرات جذرية فى الاقتصاد المصرى وعلى رأسها زيادة تدفقات النقد الأجنبى للبنوك بعد أن كانت السوق السوداء هى المسيطرة على النقد الأجنبي.
حيث استطاع البنك المركزى من خلال القرار القضاء على السوق السوداء بشكل نهائى وكذلك إنهاء أزمة العملة التى عانت منها الدولة، وتدفق على الجهاز المصرفى منذ تحرير سعر الصرف وحتى الآن نحو 200 مليار دولار من النقد الأجنبي.

 

ومن المؤشرات المهمة التى تعكس تطورًا كبيرًا فى أداء الجهاز المصرفى خلال السنوات الست ومنذ ثورة 30 يونيو، من هذه المؤشرات ارتفاع حجم الودائع فى البنوك بشكل كبير، حيث قفزت الودائع من تريليون و191 مليار جنيه فى 30 يونيو 2013 إلى 3 تريليونات و931 مليار جنيه بنهاية مارس 2019 وهو أحدث إحصاء متاح، لتكون قيمة الزيادة فى الودائع خلال هذه الفترة نحو 2.7 تريليون جنيه.
ويدعم ارتفاع الودائع لدى البنوك قدرتها على ضخ المزيد من القروض للمشروعات والأفراد والمساهمة بشكل أكبر فى تدعيم الاقتصاد الوطنى، وقد كان رفع أسعار الفائدة إلى مستويات مغرية سببًا رئيسيًا فى زيادة حجم الإيداعات بالبنوك.
وكان على رأس المشروعات الكبرى التى استطاعت البنوك توفير التمويلات لها خلال الفترة المذكورة هو مشروع قناة السويس الجديدة والتى تمكنت البنوك من جمع مدخرات من الأفراد لتمويلها بقيمة تزيد على 60 مليار جنيه.


المشروعات الصغيرة

وقد وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الفترة المذكورة بتنفيذ مبادرة لتمويل المشروعات الصغيرة بفائدة 5% متناقصة، وهو ما سارع البنك المركزى فى تنفيذه بالتعاون مع البنوك.  
وكشفت بيانات للبنك المركزى أن البنوك ضخت تمويلات بقيمة 115.2 مليار جنيه فى مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال أقل من 3 سنوات منذ شهر ديسمبر 2015 وحتى نهاية سبتمبر الماضى.
وبحسب بيانات المركزى فإن هذه التمويلات استفاد منها 491 ألف عميل من الشركات والمنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
وكان البنك المركزى أصدر مبادرة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة قبل نهاية عام 2015 بقيمة 200 مليار جنيه لمنح تسهيلات ائتمانية بسعر عائد 5% متناقص للمنشآت الصغيرة.
كما أدرجت المبادرة تمويل الآلات والمعدات للشركات والمنشآت المتوسطة التى تعمل فى مجال الصناعة والزراعة بتمويل متوسط وطويل الأجل بسعر عائد 7% متناقصة.
كما خصص المركزى بالمبادرة مبلغ 10 مليارات جنيه بسعر عائد 12% متناقصة لتستخدمها لمنح تسهيلات ائتمانية قصيرة الأجل لتمويل رأس المال العامل للشركات والمنشآت المتوسطة التى تعمل فى المجال الصناعى والتصنيع الزراعى والطاقة الجديدة المتجددة.
وألزم البنك المركزى البنوك بتخصيص نسبة 20% من محافظها الائتمانية لتمويل تلك الشركات خلال 4 سنوات من تاريخ صدور تلك التعليمات، وفى مايو 2017 تم السماح للبنوك بإضافة التمويل للمشروعات متناهية الصغر بتلك الفئة إلى نسبة الــ 20% المشار إليها سلفا.
وقال البنك المركزى، فى تقرير الاستقرار المالى لعام 2017 الذى تم نشره على موقع المركزى فى سبتمبر الماضى: إن البنوك العاملة فى مصر ضخت قروضا بقيمة 110.8 مليار جنيه، ضمن مبادرة المركزى لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، فى الفترة من أول ديسمبر 2015، وحتى نهاية يونيو الماضى.
ولم تقتصر المبادرات على تمويل المشروعات الصغيرة بل إن التمويل العقارى كان له نصيب من التمويلات التى دعمها البنك المركزى لتقدم بفائدة مناسبة لمحدودى ومتوسطى الدخل.


المدفوعات الالكترونية

وقد اهتمت الدولة خلال السنوات الأخيرة بالمدفوعات الالكترونية، وفى سبيل ذلك تم إنشاء المجلس القومى للمدفوعات برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقد اتخذ ذلك المجلس عددًا كبيرًا من القرارات المهمة ومن بينها إطلاق بطاقة دفع بنكية وطنية من أجل تعزيز حجم المدفوعات الالكترونية والتحول إلى مجتمع غير نقدى.
وقال أيمن حسين وكيل محافظ البنك المركزى لنظم الدفع وتكنولوجيا المعلومات، إن البنك المركزى قام بإصدار بطاقة «ميزة» الوطنية من خلال 6 بنوك هى الأهلى المصرى ومصر والقاهرة والتجارى الدولى، والزراعى المصرى والتجارى الدولى، وتم إتاحة ما يقرب من 5.5 مليون بطاقة ميزة للدفع للحكومة يتم الحصول عليها مجاناً وبدون إجراءات اعرف عميلك kyc، وتخلو من وجود اسم عليها للعميل، وذلك للتيسير على من يتعاملون مع الحكومة ولتفعيل منظومة ميكنة المدفوعات.
يذكر أن البنك المركزى المصرى قام بمنح رخصة إصدار بطاقات الدفع الوطنية لعدد 17 بنكاً ضمن مخطط إصدار عشرين مليون بطاقة بنهاية عام 2021، كما تم إطلاق أول بطاقة وطنية لا تلامسية خلال مؤتمر الشباب بأسوان وعرضها على السيد رئيس الجمهورية فى مارس الماضى قبل موعد إطلاقها الفعلى الذى كان مقرراً له شهر يونيو الجارى.
وقال إنه يمكن استخدام بطاقات «ميزة» من خلال أى ماكينة صراف آلى داخل جمهورية مصر العربية، كما تتيح إمكانية استلام التحويلات المالية من خلالها سواء من داخل مصر أو خارجها، ويستطيع المواطنون من خلال استخدامهم للبطاقة التحكم فى مصروفاتهم الشهرية ومراجعة جميع استخداماتهم بسهولة ويسر.
وفيما يخص خدمة الإيداع يمكن للعملاء الإيداع عن طريق ماكينات الصراف الألى التى تحتوى على خاصية الإيداع أو عن طريق فروع البنوك وجار حاليا تفعيل الإيداع عن طريق فروع مقدمى الخدمات المعتمدين، مؤكدا وصول عدد مستخدمى منظومة بطاقات الدفع الوطنية «ميزة» إلى 500 ألف مستخدم.


زيادة احتياطى الذهب

وضمن الأمور الإيجابية التى يشهدها القطاع المصرفى، قيام البنك المركزى بتعزيز احتياطى الذهب لديه بعد أن استقر مقدار هذا الاحتياطى لسنوات طويلة عند 75 طنًا فقط، ويأتى ذلك مسايرًا لتحركات تقودها البنوك المركزية فى العالم لزيادة حيازات الذهب لديها.
وطبقًا لمسئول مصرفى فإن إجمالى أرصدة الذهب الموجودة فى خزائن البنك المركزى وصلت إلى 78.78 طن بنهاية مايو 2019 مقابل 75 طنًا فى 30 يونيو2013 بزيادة تقترب من 4 أطنان من الذهب.
وأرجع المصدر زيادة احتياطى الذهب إلى اتفاق بين البنك المركزى ومنجم السكرى، حيث يوفر البنك المركزى السيولة بالعملة المحلية لشركة سنتيامين مقابل الذهب.
وأضاف المصدر أن احتياطى مصر من الذهب لدى البنك المركزى المصرى أوشك على معادلة رقم الاحتياطى فى الكويت والبالغ 79 طنًا.


قانون البنوك الجديد

ومؤخرًا انتهى البنك المركزى من إعداد قانون جديد للبنوك من شأنه زيادة قدرته الرقابية، وكذلك زيادة قدرة البنوك على النمو خلال الفترة المقبلة.
ويأتى القانون مواكبة لأفضل الممارسات والأعراف الدولية والنظم القانونية للسلطات الرقابية المناظرة على مستوى العالم؛ بما يكفل المحافظة على الاستقرار النقدى والمصرفى وتفادى حدوث الأزمات المالية.
ويضمن القانون الجديد رفع مستوى أداء الجهاز المصرفى وتحديثه وتطويره ودعم قدراته التنافسية؛ بما يؤهله للمنافسة العالمية؛ وتحقيق تطلعات الدولة نحو التنمية والتقدم الاقتصادى، إلى جانب تعزيز حوكمة واستقلالية البنك المركزى بما يكفل تفعيل دوره وتحقيق أهدافه؛ فى ضوء الضوابط الدستورية الخاصة بالهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية.
وكذلك تنظيم أوجه التنسيق والتعاون بين البنك المركزى والحكومة والجهات الرقابية على القطاع المالى، وتكريس مبادئ الشفافية والإفصاح والمساواة وعدم تضارب المصالح، وإرساء قواعد للمنافسة العادلة ومنع الاحتكار وحماية حقوق العملاء فى الجهاز المصرفى.