الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عازف «الفلامينكو» العالمى علي خطاب: تقديم الفن الراقى أداتنا لتنشيط السياحة

عازف الفلامينكو العالمى على خطاب: لقاء الرئيس السيسى نقطة فاصلة فى حياتى وأنصح شباب الفنانين بالحفاظ على الهوية المصرية
عازف الفلامينكو العالمى على خطاب: لقاء الرئيس السيسى نقطة فاصلة فى حياتى وأنصح شباب الفنانين بالحفاظ على الهوية المصرية

 بين موسيقى الغجر ونغمات التواشيح، استلهم عازف الجيتار العالمى على خطاب خطًا متفردًا لتقديم نغمات الموسيقى العربية والتراث المصرى ومزجها بالموسيقى الغربية وتحديدًا موسيقى الفلامنكو، التى تعرف على مستوى العالم بموسيقى الغجر او الـ»جيبسي»، ولم يكتف على بهذا المزج الفريد، بل عمل على خلق تكتيك جديد أثر فى الموسيقى الإسبانية الأشهر عالميًا، حيث قدم مقطوعاته بمصاحبة آلات التخت الشرقى مثل العود والقانون والرق وأضاف لها آلة الكولة ليثبت للعالم أجمع أن الآلات الشرقية الأصيلة يمكن أن تتلون بكافة أنواع الموسيقى لينتج عنها نغمات مصرية ممزوجة بالموسيقى الغربية، وكان لخطاب هدف واضح من هذا المزج وهو أعطاء جزء من تراثه المصرى ليكون عمودا مؤثرا فى الموسيقى الغربية.وبين رحلة كفاحه التى بدأت كهواية لعزف الجيتار وكان نتاجها تكريم الملك فليب السادس ملك إسبانيا، خلال الحفل الذى أقيم على شرف استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى مدريد عام 2015، كأحد الرموز التى أثرت فى الثقافة والفنون الإسبانية.. رحلة طويلة من الصعوبات والنجاحات حاورته عنها «روزاليوسف».



 

■  بداية حدثنا عن رحلتك التى بدأت من مصر حتى استطعت أن تصل إلى العالمية وفى إسبانيا تحديدًا بلد «الفلامنكو»؟

 

كانت بداية عزفى على الجيتار كهواية، وبعد تخرجى من الأكاديمية البحرية بالإسكندرية، سافرت إلى إسبانيا عدة مرات بهدف الدراسة والسياحة، وبدأ عشقى يزداد لفن «الفلامينكو» من موسيقى لغناء لرقص، فهو فن شامل بكل  المقاييس، وفى هذه الأثناء كنت قد بدأت العزف كهاو فى الأوبرا وأقمت عدة حفلات هناك، كذلك بدأت بمشاركة عدد من الفنانين منهم نصير شمه وعمر بشير وغيرهم، لكن فى عام 2004، وكنت فى تلك الفترة قد وصلت فى عملى بمصر كمدير للتسويق فى أحد أكبر شركات المحمول وكنت أمتلك شركتى الخاصة، لكن شغفى لتعلم الجيتار كان قويا، و ازداد عشقى لموسيقى الفلامنكو، فقررت أن أترك كل شئ و أتجه إلى بلد ملوك هذا الفن، لأتعلمه على أصوله من أربابه، فقد كان حلمى أن أكون عازف جيتار وسعيت بكل السبل لتحقيق هذا الحلم بالرغم من كل الصعوبات التى واجهتها.

 

■  استطعت أن تمزج بين فن الفلامنكو والتواشيح الدينية.. من أين أتتك هذا الفكرة؟

 

بالنسبة لى أرى أن أقوى المداس الموسيقية فى مصر هى مدرسة «المشايخ» وهى أساس عظماء الفن المصرى والشرقي، فمثلًا عبد الوهاب وأم كلثوم والسنباطى وغيرهم، خريجوا مدارس الشيوخ من التأليف الموسيقى والغناء، وهذه مدرسة مصرية أصيلة بكل المقاييس فلا يوجد فى فترة الأربعينات أو الخمسينات شيوخ لقراءة القرآن أو من المنشدين غير المصريين، وعند سماع غناء الفلامنكو التراثى بدون مصاحبة موسيقى نجد أنه قريب جيدًا من التواشيح الدينية، ومن هنا جاءتنى الفكرة بعد دراسة وإتقان لفن الفلامنكو، ووضعت نفس القالب الموسيقى ولكن مع مصاحبة التواشيح الدينية المصرية للمنشدين العظماء مثل عبد الرحيم المسلوب والشيخ شهاب إسماعيل وغيرهما، وكان استقبال الجمهور الإسبانى والأوروبى بشكل عام قويا جدًا ومؤثرا إلى حد كبير لهذا المزج.

 

■  ابتكرت تكتيك جديد فى موسيقى الفلامينكو وهى دمج آلات التخت الشرقى مع الجيتار، حدثنا عن هذه التقنية؟

 

بعد احترافى لموسيقى الفلامينكو من رواده فى إسبانيا، قررت أن أقدم لهم فى المقابل حالة جديدة لم يعتادوا عليها فى موسيقاهم وهى دمج آلات التخت الشرقى مثل العود والرق والقانون، والكولة والناى والأوكورديون الشرقى وغيرها من الآلات الشرقية الأصيلة، فأغلب من يتعلموا موسيقى الفلامينكو لا يضيفوا فى المقابل لهذا الفن، ولكن الآلات الشرقية والموسيقى المصرية، وأعنى المصرية الأصيلة وليست الشرقية بمعنها الشامل، كان شئ جديد لا يعرفه الغرب، فكان تقديم «الفلامينكو المصرى» شيئا جديدا وجاذبا لمرتادى الموسيقى الإسبانية، وهو ما جعل حفلاتى دائمًا ما تلقى ترحيب قوى لدى الجمهور الإسبانى والأوروبى.

 

■  ومن هى أكثر الشخصيات التى أثرت فى موسيقاك؟

 

الشيخ محمد رفعت، من أجمل الأصوات التى تستمع إليها وتؤثر فيك، فهو حالة فريدة فى قراءة القرآن،  فصوته فى القراءة عبارة عن نغمة موسيقية فى حد ذاتها، كذلك الشيخ إبراهيم الفران المنشد الديني، ومحمد عبدالوهاب وأم كلثوم وعازف الكمان المصرى العملاق عبده داغر، الذى تعلمت منه الكثير، فهو قيمة وقامة حقيقية فى الموسيقى، وهو أيضًا خريج مدرسة القرآن الكريم والمنشدين.

 

■  التقيت بالرئيس السيسى أثناء رحلته إلى إسبانيا.. حدثنا عن هذا اللقاء؟

 

كان هذا اللقاء نقطة فاصله فى حياتي، حيث جائتنى دعوة من القصر الملكى الإسباني، لحفل استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسى بصفتى أحد الشخصيات التى مثلت التبادل الثقافى بين الثقافة الأيبيرية والثقافة المصرية، و كنت المصرى الوحيد المدعو من قبل البيت الملكى وليس من السفارة المصرية بإسبانيا.. وأثناء الاحتفالية قدمنى الملك فيليب  السادس للرئيس السيسى على أننى من النماذج المصرية التى استطاعت أن تؤثر بشكل واضح وقوى فى الثقافة الإسبانية، وجرى حوار بينى وبين الرئيس المصرى وأظهر دعمه الشديد للفنون والفنانين خاصة المصريين وما يقدموه من صورة مشرفه لوطنهم فى الغرب.

 

■  رغم شهرتك إلا أنك مازلت حريصا على إقامة حفلات فى مصر بشكل مستمر ليس فى الأوبرا فحسب، ولكن فى العديد من المراكز الفنية لماذا؟

 

الشعب المصرى هم أهلى ووطنى، ومازلت أراهن على تذوقه لكل أنواع الفنون الجيدة، ولم ولن يتغير تذوق هذا الشعب العريق للفن بشكل عام.. الشعب المصرى بطبعه محب وذواق لجميع الفنون، لكن هناك بعض المنتفعين من انحطاط الذوق العام وهم اللذين يفرضون أنواع معينه من الفنون على الشعب، لكن فى الحقيقة أن المصرى على مر تاريخه منذ قدماء المصرين مقدس للفنون.

 

■  كيف ترى أداء وزارة الثقافة تجاه الفن والفنانين؟

 

هناك تقصير واضح من قبل الوزارة، ففى فترة الخمسينات والستينيات كانت تقام حفلات مصرية فى مختلف المناسبات، مثل حفلات أعياد الربيع، ورأس السنة وغيرها، وكانت تقدم الموهوبين، لكن الآن لا يوجد دعم قوى تجاه الفنانين سواء من قبل وزارة الثقافة أو دار الأوبرا، حتى المحتوى الذى يقدم فى مهرجان الموسيقى العربية أصبح لا يليق بالفن المصرى، وهو ما جعل الكثير من الشباب يهرب من نوعية هذه الحفلات، على الرغم من أن دولة فنية عظيمة مثل مصر يمكن أن تمتلئ مسارحها بالشباب وأيضًا الأجانب وتكون مصر دولة سياحية فنية مثل إيطاليا وفرنسا، لكن للأسف لا يوجد اهتمام بكل هذا وأصبحت المسارح مثل «بيوت أشباح».

 

■  ومن وجهة نظرك.. ما هو الحل الأمثل لهذه الأزمة؟

 

يجب أن نوسع أفقنا وخيالنا أكثر وأن نعطى للموسيقى حقها، فالجمهور المصرى لا يتجه للغناء والمطربين فقط، وهو محب للموسيقى الجيدة، وعلى سبيل المثال حفلات يحيى خليل وعمر خيرت، نرى كيف تملأ المسارح بالجمهور من جميع الأعمار والمستويات، لذا يجب أن نعطى فرصة لجيل آخر منهم، وأن نعمل على تنشيط هؤلاء من حيث الترويج والداعية اللازمة، فنحن فقط نقوم بهذا مع الفنانين المشهورين أو «البوب ستارز»، لكن يجب أن نستغل أماكننا السياحية ومواهبنا فى تقديم ما هو أكثر وأرقى، من خلال إقامة مهرجانات موسيقية توضع على الخريطة العالمية تقام فى الأماكن السياحية المشهورة مثل مسرح الصوت والضوء مثلًا أو فى المعابد الفرعونية، وبهذا سنقوم بتنشيط السياحة من جهة، ومن جهة أخرى نقدم فن راقى يأتى له الجمهور من كل أنحاء العالم.

 

■  هل فكرت فى عمل ورش لتعليم فن الفلامينكو أو الجيتار بشكل عام فى مصر؟

 

من طموحاتى أن أقدم ورش عمل للجيتار أو لتعليم  فن الفلامينكو سواء من الغناء أو الرقص فى مصر، وأنا أقدم بالفعل مع أعضاء فرقتى من العازفين والراقصين العديد من هذه الورش فى إسبانيا وفرنسا، وطبعًا على أتم استعداد أنا وفرقتى لتقديم هذه الورش التعليمية فى بلدى، وأنا اعتبر أن هذه الورش ربما تكون أهم من إقامة حفلات فقط داخل المسارح، فالعمل على تقديم جيل جديد رسالة وجزء أساسى من حياة الفنان.

 

■  قدمت ألبومين حملت عناوين غير مألوفة «الزرقاء» و«بلا وطن» ماذا قصدت بهذه المسميات؟

 

كلمة «الزرقاء» هى كلمة مستعربة إسبانية، والمستعرب هى الكلمات الإسبانية ذات الأصول العربية، وهى كلمة تطلق على البنت الغجرية أو الأندلسية ذات العيون الزرقاء، وتميز هذا الألبوم بأن كل موسيقاه عربية وشرقية بحتة ولكن بطريقة عزف موسيقى الفلامينكو.أما ألبوم «بلا وطن» فهى حالة أردت  ان أوضحها، أننا جميعًا من وطن واحد، فأنا لا أؤمن بفكرة الحدود والجنسيات واللون والعرق، ويجب أن نعمل على إلغاء هذه الحدود من حياتنا.

 

■  قدمت كليب لأغنية «ليلة حب» لكوكب الشرق لكن بغناء فلامينكو، فهل يعتبر ذلك خطا جديدا تريد تقديمه؟

 

نعم.. وبالفعل قمت بتسجيل عدد من الأغانى للعظماء الثلاثة أم كلثوم، وعبدالوهاب، ورياض السنباطى وهذا سيكون تيمة الألبوم الثالث لى والمفترض إصداره قريبًا، وفى هذا الألبوم أيضًا أقوم بدمج أغانى فلامنكو تراثية على موسيقى الأغانى المصرية القديمة.

 

■ أقمت مئات الحفلات فى أغلب المسارح العالمية فى الوطن العربى والعالم، ولكن ما هو المكان الذى تتمنى أن تقدم فيه حفلتك القادمة؟أمام الأهرامات أو معبد الكرنك أو فيله، فمن أحلامى أن أعزف أمام جدودنا العظماء، كجزء صغير من رد الجميل.

 

■  وأخيرًا.. ما هى رسالتك لشباب الموسيقيين والجيل الجديد المحب للموسيقى الغربية؟«الهوية» أهم شىء، يجب المحافظة على هويتنا المصرية بجميع السبل، حتى لا نتحول إلى مسخ أو نسخة من شخص آخر، وبالتالى سيضيع تأثيرنا فى أى عمل نقدمه، أيا كان هذا العمل، سواء فى الفن أو فى حياتنا بشكل عام.