الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

تركيا تسقط فى الهاوية

تركيا تسقط فى الهاوية
تركيا تسقط فى الهاوية




كل المعطيات الحالية لما يحدث فى تركيا تشير بقوة إلى صعودها بقوة الصاروخ نحو الهاوية تحت قيادة الديكتاتور أردوغان، الذى لم يكتف بجر بلاده إلى الحضيض بل مازال مستمرا فى اعتقال أى شخص يشتبه فى علاقته بالمعارضة، فقد أمر بالقبض على 176 عسكريا للاشتباه فى صلتهم بشبكة تقول أنقرة إنها وراء محاولة الانقلاب قبل ثلاث سنوات فى عملية تشمل الجيش والقوات الجوية والبحرية.

تتهم أنقرة فتح الله جولن رجل الدين المقيم فى الولايات المتحدة بأنه العقل المدبر لمحاولة الانقلاب فى 15 يوليو 2016، وينفى جولن أى صلة له بالأمر.
وخلال السنوات الثلاث التالية للانقلاب الفاشل، سجنت تركيا أكثر من 77 ألف شخص لحين محاكمتهم واتخذت قرارات فصل أو إيقاف عن العمل بحق نحو 150 ألفا من العاملين فى الحكومة والجيش ومؤسسات أخرى.
وانتقد حلفاء تركيا فى الغرب وجماعات لحقوق الإنسان حجم الحملة الأمنية وقالوا إن أردوغان يتخذ من محاولة الانقلاب ذريعة لسحق المعارضة.
وفيما يخص الأكاديمين،، قضت محكمة تركية بسجن آيس جول إلتيني، وهى أستاذة الأنثروبولوجيا فى جامعة سابانجى بإسطنبول، لمدة 25 شهرا. وكانت التهمة الموجهة إليها مساعدة منظمة إرهابية «عبر التوقيع على عريضة عام 2016 تدعم الوصول إلى حل سلمى للنزاع مع حزب العمال الكردستاني»، الذى تصنفه أنقرة منظمة إرهابية.
وإلتينى واحدة بين نحو 2000 أكاديمى تركى وقعوا على العريضة، خضع 700 منهم للمحاكمة، وعزل 450 من وظائفهم.
وأشار التقرير إلى أن الحملة التى استهدفت «أكاديميين من أجل السلام» ليست سوى جزء بسيط من حملة «التطهير» الأضخم، التى شنها أردوغان على معارضيه.
وأوضح أن هذه الحملة خلقت فراغا كبيرا فى لحظة محورية من تاريخ تركيا الحديث، خاصة أنها بدأت علنا فى مواجهة بعض تاريخها المؤلم، وكان دور الأكاديميين فيها حاسما.
ورأت «نيويورك تايمز» أن حملة القمع المستمرة التى يقودها أردوغان ستلحق الضرر بمعرفة الاجيال الجديدة، وهى ضرورية ليس من أجل التغلب على صدمات الماضي، بل من أجل تحفيف حدة الصراعات.
ومن أكثر القضايا إثارة للاستقطاب فى تاريخ تاركيا الحديث، حملة الترحيل والقتل الجماعى التى تعرض لها الأرمن على يد العثمانيين خلال الحرب العالمية الثانية، والقمع المستمر منذ عقود ضد الأكراد.
وبعد صعود حزب العدالة والتنمية الذى يتزعمه أردوغان إلى السلطة عام 2002، تتابعت سلسلة إصلاحات وخفت القبضة على العالم الأكاديمي، وشعر المؤرخون بحرية أكبر لمتابعة موضوعاتهم المثيرة للجدل، ووصل الأمر حد عقد مؤتمر أكاديمى فى تركيا يناقش مسألة الإبادة الجماعية للأرمن، الأمر الذى كان محظورا فى السابق، ونشر عقب ذلك العديد من الكتب التى ناقشت المسألة.
لكن، وللمفارقة، فإن الحزب الذى فتح هذا المجال هو الذى عاد فأغلقه لاحقا، تقول «نيويورك تايمز»، إذ بعد محاولة الانقلاب الفاشلة فى 2016، انقلب النشاط الأكاديمى فى هذه الملفات الحساسة، من إشارة على التقدم الاجتماعى إلى «الخيانة العظمى». وأصدرت الحكومة التركية قرارات أدت إلى فصل 5800 أكاديمى وأغلقت نحو مائة جامعة ومعهد، بعد محاولة الانقلاب، كما تم إغلاق أقسام القانون والعلوم السياسية فى جامعة أنقرة، وأثر ذلك كثيرا على إنتاج الأكاديميين الذين باتوا محاصرين بالخوف، وترك بعضهم العمل الأكاديمى، والأهم التخلى عن الكتابة والتأريخ. فيما كشفت تقارير ألمانية أن 6 آلاف عالم وأكاديمى تركى دفعوا فقدان وظائفهم ثمناً لمعارضتهم نظام أردوغان، فيما هرب مئات آخرون إلى أوروبا، وقالت صحيفة «تاجس تسايتونج» الألمانية إنه «منذ الانقلاب المزعوم فى ٢٠١٦ سرّحت تركيا بقرارات حكومية آلاف العلماء والأكاديميين من وظائفهم، بسبب معارضتهم لأردوغان أو انتمائهم المزعوم لحركة عبدالله جولن المتهم بتدبير الانقلاب ضده أو دعمهم للسلام مع الأكراد».
وحتى ٣ يوليو الماضي، تعرض 550 عالما من بين الموقعين على العريضة للفصل من عملهم، وحوكم 706 آخرون بينهم 191 صدرت ضدهم أحكام بالسجن لمدد مختلفة.
ولم يكتف أردوغان بذلك ، بل وضع التعليم فى تركيا على حافة الانهيار، بسبب سياساته الاقصائية وغير الرشيدة، فقد خفضت الحكومة ميزانية وزارة التعليم بمعدل ٥٦%، فى حين ارتفعت ميزانية السلطات الدينية فى البلاد بـ٣٦%، ما يعنى تراجع أهمية التعليم فى سلم أولويات الحكومة، ولم يعد يتواجد فى قائمة أكبر ٥٠٠ جامعة فى العالم سوى جامعة إسطنبول وفى ترتيب متأخر، فى حين تتواجد أربع جامعات من السعودية على سبيل المثال فى ترتيب أفضل.