النيل.. بالعكس!
عبد الله كمال
قبل أن يستقيل محمد لطفي منصور وزير النقل الذي كان، كتبت عن (النيل المسقوف).. مشيرًا إلي عدد الكباري التي تعبر النيل من الشرق إلي الغرب وبالعكس في مختلف محافظات مصر.. تيسيرًا للحياة.. وتسهيلاً للناس.. إن هذه الظاهرة التنموية المعمارية المتصاعدة هي واحدة من أهم علامات عصر مبارك.
الكثيرون يريدون واديا جديدًا.. وقد تكون هذه الأمنية حقيقة متجسدة بعد نصف قرن.. الواقع يتشكل الآن.. القوانين والإجراءات تدفع في هذا الاتجاه نوعًا ما.. خاصة مع استصلاحات الأراضي في الصحراء.. وسوف يحسب هذا لعصر مبارك أيضًا.. الذي سجل باسمه في التاريخ أنه أكبر باني مدن جديدة في مسيرة البلد.. أضاف إلي جغرافيتها الداخلية.. لأنه أولاً حافظ علي جغرافيتها الثابتة من ناحية الحدود الخارجية بمزيد من الاستقرار.
الوادي الجديد ينشأ.. لكن الوادي العريق تضاف إليه الخدمات كل ساعة.. وسوف يسجل في التاريخ باسم مبارك أنه الرئيس الذي جعل حركة الحياة تتجه جنوبًا من الشمال.. بعد أن ظلت قرونًا تتجه من الجنوب إلي الشمال.. مرة من خلال الاهتمام المتنامي بالصعيد.. استثمارًا وتحفيزًا وتشجيعًا.. وهو ما بدأ يؤتي ثماره.. ومرة جديدة من خلال نقل الغاز من حقول البحر المتوسط إلي جنوب مصر.. عبر أطول خط أنابيب في تاريخ البلد.. خط الغاز الذي يقدمه قطاع البترول قبل نهاية العام.. متوازيا مع مجري النهر العظيم.. ولكن بالعكس.. الماء يتجه شمالاً إلي المصب.. والغاز يتجه جنوبًا إلي أسوان آتيا من منابع في الشمال.
إن الغاز لا يشرب.. ولا يروي عطشان.. ولكنه يفتح عشرات من آفاق الحياة لكي يرتوي الناس ويعيشوا أفضل.
سياسيا، تنفيذ هذا الخط يعني تحقيق التزام انتخابي أعلنه الرئيس.. وتنمويا يعني أن التحفيز علي تنمية الصعيد ليس مجرد كلام في الهواء الطلق.. بل حقيقة واقعة.. فلا تنمية بدون طاقة.. ولا تقدم بدون بنية تحتية.. ومن المثير أن هذا الإنجاز لابد أن يكون مدفوناً تحت الأرض.. حيث تختفي أرقام مدهشة وقياسية.. لا تبدو للعيان.. لكن كل مواطن وكل مصنع سوف يصله الغاز إنما يحصد محصلة تلك الأرقام المدفونة في التراب.
طول الخط 930 كيلو متراً.. يتكلف ما يزيد علي 5.7 مليار جنيه وفَّرها قطاع البترول من موارده.. وفر خمسة آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.. أعمال ردم وحفر حجمها 5 ملايين متر مكعب.. الخط عبر علي الطرق.. والسكك الحديدية.. والكباري.. قرابة 630 مرة.. وعبر النيل ثلاث مرات.. وصلت التغذية إلي 10 آلاف منزل في المنيا.. وأربعة آلاف في أسيوط.. و2500 عميل في سوهاج.. ومثلهم في قنا.. وألف في الأقصر.. وألفين في أسوان.. والأهم توصيل الغاز إلي مصنع "كيما" لكي يوفر استخدام 150 ميجاوات كل ساعة.. و15 مصنعاً في بني سويف.. و7 مصانع سكر.
عشرات من الأرقام ذات المعني والقيمة والتكلفة والمعبرة عن جهد حقيقي.. وإنجاز لا تراه العين مباشرة.. ولكنه يؤثر جوهريا في حياة الناس.. ويحقق تنمية كبيرة جدًا لها امتدادات زمنية طويلة.. وينقل الصعيد نوعياً.. ويحسب كإنجاز محوري لوزير مجتهد هو سامح فهمي.
علي جانبي النيل مسارات متنوعة.. للتنمية.. حققها مبارك.. ولابد أن ترصد بما تستحقه.. مسار عمراني.. يتمثل في المدن الجديدة في مختلف المحافظات بالصعيد.. وقري الظهير الصحراوي.. ومسار الغاز.. ومسارات الكباري والجسور.. ومسارات خطوط المياه النقية.. ومسارات الصرف الصحي.. ومسارات الطرق التي توازي النيل أو تتقاطع معه.. أو تصب في اتجاه طرق إلي جانبه.. وأبرزها طريق سوهاج ـــ البحر الأحمر التاريخي الذي يفتتح قريبًا.. أكثر من نهر يجري.. والأنهار تجري بالحياة.. ومن أجلها.
كم (سد عالي) بني إذن خلال عملية التنمية التي قادها الرئيس وثابر عليها ولم يزل.. وكم عبوراً تحقق عمرانيا واقتصاديا.. وتجاوز الموانع التي فرضتها الطبيعة أو نقص التمويل أو صعوبات مختلفة.. وكم حاجزاً ترابياً أو صخرياً تمت إزاحته من طريق الشعب لكي يحقق انتصارًا لا ينتهي برفع العلم.. ولكنه بالتأكيد تعتليه راية الإخلاص والإصرار علي خدمة هذا البلد العظيم لابد أن تحصي.. ولابد أن نشير إليها بالعرفان والتقدير للرئيس.
الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net
البريد الإليكترونى: [email protected]