الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الدولة تمنح قبلة الحياة للشركات العائدة من الخصخصة

الدولة تمنح قبلة الحياة للشركات العائدة من الخصخصة
الدولة تمنح قبلة الحياة للشركات العائدة من الخصخصة




تحليل - نسرين أبوالمجد

الشركات العائدة من الخصخصة.. من ملفات قطاع الأعمال العام الشائكة التى ظلت عالقة منذ عودتها للدولة من 8 سنوات شبه مجمدة لا تستفيد منها رغم ما تملكه من أصول تقدر بالملايين بل تتحمل أعباؤها من رواتب العاملين بها إلى أن تمت الموافقة النهائية من البرلمان على مشروع قانون لحل أزمات الشركات العائدة والتسوية مع المستثمرين بإحالة كل ما يخصها من منزاعات إلى لجنة فض المنازعات وتسوية عقود الاستثمار التابعة لمجلس الوزراء الذى سيحرك الماء الراكد بحيث تستطيع الدولة الاستفادة من أصولها والتسوية مع المستثمرين وإنهاء أى نزاع معهم دون إجحاف لحقوقهم.

أصدرت محاكم مجلس الدولة فى الفترة من 2011 وحتى 2014 سبعة أحكام نهائية ببطلان خصخصة سبع شركات هى عمر أفندى وطنطا للكتان وشبين للغزل والنصر للمراجل البخارية والنيل لحليج الأقطان والعربية للتجارة الخارجية، وأخيراً شركة سيمو للورق، وخلال هذه الفترة أيضاً رفضت المحكمة الإدارية العليا جميع الطعون التى أقيمت أمامها سواء من المستثمرين أو الشركات القابضة التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام لوقف تنفيذ هذه الأحكام، على النحو الذى أصبحت معه تلك الأحكام نهائية وغير قابلة للطعن.


النيل لحليج الأقطان

aوتعد شركة النيل لحليج الأقطان هى أولى الشركات العائدة من الخصخصة التى ستتفيد من مشروع قانون التسوية مع المستثمرين فى ظل تعقد أوضاعها واعتبر البعض أن هناك استحالة فى تنفيذ عودتها للدولة أو حتى الاستفادة منها رغم امتلاكها لثروة عقارية ضخمة والنيل لحليج الأقطان من الشركات التى قد أصدرت  المحكمة الإدارية حكمًا نهائيًّا عام 2013 ببطلان خصخصة الشركة التى تمت عام 1997 بطرحها بالبورصة  ، وإعادتها للدولة تحت قيادة الشركة القابضة للتشييد والتعمير لكن مثلت حليج الأقطان حالة منفردة عن باقى الشركات التى صدرت لها احكام بالعودة لتظل طوال هذه الفترة حتى الآن متجمدة تماما منذ ايقاف التداول على أسهمها بالبورصة والتى تصل 52 مليون سهم ومنعها من التصرف فى أموالها منذ عام 2011  وازداد الأمر سوءا بعد تقرير مفوضى مجلس الدولة بعد إحالة القضية إليه وقتها لمعرفة كيفية تنفيذ الحكم الذى انتهى إلى استحالة تنفيذ حكم الإدارية العليا.
 ويملك مستثمرون أجانب  نحو %20 من الأسهم حرة التداول بالشركة، منها 10% لمساهمين سعوديين والـ10% الأخرى مختلفة أبرزها كويتيون وسوريون وإماراتيون، وقد كانت القابضة للتشييد والتعمير، قامت بعمل تقييمات سابقة حيث  كانت قد كلفت مستشارا ماليا  بإعداد قيمة عادلة لسهم «النيل لحليج الأقطان» فى نهاية 2015  و التى حددتها عند 100 جنيه للسهم قبل أن تقوم القابضة بإلغاء التعاقد، وعاودت القابضة للتشييد تعيين مستشار مالى مستقل آخر، لتحديد قيمة عادلة للسهم، وذلك فى مطلع عام 2016، ولكن ألغت عمل التقييم ولم تكمل أيضا لكونها لم تكن مرضية للمساهمين.
وتمتلك شركة النيل لحليج الأقطان ثروة  عقارية كبيرة من الأصول التى تقدر بالمليارات حيث تقع معظم أراضيها على النيل مباشرة على مستوى جميع محافظات الجمهورية من الاسكندرية إلى سوهاج حيث يوصل سعر متر الأرض التى تملكها فى بعض المحافظات إلى 50 ألف جنيه وتصل مساحة هذه الأراضى إلى مليون و600 ألف متر مربع إلى جانب اطنان من الخردة ممثلة فى معدات وآلات المصانع التى توقفت عن العمل بسبب تقادمها وعدم تجديدها وصيانتها ووصلت تقديرات أصولها المالية فى التقييمات التى تمت بعد حكم بطلان خصخصتها إلى أكثر من 30 مليار جنيه.
 وقال رضا درغام، قيادى عمالى بشركة النيل لحليج الأقطان، إن الشركة  كانت صرحًا صناعيًا عملاقًا تضم وحدات لتكرير الزيوت الهدرجة ومصانع للصابون والصفيح والعلف الحيوانى وحليج الأقطان، وكان يعتمد عليها فى إنتاج 10%من احتياجات الزيوت والصابون على مستوى الجمهورية، بدأت الشركة فى التراجع بعد خصخصتها وطرحها فى البورصة عام 1997 فى عدم الاهتمام بهذا الصرح الصناعى وإهمال إنتاج المصانع أو العمل على تنميتها وتركيز المستثمر على كيفية تخردها للاستفادة بأراضيها التى تقع على النيل مباشرة فى كل المحافظات فى إقامة مشاريع عقارية كبرى وتجاهل الصناعات القائمة عليها، واعتبر أن اتجاه الدولة لإقرار قانون يمكن من خلاله حل أزمة الشركة بمثابة طوق نجاة للعديد من المستثمرين الذين فقدوا الأمل فى وجود حل وأيضا سيعود بالنفع على الدولة فى الحفاظ على أصولها والاستفادة منها والذى سيصب فى النهاية للصالح العام.


عمر أفندى

أما شركة عمر افندى فقد انهى مجلس الوزراء ودياً، النزاع الدائر بين مؤسسة التمويل الدولية، أكبر مؤسسة إنمائية عالمية تدعم تنمية القطاع الخاص فى البلدان النامية، وبين شركة عمر افندى التابعة  للشركة القابضة للتشييد والتعمير،  منذ أكثر من ٧ أعوام، حول حكم محكمة القضاء الإدارى ببطلان بيع شركة «عمر أفندى» لرجال أعمال سعوديين، مما ترتب عليه بطلان قرض حصلت عليه الشركة وهى تحت حوزة المستثمر  بقيمة ٤٠ مليون دولار.
 صدر حكم من محكمة القضاء الإدارى ٢٠١١ ببطلان جميع الإجراءات سالفة البيان، وإعادة المتعاقدين إلى الحالة التى كانوا عليها وعودة الشركة من الخصخصة  وبناء على ذلك توقفت الشركة عن سداد قيمة الأقساط الخاصة بالقرض وشطب قائمة الرهن، وشرعت الأمانة الفنية للجنة الوزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار، بناء على الطلب المقدم من الممثل القانونى للمؤسسة إلى رئيس مجلس الوزراء، فى التفاوض مع مؤسسة التمويل الدولية بغرض تسوية النزاع وديا.


شركات القابضة للكيماويات

وتتبع ٣ شركات من العائدة من الخصخصة القابضة للكيماويات وهى شركة طنطا للكتان والتى تمتلك ١٠ مصانع يعمل منها ٣ فقط بنصف طاقته لاحتياجها لضخ استثمارات ولكن لا يمكن ضخها فى ظل وجود أسهم الشركة تحت يد المستثمر وتقوم القابضة للكيماويات بتوفير أجور العاملين بها وخصومها من توزيعات الأرباح التى تحولها لوزارة المالية، وشركة المراجل البخارية لم يعد لها كيان والمتبقى منها أرض بمساحة ٨٦ ألف متر مربع بمنيل شيحة فى منطقة سكنية راقية ويستحيل إقامة بها نشاط صناعى فى الوقت الحالى ومعدات وآلات «خردة» وتعد التسوية مع مستثمرها شبه منتهية، وشركة سيمو التى لم يتبق منها سوى ارض حيث تم نهب وتخريب مصنعها فى أحداث يناير ٢٠١١.
وأشار جمال عثمان، القيادى العمالى بشركة طنطا للكتان، أن الشركة  يديرها مفوض من قبل القابضة وتزداد خسائرها عاما بعد آخر لاعتبارات كثيرة اقلها ان الشركة ليس لها حساب بالبنك والرقابة المالية عليها من قبل القابضة الكيماوية معدومة وضعيفة ولا ترتقى لمراقبة الجهاز المركزى للمحاسبات الذى أكد فى كل تقاريره على مدار 4 سنوات اعتراضه على تشغيل الشركة وعدم الرقابة المالية عليها، ولفت أن الشركة تملك أصول كثيرة يمكن استغلالها فى حال إدارتها بشكل جيد وإعادة هيكلتها والاتجاه لتسوية النزاع مع المستثمر سيبطل حجة القابضة فى عدم إمكانية التصرف بها لحين انتهاء التسوية مع المستثمر.
وأوضح دكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية أن بيئة الاستثمار فى مصر تتعافى بشكل ملحوظ وايجابى وتعمل على تهيئة كل الظروف لجذب الاستثمار وبفضل جهود الدولة لدعم هذه البيئة والتغلب على جميع إشكالياتها، ولفت إلى أهمية مشروع القانون خاصة أنه من الأسباب الرئيسية للتأثير السلبى على أى منظومة اقتصادية واستثمارية بشكل عام-  تعليق حسم الأزمات-  وهو الأمر الذى يعنى به هذا المشروع، منوهاً بأنه منذ عام 2011 وحتى الآن لم يتم الانتهاء من تسوية أوضاع الشركات العائدة من الخصخصة رغم الأحكام القضائية بشأنها، وتابع: إن  تعليق الحسم وترك أوضاع الشركات بهذه الصورة معلقة، يعطى العديد من الرسائل السلبية عن بيئة الاستثمار بمصر، فى ظل ما يتم بذله من جهود لدعم هذه البيئة والتغلب على إشكالياتها، خاصة فى حالة لجوء بعض أطراف هذه المنازعات للتحكيم الدولى ضد الدولة، وتهديد بعضهم بإقامة منازعات تحكيمية، الأمر الذى يظهر أهمية حسم هذا الموضوع تجنبًا لمخاطر التأثير السلبى لعدم تسويته على الأوضاع الاقتصادية ومناخ الاستثمار فى مصر،  ومشروع القانون المقترح سيكون بمثابة حل إيجابى لهذا التعقيد، وهو يضمن أمرين، الأول تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة من القضاء الإدارى، والثانى ضمان التسوية مع المستثمرين دون إجحاف مما يدعم الثقة فى مناخ الاستثمار بالبلاد.
 ويذكر أنه فى يونيو الماضى وافق مجلس النواب، برئاسة الدكتور على عبد العال، نهائيًا على تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشئون الاقتصادية عن مشروع قانون الخاص بالشركات العائدة من الخصخصة والمقدم من الحكومة بإجازة إحالة بعض الطلبات المتعلقة بتنفيذ الأحكام إلى اللجنتين المنصوص عليهما بالمادتين (88،85) من قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2017، والمعروف إعلاميًا بقانون الشركات العائدة من الخصخصة.