أهلنا في الجزائر
روزاليوسف اليومية
تأخر سفير الجزائر عبدالقادر حجار في أن يعلن رسميا عن عدم وجود أي ضحايا "قتلي" جزائريين لشغب كروي في مصر.. فتسبب هذا وغيره في الحالة المؤسفة والمؤلمة التي تعرض لها أبناء مصر العاملون في الجزائر.. ليلة الأحد - الاثنين.. وعاشوا وقتا عصيبا أسفر عن تسعة جرحي.. ولم يهدأ الموقف - ولا أقول انتهي - إلا بعد أن جرت اتصالات رفيعة دفعت قوات الأمن الجزائرية لتوفير بعض الأمن.. ثم كل الأمن المفترض لأهلنا هناك.
ومن الواجب أن نتساءل: هل كل هذا يحدث فقط لأسباب لها علاقة بالتعصب الكروي.. أم أن هناك أسباباً خفية وراء الأمر.. هل مثلا هناك من يتضرر من زيادة حجم الاستثمارات المصرية في الجزائر (6 مليارات دولار).. هل هناك من يريد أن يزيح الشركات المصرية من السوق الجزائرية.. لكي يخليها إلي آخرين.. هل هناك من يريد أن يستحوذ علي مكانة المقاولين العرب وأوراسكوم تليكوم وأوراسكوم للإنشاءات.. أم أنها فقط بعض من تبعات مباراة كرة قدم؟
الصحف الجزائرية التي صدرت صباح الأحد تتحدث عن موتي جزائريين في مصر.. وعن ضحايا وعن إصابات.. وأدت إلي ثورة الشغب ضد مساكن المصريين في وهران وغيرها.. لم تراجع نفسها ولم تنشر أسماء موتي.. ومضت وراء الشائعات.. وعادت مجدداً لكي تكرر الأمر في صحف يوم الاثنين.. وكتبت إحدي الصحف أن الضحايا بلغ عددهم 250 شخصا.. ونشرت صورا لمصاب ملقي علي الأرض لا يظهر وجهه.. فيما كان المصريون يطلبون النجدة من زجاجات المولوتوف التي تلقي علي بيوتهم.. ولابد أن هذا يطرح تساؤلات جوهرية هل هذه فقط مجرد فبركة صحفية أم أن هناك ما هو أكبر؟
لقد مارس الإعلام بمختلف وسائله درجات متنوعة من القتل.. والتحريض.. ونسبت إلي البعض تصريحات ليست موثقة.. وقيل علي لسان رئيس الاتحاد الجزائري روراوة إن المصريين خونة.. وقال رجل أعمال مصري مرعوب في اتصال تليفوني من الجزائر مع المذيع شريف عامر في قناة الحياة إنه يعتزل الحياة منذ ثلاثة أيام ولا يعتقد أنه سيخرج من بيته قبل أن تنتهي مباراة الأربعاء.. وحين سمعته تذكرت ما جري للمصريين من قبل في العراق عام 1989 حين فرح المشجعون في شوارع بغداد.. فخرج عليهم بعض العراقيين وراحوا يقطعون أوصالهم ويقتلون بعضهم عقابا لهم علي مشاعر السعادة التي أبدوها.
وقد يقول قائل: إنها شائعة مجنونة أسفرت عن هذه المأساة.. ولكن الأمر أبعد من هذا.. هناك قدر من الغل لا يمكن تجاوزه.. ولا يمكن إغفاله.. خصوصا أن المناقشات والتعليقات تجاوزت المباراة وأحداثها.. التي مرت والتي ستأتي.. وبدأنا نسمع من بعض الأشقاء في الجزائر تعليقات علي موقفنا في حرب غزة.. ومن يتكلم عن علاقتنا بالإسرائيليين.. ما معناه أننا خونة لابد أن نلقي عقابنا.. دمنا حلال.. وجزاؤنا الذي يلقاه أبناؤنا في الجزائر هو أمر يخص مواقفنا السياسية وليس لأننا قد فزنا في مباراة كرة يوم السبت.
هذه أيام عصيبة.. نحصد فيها نتيجة حملات مستمرة نتعرض لها خلال سنوات طويلة من إعلام مدلس.. وفاجر.. ومتآمر.. خصوصا من قناة الجزيرة.. التي كان لها دور رهيب في تسخين واقعة أتوبيس اللاعبين.. كما أنها أذاعت الادعاء بمقتل المشجعين الجزائريين في مصر.. وفتحت الاتصالات التليفونية من أجل متكلمين جزائريين راحوا يمارسون تحريضا لا يتوقف مساء الأحد ضد بلدنا.. وبإصرار رهيب أدي إلي مزيد من التوتر.. وأوقد نارا في النار المستعرة أصلا.ً
إننا ندعو لأبنائنا وأهلنا في الجزائر بالسلامة.. ونتمني أن توفر لهم السلطات المعنية كل الفرص من أجل العودة الآمنة إلي البلد إذا أرادوا.. ونتمني علي السلطات الجزائرية أن تسيطر علي تلك الأمور المؤسفة.. وأن تضمن سلامة المقيمين في أرضها.. وأن يعلو صوت العقل في هذه المأساة.
الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net
البريد الإليكترونى: [email protected]