الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«سنبوك».. حكاية سفينة حجاج أبحرت من السويس إلى ميناء الطور عام 1853

«سنبوك».. حكاية سفينة حجاج أبحرت من السويس إلى ميناء الطور عام 1853
«سنبوك».. حكاية سفينة حجاج أبحرت من السويس إلى ميناء الطور عام 1853




كتب - علاء الدين ظاهر


أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء أن الرحالة البريطانى رتشارد بيرتون قام برحلة بحرية شهيرة إلى مصر والحجاز فى (23 رمضان 1269هـ / أول يوليو 1853م)، ووصف سفينة الحجاج وكيفية الإبحار فى خليج السويس والبحر الأحمر وميناء الطور والمعالم الحضارية بها.
 وأشار ريحان إلى أن سفينة الحجاج الذى ركبها بيرتون من ميناء السويس كان يطلق عليها سنبوك حمولتها 50 طنا تقريبًا، وعلى جانبى السفينة خطوط لقياس الجزء الغاطس فى الماء وهى فارغة أو محملة وليس لها سطح علوى إلا فوق المؤخرة، والذى يرتفع بما فيه الكفاية ليقوم بدور الشراع فى مواجهة الريح العاتية.
وكان لهذه السفينة صاريان يكادان يميلان نحو مقدمة السفينة والصارى الأقرب للمؤخرة مزود بمثلث خشبى ضخم، ولم يكن بها وسائل لثنى الشراع ولا بوصلة ولا جهاز لقياس سرعتها، ولا حبال وأسلاك لسبر غور الأعماق ولا حبال احتياطية ولا حتى ما يشبه الخريطة، وهذه السفينة بقمرتها (كابينتها) الشبيهة بالصندوق ومخزنها المضلع تشبه السفن الهندية المعروفة باسم التونى أو الزورق الشجرى وهو زورق يصنع بتجويف جذع شجرة..  وتابع: صاحب السفينة كان اسمه مراد وقد وعد بأن يصطحب معه ستين مسافرًا، إلا أنه زاد العدد إلى سبع وتسعين وقد ازدحمت السفينة بأكوام الصناديق والأمتعة من مقدمتها إلى مؤخرتها، وسفن البحر الأحمر تبحر نهارًا بالقرب من الساحل وترسو ليلاً عند أول خليج صغير تجده ولا يبحر البحارة فيه إذا كانت الريح عاصفة خاصة فى الشتاء، وكانت المحطة الثانية فى الرحلة هى عيون موسى، حيث وصلوا إليها عند غروب الشمس ويصفها لنا بأنها منطقة تحوى بساتين النخيل متجمعة حول عيون موسى.
ووصف ريحان ميناء الطور من خلال رحلة بيرتون، وكانت تتميز بوفرة مؤنها من الفاكهة والماء ما يجعلها من بين أهم موانئ البحر الأحمر، وتتوفر بها الآبار وتقع بلدة الطور فوق السهل الذى يمتد بارتفاع تدريجى من البحر إلى عقدة جبال سيناء الشامخة، وسكان الطور يتعيشون من بيع الماء والمؤن للسفن، وفى الطور أكلوا بلحًا وعنبًا ورمانًا حمله السكان إلى الساحل لإطعام الحجاج الجوعي، وتجول بعض الحجاج المغاربة على الشاطئ وبعضهم ذهب لملء قربهم بالمياه.
 ولم يتمكنوا من الإقلاع فى صباح 2 شوال 1269هـ / 9 يوليو 1853م، لوجود ريح عاتية كما كان البحر هائجًا، لذلك خرجوا لزيارة عيون موسى الكبريتية بمدينة طور سيناء راكبين حمير هزيلة، متجهين شمالاً عبر السهل فى اتجاه شريط طويل ضيق به نخيل وتحيطه أسوار طينية مهدمة حتى دخولهم منطقة بساتين.
 وتابع واصفا حمام موسى: عبارة عن مبنى صغير من طابق واحد يشبه الموجود بالريف الإنجليزى أو الأحياء الفقيرة فى لندن، وبناه عباس باشا ليستخدمه استراحة وكان مطليًا باللون الأبيض الساطع، ومزيناً بستائر من قماش الكاليكو ذى الألوان المتدرجة الرائعة، والحوض بالحجرة الداخلية للمبنى، ومياهه دافئة شتاء باردة صيفا وطعمها مالح مائل للمرارة، وتشتهر بخواصها المنشطة  وفى منطقة الحمام أكلوا بلح الطور الأصفر الصغير الذى يذوب فى الفم كعسل النحل.
 وأضاف: ثم توجهوا بالحمير إلى منطقة بئر موسى، حيث وصلوا فى غضون نصف ساعة، ويصف بيرتون بناءً قديمًا جميلًا حول هذا البئر مسقوف بقبة من أحجار مربعة ويشبه كثيراً المبانى الريفية بجنوب إجلترا، وفى قاع البئر ماء عذب غزير، وجلسوا على مقهى مجاور للبئر لحمايتهم من الشمس الحارقة، وكان عبارة عن ظلة من جريد النخيل وحصيرة مفروشة على الأرض وجلس معهم مجموعة من أهل الطور.