السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

انفعال مصطفي بكري




الرجال مواقف‮. ‬وما‮ ‬يقُبل من المواطن العادي لا‮ ‬يمكن قبوله من السياسي‮. ‬خصوصًا إذا كان‮ ‬يحمل صفة مزدوجة‮ (‬صحفي ونائب في مجلس الشعب‮).. ‬وفي الأوقات العصيبة تتضح القدرة علي إدارة المواقف التي كما قلنا‮ ‬يبين فيها طبيعة ونوع من‮ ‬يخوضونها‮.‬

ولابد أنه مرت مواقف كثيرة جدًا انتظر فيها البعض أن‮ ‬يتعرف علي ما سوف‮ ‬يصدر عن النائب مصطفي بكري من اتجاهات‮.. ‬خصوصًا حين تتعقد الأمور العربية‮.. ‬لا سيما حين تتقاطع توجهات عربية مع المصالح المصرية‮.. ‬لكن الوقت‮ ‬يمضي‮ ‬غالباً‮ ‬بدون أن تعرف كيف ومتي وما هي مواقف النائب المعروف بأنه معارض‮.

‬ وفي ليلة الأربعاء ـ الخميس الماضي‮.. ‬كان مصطفي بكري من بين أوائل العائدين من الخرطوم‮.. ‬في رحلات الطيران العائدة من استاد أم درمان‮.. ‬وكان أن تحدث إلي إحدي محطات التليفزيون صارخًا بأن الإجراءات الأمنية قد تراجعت فور عودة الأستاذين علاء وجمال مبارك إلي القاهرة‮.. ‬وترك بقية المصريين بلا رعاية‮.. ‬ولا تأمين‮.. ‬بينما كانت حقيقة الأمور تقول إن علاء وجمال مبارك مازالا في السودان‮.. ‬لم‮ ‬يغادراه إلا في وقت متأخر‮.. ‬نحو خمس ساعات بعد المباراة‮.. ‬وبالتالي وصلا القاهرة في وقت مبكر من صباح الخميس‮.‬

وعاد مصطفي بكري في جريدته‮ "‬الأسبوع"‬،‮ ‬عدد أمس،‮ ‬لكي‮ ‬يصوب المعلومات‮.. ‬ويقول إنهما بقيا هناك‮.. ‬ووقفا إلي جانب المنتخب‮.. ‬وساندا الناس‮.. ‬دون أن‮ ‬يقول إنه‮ ‬يراجع موقفه‮.. ‬وقال كلاماً‮ ‬من هذا النوع في برنامج علي قناة المحور قبل‮ ‬يومين‮.. ‬ما‮ ‬يعني أنه عدل موقفه الخاطئ الأول‮.‬

لقد انفعل‮- ‬وعاد عن انفعاله‮- ‬ولكنه كان قد أصدر حكماً‮ ‬علي الهواء مباشرة بدون أن‮ ‬يستند إلي معلومات دقيقة‮.. ‬يجب أن تتوافر في الصحفي ولابد أن تتوافر للسياسي قبل أن‮ ‬يقول كلمته‮. ‬وفي هذه اللحظة التي انفعل فيها بكري‮.. ‬فإنه أعلن افتقاده لمقومات واجبة في عضو مجلس الشعب‮.. ‬وكونه تراجع عما قال‮.. ‬فإن هذا لا‮ ‬ينفي أنه تسرع‮.. ‬وأن علينا أن نقيم الكثير مما‮ ‬يقول ويفعل في ضوء هذا الذي جري‮.‬

المشكلة ليست في أن الأمر تعلق بالأستاذين علاء وجمال مبارك‮. ‬هما مواطنان في النهاية‮.. ‬وسافرا إلي السودان مع آلاف المواطنين‮.. ‬والكل شهود علي ما فعلا‮. ‬المشكلة في أن الحكم صدر بدون معلومات‮. ‬والاستثارة صدرت بدون حقائق‮. ‬والاتهام وُجه إلي الدولة بدون دليل‮. ‬والعقل تأخر في أن‮ ‬يقيم الأمر من مختلف جوانبه‮.. ‬وهذا لا‮ ‬يمكن توقعه من سياسي أيًًا ما كان انتماؤه ولا من صحفي أيًا ما كان توجهه‮.‬

وفي تصويبه للأمر‮.. ‬بدون أن‮ ‬يشير إلي ما قال‮.. ‬فإن الزميل مصطفي بكري لم‮ ‬يُدِنْ‮ ‬سلوك جماهير الجزائر‮.. ‬ولم‮ ‬يلق بأي عبء علي الدولة التي ترعاهم‮.. ‬والجيش الذي نقلهم‮.. ‬والحكومة التي حرضتهم‮.. ‬ولكنه لم‮ ‬ينس أبدًا أن‮ ‬يدين الحكومة المصرية لأنها-علي حد قوله‮- ‬لم توفر الحماية اللازمة لهذه الجماهير التي سافرت إلي السودان‮.‬

وإذا كانت تلك النقطة تثار كثيرًا في الأيام الأخيرة‮.. ‬فإن علينا أن ننبه إلي أن مصر قد أرسلت جماهير‮.. ‬ولم ترسل بلطجية‮.. ‬وذهبت الجماهير لحضور مباراة وليس للمشاركة في معركة‮.. ‬ولم‮ ‬يُعرَف من قبل أبدًا أن دولة أرسلت جنودًا لحماية أي جمهور في مباراة كرة‮.. ‬والدولة في هذا‮ ‬غير ملامة لأن المسئولية علي المضيف‮.. ‬وليس علي الضيف‮.‬

عموما،‮ ‬أما وقد اكتشف النائب المحترم المعلومات الدقيقة دون أن‮ ‬يصارح قارئه بأنه قد صرح بما قال من القاهرة‮.. ‬وليس من أتون الأحداث في الخرطوم‮.. ‬فإننا ننتظر منه أن‮ ‬يعلن مواقف بنفس القدر من الصراحة في اتجاه سلوك ومنهج قناة‮ "‬الجزيرة" ‬القطرية‮.. ‬علي الأقل في معالجة تلك الأحداث‮.. ‬وموقفا واضحا من سلوك عملاء حزب الله الذين‮ ‬يحاكمون في مصر‮.. ‬والأهم أيضًا من سلوك الدولة الجزائرية في هذه المناسبة‮.. ‬بخلاف أمور أخري عديدة‮.
‬ الموقع الإليكتروني‮:‬ www.abkamal.net
البريد الإليكتروني‮:‬ [email protected]