الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وسام الاحترام إنعام سالوسة الــقـديـرة

وسام الاحترام إنعام سالوسة الــقـديـرة
وسام الاحترام إنعام سالوسة الــقـديـرة




منذ آلاف السنين وهذه الأرض تنجب المبدعين فى كل ميادين الحياة، لذا أصبحنا نملك إرثًا كبيرًا أفاضه بسخاء علينا أولئك الأجداد العظماء، فكان لزامًا علينا أن نضيف عليه وننميه، ونقدم التحية لكل من حمل راية الإبداع من بعدهم، ومن بين هذه الأسماء كانت الفنانة الرائعة إنعام سالوسة، التى على مر سنوات عملها فى الفن أدت إلى خلق حالة جديدة اتصفت بإبداعات فنية عديدة وإنجازات خلاقة من نوع خاص، نحتت لنا شخصيات من لحم ودم تعيش فى وجدان المصريين، فهى فنانة قديرة ملامحها المصرية البسيطة تحمل فى داخلها تراكم خبرات سنوات وسنوات، هى السهل الممتنع، امتلكت الصوت المميز والأداء المبهر.
■ ■
نشيطة وموهوبة بالفطرة، تتقن عملها بشدّة وتبدع فيه، كما وأنها تتحلى بكمٍ عالٍ من المسئولية وإدارة للوقت، فهى ابنت برج العذارء، لذا نجدها تقدم أدوارًا ذات قيمة تحترم المشاهد المصرى والعربى بعاداته وتقاليده.. هى صاحبة الأداء غير العادى كنموذج للأم المصرية التى تتحمل قسوة ظروف المعيشة فى ظل وفاة زوجها وتربى أسرتها على القيم والقناعة وهو ما أبدعت فيه بدورها عن فيلم «عسل أسود» أمام النجم أحمد حلمى.
■ ■
تزامن ميلادها مع عيد الفلاح لذا وجدناها تملك قلبًا من ذهب تملؤه الطيبة والحب، فكان طريقها لأن تدخل قلوب الكبار بأدائها المتوازن وإتقانها للأدوار التى تؤديها، وكذلك الصغار بأعمالها المميزة وأدائها الصوتى فى الأعمال الكرتونية للأطفال.
صانعة الابتسامة والبهجة تجيد فن مخاطبة الأطفال، فهى أحد أبرز نجماتهم منذ دورها فى بوجى وطمطم «طنط شفيقة» إلى آخر أعمالها لهم.  
إنعام سالسة صاحبة الـ79 عامًا من مواليد محافظة دمياط لكن تعود أصولها إلى مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية..
درست فى كلية الآداب جامعة عين شمس ومن بعدها التحقت بالمعهد العالى للفنون المسرحية، وللمصادفة ولبراعتها ومهارتها كانت هى من درب «السندريللا» الفنانة الراحلة سعاد حسنى فى بداية مشوارها الفنى على فن الإلقاء فى فيلم «حسن ونعيمة».
كانت بداية ظهورها الفنى فى مسلسل «لا تطفئ الشمس» عام 1964 ، وشاركت فى العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية والمسرحية، ومن أشهر أعمالها فى الدراما التليفزيونية، مسلسلات «ليالى الحلمية، اللقاء الثانى، امرأة من زمن الحب، يا رجال العالم اتحدوا، عائلة الحاج متولى».
كما شاركت فى عدد كبير من الأفلام السينمائية من أبرزها»موعد على العشاء، الإرهاب والكباب، النوم فى العسل، همام فى أمستردام، عسل أسود»، ومؤخراشاركت فى الموسم الرمضانى الماضى فى عدد من الأعمال، منها: «قمر هادي، وهوجان، وبدل الحدوتة تلاتة، وسوبر ميرو، وطلقة حظ، وبركة».
لها أعمال إذاعية متميزة تركت بصمة فى أذهان مستمعيها وهى «شغل عفاريت» و«مش معقول».
رغم عدم حصولها على البطولة المطلقة إلا أنها صاحبة بصمة مميزة فى كل الأعمال السينمائية والدرامية التى شاركت فيها وتلك شهادة جمهورها لها..
إذ يرى فيها الجمهور بأشكاله كافة.. أنها «أم سعيد» الشخصية التى تتواجد فى أغلب البيوت المصرية.. شخصية وطنية رغم بساطتها وضعف مواردها إلا أنها تحتفظ بكبرياء الوطن ساكنًا قلبها وعلى ملامحها تتشكل العزة والكرامة وعلى لسانها تخرج الكلمات لتعطى دروس الانتماء وقيم المواطنة والتعايش..
■ ■
حكيمة عندما تتحدث.. فيلسوف رصين الكلمات هادئ الطباع يصل إلى القلوب دون ابتذال أو عشوائية عندما يتعامل مع من حوله.
أعمالها لا تنسى رغم بساطتها «المعقدة»، نعم لأجل ذلك وصف فنها بأنه السهل الممتنع.. قد يبدو ما تقدمه سهلًا عندما تشاهده، لكن عندما تقف أمام الكاميرا لتؤديه تجده أصعب ما يكون.
تختار كلماتها بعناية ولا مانع أن تفاجئ القائمين على أعمالها الفنية بارتجال فى النص يدخل فى صلب المرادفات المصرية البسيطة بأسلوب يخطف سمع المشاهدين ويسكن فى وجدانهم.
هى ممثلة مصرية تمثل حالة خاصة لنموذج المرأة الناجحة الدؤوبة المكافحة فى عملها المحافظة على قيمها المتقنة لأدائها.. سنوات وسنوات من الإبداع أمتعت فيها الجمهور المصرى والعربى بأداء رصين مميز قريب من البسطاء والمبدعين حتى رأى فيها النقاد أيقونة نادرا ما تتكرر على الشاشة وواحدة من عظيمات الفن المصرى التى سيخلد اسمها فى لوحة شرف الفن المصري، لأجل الكثير والكثير مما قدمت وجدناها عن جدارة تستحق وبكل تقدير «وسام الاحترام».