الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

قرأنا لك.. حكايات الماضى على ألسنة «سيدات القمر»

قرأنا لك.. حكايات الماضى على ألسنة «سيدات القمر»
قرأنا لك.. حكايات الماضى على ألسنة «سيدات القمر»




الحواديت عالم مبهر، قادرة على توثيق مآسى وتغيرات سياسية واجتماعية وفكرية، وهى ما قدمته جوخة الحارثى فى روايتها «سيدات القمر»، نقلتنا عبر حواديتها لعمان القديمة، بعاداتها وتقاليدها وأمثالها الشعبية وأكلاتها، والصراعات الداخلية، وتأثير الاحتلال على الهوية، وتجارة العبيد، وقصصهم والتناقض ما بين الانصياع التام لمشتريهم وما بين التمرد عليه والهروب منه، وأحيانًا السطوة التى يستمدونها من مكانة مشتريهم وقربهم منه، فتقول الكاتبة عن العبدة «ظريفة» (بأنها العبدة الوحيدة التى تشارك السيدات فى الأكل من الصينية نفسها).

كتبت - هبة نافع
و«الحارثي» فى روايتها الحاصلة على جائزة مان بوكر الدولية للعام 2019، غزلت تلك الحواديت بقصص الأجيال الجديدة، أفكار ومعالم أماكن تغيرت، وعادات اندثرت، والممنوع بالأمس أصبح مباحا، إلا أن ذلك لا يمنع أن يظل للماضى تأثيره وأشباحه التى تطارد حاضر ومستقبل شخصياتها.
يرتبط اسم الرواية، التى نشرت عام 2010 ، بقصص نسائية تتناولها «الحارثي»، من خلال بنات سالمة الثلاثة، ميا وأسماء وخولة، وحفيدتها من ميا «لندن»، والعبدة ظريفة وأمها عنكبوتة، إلا أن الرواية كما تحكى عن نساء منطقة العوافي، تروى أيضا قصص رجالها، منها قصة عبد الله زوج ميا، المطارد بشبح والده التاجر سليمان، المحب لميا الصامتة المغيبة، هذا الصمت الذى يحمل فى طياته نوعا من التمرد على زواجها  بشخص لم تحبه، كما أعلنت تمردها باختيارها اسم ابنتها «لندن»، لتستعيد به ذكريات  قصة حبها القديمة لـ«على».
وقصة مروان ابن عم عبد الله، التى سردت فى صفحتين، بنهاية الرواية، «مروان» الشاب الذى أجبر منذ صغره على ارتداء عباءة ليست له، عباءة الطهارة والنقاء، الحلم الذى حلمته أمه، وقيدته به إلى أن انتحر.
أما عن حواديت الحب فتتلخص فى جملة «لا تأمل كثيرًا»، فالصدمة قادمة لا محالة، سواء أكان اختيارك أم مجبر عليه، ما يهم هو قدرتك على التكيف مع هذا الواقع أو رفضه، فتروي  الحارثى عن حب أسماء لزوجها خالد ( بمرور الوقت وتراكم الخبرة، تعلمت أن تتكيف وأحبته، لكنها حرصت ألا تكون مجرد نجم فى فلكه)، أما شقيقتها خولة التى طلبت الطلاق بعد 20 عامًا من زوجها ، الذى أصرت على الزواج منه وانتظرت شفاءه من نزواته مع صديقته الكندية، فتصف حالتها (كانت عاجزة ببساطة عن احتمال الماضي.. يأتى الماضى كل يوم بحرابه المخيفة ويغرسها فى روحها.. كيف لرجل قضى السنوات العشر الأخيرة متفانيا فى خدمة بيته وأولاده أن يفهم أن العشر سنوات الأولى قد انتفضت بذرتها بغتة فى روح زوجته ونمت شوكًا يمزقها؟(.
وقد أظهر غلاف الرواية روحها ببساطته وروح الألفة فى معالمه، التى كانت تبث نوعًا من السكينة فى النفوس، نشعر معها بالقرب من هذا المجتمع الذى نتعرف عليه للمرة الأولى من خلال الرواية.