القائمة السوداء
عبد الله كمال
لا، ليس علينا أن نُعد قائمة سوداء بأسماء أولئك الذين خرجوا عن الإجماع الوطني إعلامياً وسياسياً خلال تفاعلات موضوع الجزائر. فلنتركهم للجمهور يحكم عليهم.. ويقرر ماذا يفعل بشأنهم.
لنترك محمود سعد الذي اعتبر غضب المصريين مبالغاً فيه وتعامل باستخفاف مع مشاعر المصريين وكرامتهم. ولنترك حسن نافعة الذي وصف الشعب بأنه قطيع يجره نظام فاسد ومستبد. ولنترك مني الشاذلي التي ارتدت علم الجزائر قبل مباراة الجزائر ولم تضع إلي الآن علم مصر تعويضاً.
ولنترك حافظ الميرازي الذي مارس عبثا في تعليقه علي قناة دريم وادعي أن 240 سيارة قد حطمها المصريون في مباراة الجزائر بالقاهرة.
القائمة السوداء سوف تكون نوعاً من المكارثية. والوطنية لها مقياس عند الرأي العام.. هو الذي يقرر علي أساسه ماذا يفعل بهؤلاء معنوياً.. وكيف يقيم مصداقياتهم.. وكيف ينظر إليهم وهم يروحون ويجيئون أمامه كالبندول.. لا يمكنهم أن يتوقفوا عند نقطة تثبت أنهم لا يتعالون علي مشاعر الناس.. كما منحوهم الشعبية فإنهم يسحبونها منهم في لحظة.
بالطبع الإعلام قيادة للرأي.. وعدم انجرافه وراء الاتجاهات التي قد تصنف علي أنها غير متعقله. ولكن هذا ينطبق فقط في حالة ما إذا كانت الاتجاهات لا تعرف من يرشدها إلي طريقها.. أما حين تقول الجماهير كلمتها بوضوح لا لبس فيه.. استناداً إلي وقائع.. وأدلة.. وإيماناً بمؤشر القلب.. فإن هذا لا يحتاج إلي تدخل قادة رأي.. وإنما إلي محللين وراصدين.. وكاشفي حقائق إضافية.. خصوصا إذا تعلق الأمر بالكرامة الوطنية التي لا يمكن أن يكون هؤلاء أدري بها من كل هؤلاء الملايين.
وحالة هؤلاء الذين يطالب البعض بقائمة سوداء تحتاج إلي تحليل.. أغلبهم من النوع الذي بني سمعته علي أساس أنه ضد الدولة والنظام والحكومة.. ومن ثم تزعجه حالة التفاف عفوية صادقة حول الدولة والنظام.. وقد سبب هذا لهم صدمة.. لم تفقهم مما هم فيه.. وإنما دفعتهم إلي مواقف مناقضة لاتجاهات الجمهور العفوية والغاضبة.. علي أساس أن هؤلاء يعتقدون أنهم هم الذين يقودون الناس.. وأن علي الناس أن تطيع وتتبع.. وتسمعهم.
مثلا نموذج محمود سعد.. دخل إلي برنامج "البيت بيتك" يوم السبت متعالياً علي اتجاهات الناس.. وصف من يؤيدون غضب الناس بأنهم يمارسون الشرشحة.. ثم امتدح تعقل الرئيس وحكمته.. وطلب من غرفة تحكم البرنامج أن تذيع العبارة التي قال فيها الرئيس إنه (ينفعل مع النواب ولكنه يمسك نفسه).. فأذاع له الكونترول الفقرة الكاملة التي أكد فيها الرئيس صونه لكرامة المصريين.
وعادت الكاميرا لمحمود سعد.. فلم ينتبه إلي ما رتبه له القدر.. وراح يواصل انتقاده لاتجاهات الناس.. وخرج إلي الفاصل.. فأذاع البرنامج ملخصاً لمجرياته في الأسبوع الماضي.. وكانت الصدفة هي أن الملخص تضمن تعليقات الناس وتعليق علاء مبارك وتعليقات زميليه تامر أمين وخيري رمضان.. وكانت كلها ضد اتجاهات محمود سعد الشاذة.
وجهة نظري أن نترك هؤلاء الذين يتصورون أنهم أرقي من المشاعر المصرية العامة وأنهم أعقل من في الـ80 مليوناً لكي يفقدوا ما منح لهم بأيديهم.. هذه النرجسية وأيضا البارانويا هي التي تحدث تحولات في طريقة تقييم الجمهور لمن يكون قد منحهم بعض السمعة.. وتقدم بهم إلي مستويات كبيرة.. رفعت أسعارهم وأجورهم.. ولكنهم يظنون أن هذا ناتج عن خصائص تتعلق بمكونات شخصياتهم وليس لأن الناس أعطوهم مما لديهم.
بقي في هذه المسألة أمر مهم جداً أتوجه به إلي نوع آخر من الإعلاميين.. أولئك المعلقين الرياضيين في البرامج المعروفة.. أحمد شوبير ومصطفي عبده ومدحت شلبي وخالد الغندور.. انتبهوا يا كباتن.. أنتم متخصصون في كرة القدم.. لا علاقة لكم بتحليل الشئون السياسية.. اخرجوا من هذه الساحة.. أنتم لا تستوعبون حقائقها.. ومعكم البرنامج المستجد المعنف الذي يقدمه الاستاذ إبراهيم حجازي.. بلغة غريبة وغير تليفزيونية.. راجعوا أنفسكم وعودوا إلي الرياضة.. حتي لا ترتكبوا حماقة المتخصص في الشئون الفنية الذي اقتحم المجال السياسي فوقع في كوارث متتالية.
الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net
البريـد الإليكترونى: [email protected]