الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

لا اعتذار ولا إعادة




الآن‮ ‬يمكنني أن أقولها بصراحة‮.. ‬حتي بعد أن ساهمت مع كل المصريين في انتقاد الجزائر‮.. ‬شعبا ودولة وحكومة وثقافة‮.. ‬ما الذي نسعي إليه في نهاية هذه الأزمة؟ ما هو الأفق الذي نهدف إليه؟


أخطأت الجزائر في حقنا‮.. ‬دبرت مكيدة ضد مصر والمصريين‮. ‬أظهرت قدرًا لا‮ ‬يمكن تجاهله من الحقد الدفين‮. ‬وعبرت عن‮ ‬غلٍّ‮ ‬كنا نتغافل عن وجوده فكشف عن نفسه متعمدًا سافرًا مؤكدًا ما‮ ‬يعتمل في نفوس الأشقاء من كراهية‮.. ‬وكان بين أبناء هذا الشعب من لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يتواني عن قتل أي من أبنائنا‮.. ‬هنا أو في الجزائر‮.‬


رددنا‮.. ‬إعلامنا شوَّه الجزائر وعاقبها بطريقة مريرة‮.. ‬بل وصل بعض الزملاء إلي أقصي مدي‮.. ‬وفوق ما‮ ‬يقبل الشعب المصري‮.. ‬استدعينا سفيرهم إلي الخارجية عدة مرات‮.. ‬استدعينا سفيرنا إلي مصر ويبدو أنه لن‮ ‬يعود في وقت قريب‮. ‬إجراء هو الأول من نوعه مع دولة عربية منذ زمن بعيد‮. ‬أعلنا المقاطعة الرياضية‮.. ‬أعلن كثير من فنانينا المقاطعة الثقافية‮.. ‬تلقي الجزائريون علي الإنترنت سيولاً‮ ‬من تعليقات الانتقاد القاسية والشرسة‮.. ‬أدينت الجزائر من مختلف مؤسساتنا البرلمانية والشعبية‮. ‬نظر الكثيرون بعد حملتنا الإعلامية والسياسية علي الجزائر في طبيعة هذا البلد واكتشفوا أنه مشكلة كبيرة‮.. ‬كتبت كثير من الصحف الأجنبية عن الأمر‮.. ‬وليس كلها‮.. ‬قلقت الاستثمارات في الجزائر من التفاعلات‮.‬


لكن‮.. ‬ماذا بعد؟ هل نريد قطع العلاقات مع الجزائر؟ لا أعتقد أن علينا أن نتخذ هذا القرار‮.. ‬وإنما علينا أن نترك الجزائر أن ترتكب هي تلك الحماقة التاريخية‮.. ‬هل نريده عداء أبديًا؟ لا‮.. ‬ليس كذلك‮.. ‬إذا كنا قد عقدنا اتفاقًا مع إسرائيل‮.. ‬بينما الذي في القلب مازال موجودًا‮.. ‬هل نريدها خصومة معلنة؟‮.. ‬بالفعل صار هذا واقعاً‮ ‬ويحتاج سنوات إلي إصلاحه لو أردنا أصلاً‮.. ‬ولا أعتقد أننا نريد‮.. ‬هل نريد أن ننتقم‮ ‬يدويًا‮.. ‬أو أنه كما ضربونا نضربهم؟ ليس هكذا تكون ردود الدول‮.. ‬وليس هكذا تكون أفعال أحفاد الحضارات‮.‬
ما في القلب سوف‮ ‬يظل فيه‮.. ‬لا أعتقد أننا سوف نصفو لهؤلاء الكارهين قريبًا أو حتي في المدي المتوسط‮.. ‬بل إنني أتخيل عددًا لا بأس به من مشجعينا‮ ‬يسافرون إلي جنوب أفريقيا لكي‮ ‬يشجعوا الخصوم الذين تلاعبهم الجزائر في المونديال‮.. ‬وبالتأكيد فإن هذا ما سوف‮ ‬يحدث في أنجولا‮.‬


لكنني لا أعتقد أن علينا أن نعشم الجمهور بأن مباراة السودان سوف تعاد بقرار من الفيفا‮.. ‬حتي لو كان هناك احتمال قائم‮.. ‬فالأقرب أن تتعرض الجزائر لعقوبات من الاتحاد الدولي بناء علي شكوي موثقة من جانبنا‮.. ‬كما أن الاتحاد قد‮ ‬يصُدر‮ ‬غرامات في حقنا‮.‬


هل نريد اعتذارًا من الدولة الجزائرية؟ كيف نقول هذا‮.. ‬لا المقومات الحضارية‮.. ‬ولا الأهلية السياسية‮.. ‬ولا طريقة التفكير العاقلة توفر لهم فرصة اتخاذ هذا القرار‮.. ‬لكي‮ ‬يمحوا عن أنفسهم العار العالق بثياب بلدهم‮.. ‬بل إن فيهم من‮ ‬يصارع أخاه‮.. ‬ومواطنيه‮.. ‬وزملاءه في الحكم‮.. ‬وفيهم من‮ ‬يريد للجزائر أن تبتعد عن عروبتها‮.. ‬أنا شخصيًا طالبت في اليوم التالي للأزمة بأن‮ ‬يعتذر بوتفليقة‮.. ‬ثم تبين لي أنه لا‮ ‬يحكم‮.. ‬وبالتالي فإن اعتذاره بلا قيمة‮.. ‬ولا محل لإعرابه‮.‬


سوف ننال ثأرنا بطريقة أكثر تحضرًا‮.. ‬بالحضارة‮.. ‬باستمرار التفوق‮.. ‬بمواصلة الاكتساح المعنوي‮.. ‬بتخطي حقدهم‮.. ‬بتجاوز‮ ‬غلهم‮.. ‬بعدم قبول منازلتهم‮.. ‬القبول بالنزال في حد ذاته من جانبنا‮ ‬يعطيهم شرفًا لا‮ ‬يستحقونه‮.. ‬ومن ثم ليس علينا أن ندعوهم‮.. ‬ولا أن نذهب لهم‮.. ‬لن‮ ‬يكونوا في طريقنا الكروي لبضعة أشهر أخري‮.. ‬ربما نحو عام‮.. ‬ولا أظن أنهم مدعوون لأرضنا خلال تلك الفترة‮.‬


ولو جاءوا‮.. ‬فليأتوا‮.. ‬ذلك بلدنا العظيم وشعبه الكبير العريق‮.. ‬فليملأوا أبصارهم بتنوعه‮.. ‬وقوته‮.. ‬وحضارته‮.. ‬وتفوقه‮.. ‬وإبهاره‮.. ‬وتاريخه‮.. ‬وانتشاره‮.. ‬وتأثيره‮.. ‬ومن ثم سوف‮ ‬يأكلهم الحقد الذي لم‮ ‬يعد دفينًا‮.‬

الموقع الإليكتروني : www.abkamal.net

البريد الإليكتروني : [email protected]