الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صلاح عبدالصبور.. الشاعر المُجدد

صلاح عبدالصبور..  الشاعر المُجدد
صلاح عبدالصبور.. الشاعر المُجدد




شاعر أحدث نقلة عظيمة فى حركة الشعر الحديث، توجته ليكون أحد أهم رواد حركة الشعر العربى الحر، توالت رغبته فى التجديد، واستطاع أن يجرب لغته الشعرية فى المسرح ليبدع أروع المسرحيات الشعرية هو الشاعر المصرى الكبير صلاح عبد الصبور، كان يرى أن الشعر يولد مع الإنسان فلا يعرف له ملامح.
وُلد الشاعر محمد صلاح الدين عبدالصبور يوسف الحواتكى، الشهير باسم صلاح عبدالصبور، فى 3 مايو من عام 1931 فى إحدى قرى شرقى دلتا النيل فى مدينة الزقازيق، تلقى تعليمه فى المدارس الحكومية، تكونت لديه المقدرة على التعبير الشعرى فى صباه فى عمر الـ14عاما، التحق بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول «القاهرة حاليًا» فى عام 1947 حيث درس اللغة العربية، حصل عبدالصبور على البكالوريوس فى اللغة العربية عام 1951.
عمل صلاح عبدالصبور عقب تخرجه فى كلية الآداب مدرسًا للغة العربية، مثلما عمل صحفيًا بمؤسسة «روزاليوسف»، ومؤسسة «الأهرام».
انتقل إلى وزارة الثقافة، فعمل بإدارة التأليف والترجمة والنشر، ثم رئيسًا لتحرير مجلة السينما والمسرح، ونائبًا لرئيس تحرير مجلة الكاتب، سافر كمستشار ثقافى لمصر بالهند فى الفترة من 1977 وحتى 1978، وكان آخر منصب تقلده رئاسة الهيئة المصرية العامة للكتاب، كما نال جائزة الدولة التقديرية.

حدث شعرى استثنائى


يعتبر ديوان «الناس فى بلادى» فى عام 1957، هو أول مجموعات عبد الصبور الشعرية، كما كان، أيضًا، أول ديوان للشعر الحديث أو الشعر الحر أو شعر التفعيلة، والذى هزّ الحياة الأدبية المصرية والعربية فى ذلك الوقت فيقول عنه د.جابر عصفور فى مقالة صحفية منشورة: عندما أصدر صلاح عبدالصبور ديوانه الأول «الناس فى بلادي» فى يناير1957، كان للديوان وقع الدويّ الذى جذب إليه كل التيارات الأدبية التى رأت فى صدور الديوان حدثا شعريا استثنائيا، يستحق التقدير والتحية، وتبارى الجميع فى الترحيب بالديوان، سواء فى مصر أو خارجها، واهتم الماركسيون بالديوان لما فيه من انحياز إلى الفقراء الكادحين أولا، وما فيه من معارضة نقضية للشاعر الإنجليزى الأشهر تى. إس. إليوت الذى كان اليسار الأوروبى يصفه بالرجعية بسبب أفكاره المحافظة ودعوته إلى العودة إلى حضن الكنيسة بوصفها رمزا للخلاص الاعتقادى.

شاعر يسكننا دائمًا


عن العبقرى صلاح عبدالصبور قال الشاعر زين العابدين فؤاد فى حوار صحفى منشور فى ذكراه: إن الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور عندما كتب «شاعر أنت والكون نثر» عن الشاعر الفرنسى شارل بودلير، كان وكأنما يتحدث عن نفسه، فصلاح عبد الصبور شاعر والكون نثر.
«عبدالصبور» يعد واحدًا من أعظم شعراء جيله، كان ديوانه العظيم «الناس فى بلادى» يمتلك روحًا مختلفة عن الشعر السائد فى ذلك الوقت، وكانت أشعار صلاح بسيطة وعميقة جدًا، ومن «الناس فى بلادى» وحتى ديوانه «أحلام الفارس القديم»، سلك فيه «عبد الصبور» مسلكًا فريدًا فى خريطة الشعر المصري، ودخوله إلى عالم المسرح الشعرى ليس لمجرد أن يلقى كل شخص على حدة المنولوج الموجود فى النص، أو قصائد طويلة، وإنما يقصد به أن يقدم نسيجًا متكاملًا شعريًا أيضًا، منوهًا إلى أنه عندما نشاهد أو نسمع أو نقرأ «ليلى والمجنون»، أو «مسافر ليل»، نعرف المعنى الحقيقى للمسرح الشعرى.
«عبدالصبور» ليس مجرد شاعر نذكره فى تاريخ محدد كتاريخ ميلاده أو وفاته، لكنه شاعر يسكننا دائمًا، فهو شاعر وضع الشعر المصرى على خارطة الحداثة، فقد كانت بدايات معركة القصيدة الجديدة التى قادها الشعراء هو منهم من مصر مع أحمد عبد المعطى حجازى، ومن خارج مصر كل من الشاعرة نازك الملائكة وعبد الوهاب البياتى من العراق.
وعلى الرغم من الهجوم الذى تعرض له «عبد الصبور» فقد صمد صمودًا حقيقيًا، حيث واصل الكتابة والإبداع، واختتم كلامه قائلًا: «صلاح عبدالصبور شاعر مثقف، شاعر منفتح على الشرق كما أنه كان منفتحا تمامًا على الغرب.. شاعر يعرف أرضيته، شاعر يقف على أرض صلبة.

تنوع  وثراء إبداعى


أصدر صلاح عبد الصبور على امتداد حياته عدة دواوين، من أهمها: «أقول لكم» فى عام 1961 ـ «أحلام الفارس القديم» فى عام 1964 ـ «تأملات فى زمن جريح» فى عام 1970 ـ «شجر الليل» فى عام 1973 ـ «الإبحار فى الذاكرة» فى عام 1977.
كما كتب عبدالصبور عددًا من المسرحيات الشعرية، هى: ليلى والمجنون فى عام 1971، وعرضت على مسرح الطليعة بالقاهرة فى العام ذاته ـ مأساة الحلاج فى عام 1964 ـ مسافر ليل فى عام 1968 ـ الأميرة تنتظر فى عام 1969 ـ بعد أن يموت الملك فى عام 1975.
ونُشرت أيضًا للشاعر كتابات نثرية عديدة منها: حياتى فى الشعر ـ أصوات العصر ـ رحلة الضمير المصرى  على مشارف الخمسين.

نقاش ورحيل


فى ليلة هادئة فى مصر الجديدة، يذهب صلاح عبدالصبور مع أصدقائه إلى بيت الشاعر عبدالمعطى حجازى، للاحتفال بعيد ميلاد ابنته الصغيرة.
وكعادة تلك الجلسات العائلية، تبادل الأصدقاء أطراف الحديث، وهم كانوا باقة من أدباء مصر وفنانيها مثل أمل دنقل وآخرون ولكن تشاء الأقدار أن يحتدم النقاش بين الأصدقاء متضمنا عدة اتهامات لـ«عبدالصبور» ليصاب بعدها بأزمة قلبية وانتقل إلى مستشفى قريبة حيث أسلم الروح فى 13 أغسطس 1981.