اللهم اخزيك يا «شوشو»

كل سنة وأنت طيب. وعيد سعيد. اللهم ارزقنا خيره وجنبنا أي سوء.. وأكرم بلدي وأهلي وأمتي.

والكتابة في يوم العيد لابد أن تكون مختلفة. تبشر ولا تنفر. تهنئ الناس.. وتسرهم.. لكن تلك مهمة صعبة جداً.. غير أني حاولت.. فأحضرت إلي جانبي ورقة.. وقسمتها إلي جانبين.. في الأول أدون ما يجب أن أستبعده من موضوعات الكتابة صباح اليوم.. وفي الثاني ما يمكن أن أتناوله وتنطبق عليه معان إيجابية.. لا تجلب للناس غماً في هذا اليوم اللطيف.

قلت لن أكتب عن أزمة مباراة الجزائر.. رغم أن فيها زوايا كثيرة يمكن تناولها مجدداً.. هذا حديث عن شقاق نرجو له أن ينتهي.. ولكني تلقيت رسالة بريدية تحمل عدداً من جريدة الشروق الجزائرية في كل صفحة منه ما لا يقل عن عشرة شتائم لبلدي. وهمست : اللهم اخزيك يا شيطان.

وقلت لن أكتب عن سوريا.. وصحافتها.. غير أنني تلقيت فاكسا فيه قصاصة من جريدة الوطن السورية الفظيعة المريعة.. وهي تسخر من دور مصر من خلال تحليل لتفاعلات مباراة مصر والجزائر.. ورددت اللهم اخزيك ياشيطان.

ودونت في هذا الجانب من الورقة أنني لن أعلق علي عبدالباري عطوان.. خاصة أنني قرأت مقاله (الفزيع) - من الفزع - عن كرامة مصر المهدورة.. وفي خلفيته عندي أنه يؤمر من قطر.. ومشكلته في الحياة أن مصر الرسمية لا تعيره انتباها ولا راتبا.. وقلت اللهم اخزيك يا عبدالباري.

وسجلت في نفس الجانب أنني لن أكتب عما نشرته الصحف الفرنسية عن عنف جماهير الجزائر في شوارع مارسيليا وباريس.. ومن خلاله يمكن أن أهجو الجماهير الجزائرية التي لا يطيقها الكثيرون في جميع أنحاء العالم.. وقلت اللهم اخزيك ياساتان (SATAN) وهي كلمة فرنسية تعني الشيطان لعلها تكون أقرب إلي استيعاب إخوتنا في (لالجيري) لأن لغتهم العربية (بعافية).

وامتنعت عن أن أتطرق مجددا إلي افتعالات المذيعة لميس الحديدي.. المناضلة التليفزيونية المريعة.. من منصة الدولة.. ضد الدولة.. وقلت اللهم اخزيك يا (شوشو).. وهو اسم التدليل للشيطان علي اعتبار أننا نتكلم عن أنثي.

وسألت نفسي: هل سأمتنع عن كل هذا بخصوص مباراة الجزائر.. أليس هناك أيضا ما يجب أن أمتنع عنه من موضوعات أخري في يوم العيد؟.. وهكذا سجلت في قائمة ممنوعات العيد أي حديث عن تواطؤ الحكومة مع الصحافة الخاصة.. بالفلوس والمعلومات.. وهو الموضوع الذي تطرقت إليه من قبل تحت عنوان (العشيق السري للحكومة).. وقلت إن الله حليم ستار.. ولا داعي لأن نأتي علي سيرة العلاقات الحرام.

وقلت لن أكتب عن تدخل إيران في الشئون العربية.. ولا عن أفعالها العلنية والمريبة للتعريض بالأمن القومي للدول العربية.. أو التلويحات بإفساد موسم الحج.. وعدت أقول: اللهم اخزيك يا نجاد.

ورفضت أن أكتب عن الصراع الطاحن الذي خاضه المستوردون الأباطرة ضد اللحوم الأثيوبية.. حتي أشاعوا بين الناس أنها لا تؤكل.. ولا يجب شراؤها.. لكي يجهضوا محاولات انتشارها لرخص سعرها.. فيبقي لهم السوق مباحا.. ويكنزون مليارات إضافية.. وقلت اللهم ألا يخزيك - ألا - يا سكين يجب أن نستخدمه لذبح كل فساد.

وأوقفت نفسي عن أتناول سيرة وزير لن يتغير.. يقابلك بوجه.. ويعمل من خلفك بوجه آخر.. يقول كلاما علنا.. ويفعل غيره في الخفاء.. لا تمسك له كلمة.. ولا تعرف له موقفاً.. ولا يرتبط باتفاق.. ولا يلتزم بعهد.. وقلت اللهم اخزيك مرة أخري لن تتكرر يا شيطان.

واكتشفت أن القائمة في هذا الجانب تطول دون أن أدون في الجانب الآخر شيئا بعد.. وتساءلت: هل إلي هذه الدرجة تضغط علينا سوءات الحياة.. حتي ونحن نحاول الفرار منها في يوم العيد.. وأجبت نفسي أن هذا هو الواقع للأسف.. ومن ثم ليس أمامنا إلا أن نتوجه للناس بعظيم التهانئ وموفور الأمنيات.. راجين الله أن يعفو عن الجميع.. وأن يتقبل من حجيجه.. وأن يجعلنا بينهم في عام تال.. كل عام ومصر بخير.. كل عام ومصر قادرة علي أن تواجه كل هذه الأمراض.
الموقع الإليكتروني : www.abkamal.net
البريد الإليكتروني : [email protected]