الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ثروت عكاشة.. الضابط المبدع صانع المؤسسات الثقافية





شهد «المقهى الثقافى» بمعرض القاهرة الدولى للكتاب الاحتفال بواحد من أهم الرموز المصرية الثقافية الدكتور ثروت عكاشة، الذى قدمه الكاتب طلعت رضوان واصفا عكاشة بأن حياته تصلح عملا دراميا، لما فيها من صراع ما بين طبيعته كضابط قوات مسلحة، وبين طبيعته كمثقف.
 
بدأ الناقد والفنان التشكيلى عز الدين نجيب من معاصرى عكاشة وأحد الذين عملوا معه حديثه قائلا: الحديث عن عكاشة ذو شجون كثيرة لأنه صانع مؤسسات، فهو آت من منطقة العسكريين لكنه رائد ثقافى مهم وله رؤية ثقافية سابقة لعصره فى الخمسينيات، وكان لى الشرف أن أكون على مقربة منه وقت إنشاء قصور الثقافة من 1966 حتى 1968 وربما لا أبالغ حين أقول أن أغلب المؤسسات الحالية لم تستطع الحكومات المتعاقبة أن تضيف لها الكثير بعد عكاشة، فالمتاحف وآثار النوبة وهيئات الكتاب ومؤسسات كثيرة وضع بذرتها، فلم يكسر مشروعه الثقافى سوى نكسة 67، وتنبغى الإشارة إلى أن عكاشة عالمان عالم إبداعى وعالم الإدارة الثقافية، فموسوعته الشهيرة «العين تسمع والأذن ترى» لم تظهر موسوعة جديدة على مستواها، كما أنه كان دائما ما يبحث عن المبدعين المهمين والفنانين المهمين اهتماما منه بالحصول على حق نشر أعمالهم واقتناء أعمالهم الفنية، أيضا اهتمامه الواضح بالموسيقى فلم يكن يهتم بفرع واحد من الفنون دون غيره.
 
أكمل نجيب حديثه: حمل عكاشة شخصيتين هما شخصية المثقف الذى استطاع نقل ما سمى بفنون النخبة إلى أن تصبح فنونا لجموع الشعب وذلك بإنشائه أكاديمية الفنون التى أخرجت قامات رفيعة من مختلف الفنانين، أيضا حرصه الشديد على الثقافة الجماهيرية وذلك بتأسيسه الإدارة العامة للثقافة الجماهيرية عام 1966 ولم يبخل على أى من قصورها بما يحتاجه من إمكانيات وكذلك المبنى نفسه واهتمامه بما يقدم بها من فنون، كما أن تبنيه القضية الثقافية من الناحية السياسية كان له بعد آخر، فواقعة صدامى الشهيرة مع محافظ كفر الشيخ إبراهيم بغدادى الذى كان من قبلها رجل المخابرات العامة المعروف الذى وقف فى وجه استضافة أحد الكتاب الشيوعيين المهمين هناك ووقف عكاشة سدا منيعا بينى وبين المحافظ وعبدالناصر وتطور الأمر إلى احتمال هدم هذا المشروع من أساسه، وكانت معركة سياسية وقتها انتهت بنجاح عكاشة فى إقناع عبد الناصر بأنه مهم للنظام ويعتبر مراجعة للفكر، بعد ذلك أعطانى فرصة إدارة مراسم الغورى وهو من أسس منح التفرغ للتشكيليين وأعاد افتتاح متحف الفن الإسلامى والمصري، ويذكر له أن أسعار الكتب كانت تباع بقروش زهيدة لإيمانه بأن القراءة والثقافة هى كالماء والهواء، كذلك استعارته للقوافل الثقافية من أوروبا والتى تجمدت وأهملت بعد خروجه من الوزارة، وكانت فكرة مهمة جدا وبسيطة لا تحتاج لتكاليف التى كان لها فعل السحر فى تنمية وعى وثقافة الجماهير، الأخطر من ذلك هو مناقشة أسباب النكسة فى قصور الثقافة فالفلاحون كانوا يسألون ويستفهمون ويدلون بآرائهم فى النكسة.
 
فى كلمة قصيرة للروائى يوسف القعيد قال: عرفت عكاشة فيما بعد أن كان وزيرا، كان يشغلنى دائما يتناوب على وزارة الثقافة عكاشة وعبدالقادر حاتم، اعتقد أن أداء عكاشة شديد الاختلاف عن حاتم الذى كان أداءه ثقافيا أكثر بينما حاتم كان إعلاميا أكثر، سأقول ما عرفته عنه من خلال معاصريه، فأخبرنى نجيب محفوظ بأنه كان يعقد اجتماعا شهريا مع قيادات الوزارة لمتابعة وتطوير السياسة الثقافية وهو ما توقف بعد تركه الوزارة، ما من مشروع ثقافى مهم بمصر الآن إلا أسسه وفكر فيه ثروت عكاشة، أعتقد أن الدور الذى لعبته مصر من 52 إلى 72 فى الثقافة العربية كان من غرس وزرع عكاشة، صحيح أنه كان هناك فترة قد تراجعت فيه أنشطته إلا أنه استعاد نفسه سريعا ليستكمل مشروعاته الثقافية، ترجم عكاشة العديد من الكتب وله ثلاثة كتب مترجمة وأرى أن كتابه «مصر فى عيون الغرباء» من أهم الكتب وشديد الأهمية.
 
فى ختام الندوة شارك الناقد والشاعر المشرف على نشاط المقهى الثقافى شعبان يوسف بكلمة قصيرة قال فيها: أعتقد أن الثقافة وقت عكاشة فى الخمسينيات والستينيات كانت أفضل حالا من الآن، فهو واحد من ثلاثة مع فتحى رضوان وأحمد حمروش ممن ألقوا بظلالهم على الثقافة المصرية فكان مترجما من قبل توليه الوزارة أيضا كانت له تجربه صحفية مهمة فهو المؤسس الأول لصحافة يوليو، فبعد قيام الثورة تأسست مجلة «التحرير» فى سبتمبر 1952 وكان رئيس تحريرها أحمد حمروش ثم فى عددها الرابع أصبح عكاشة رئيس تحريرها، توقفت المجلة فى 1958 أو 1959 وكتب فيها أهم الكتاب والشعراء، تركها عكاشة فى العيد الأول لثورة يوليو لأنه كان له دور مهم فى ثورة يوليو تحدث عنه باستفاضة فى مذكراته.