الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وسام الاحترام لطفى لبيب المـدهـش

وسام الاحترام لطفى لبيب المـدهـش
وسام الاحترام لطفى لبيب المـدهـش




مصرى أصلى، كما قال الكتاب، شهم خفيف الظل، رجل مواقف «ابن بلد»، دافع عن الأرض فى حرب الشرف «أكتوبر73»، فكان فى الكتيبة الأولى التى تعبر قناة السويس، يرضى بقضاء الله فيما يصيبه، ناهيك عن ابتسامته التى يقابلك بها فتجدها تشع طيبة، فتشعرك على الفور كأنك تعرفه منذ عشرات السنين.. اتقن اللغة العربية عن طريق سماع القرآن الكريم، باختصار هو نتاج خليط امتزجت فيه مكونات كثيرة، متنافرة ومتناغمة، متقاربة ومتباينة، تاريخية وحضارية، لتقدم لنا فى النهاية لطفى لبيب، الإنسان والفنان، حينما نراه فى عمل فنى ندرك أننا أمام عمل مميز، فهو يملك مهارات صانع الألعاب، يراوغ ويناور فيصنع الأهداف، وله فلسفة خاصة فى ذلك، ففى شبابه طالما كان يلعب فى خط الوسط ولم يسع أبدًا لتمثيل رأس الحربة فى العمل الفني، لأن خط الوسط يتميز عن رأس الحربة فى عدة أشياء، أولها أنه يمكنه المشاركة فى أكثر من عمل وتقديم عدة شخصيات فى وقت واحد بعكس البطولة المطلقة يصعب عليها ذلك، كما أن  عدم نجاح العمل الفنى لا يؤثر عليه مثلما يفعل لرأس الحربة.
■ ■
عصفور يغرد فى كل البساتين.. كوميديان يهوى التنقل بحرفية بالغة بين أشجار التراجيديا المختلفة، اختار لنفسه أن يغرد خارج السرب، سار فى أصعب الدروب للوصول إلى أعلى القمم.. لم يسع إلى دور البطولة المطلقة أو النجم الأول بل سعى وقرر أن يبقى دائمًا الرجل الثانى، حقق مبدأ نجومية الشخصية والدور فى حد ذاته بعيدًا عن الخضوع لمنطق البطل الأوحد.
بالتدريج ومع مرور الوقت تربع «لبيب» على عرش الدراما التليفزيونية والمسرحية، أصبحت أدواره محط إعجاب الجميع.
■ ■
بدأ مسيرته الفنية متأخرًا 10 سنوات، فرغم تخرجه في  المعهد العالى للفنون المسرحية عام 1970، إلا أنه تم تجنيده لمدة 6 سنوات، ثم سفره للعمل خارج مصر الذى استمر حوالى 4 سنوات، وعقب عودته اشترك فى مسرحية  «مازالت المغنية الصلعاء صلعاء» وعام 1981 إخراج سمير العصفورى وبطولة احمد عبد العزيز وعايدة فهمى وبعدها مسرحية «الرهائن» بالاشتراك مع الفنانة رغدة، ورغم صغر أدواره فى مرحلة البدايات إلا أن «لطفي» المولود 18 أغسطس 1947 أصبح شريكًا أساسيًا فى معظم أفلام الفترة من 2000 إلى 2010، بعد نجاحه الكبير فى فيلم «السفارة فى العمارة» الذى يراه شخصيًا «فاتحة خير».
إلى جانب نشاطه فى السينما والتليفزيون والمسرح ألف «لطفى لبيب» كتابًا يحمل عنوان «الكتيبة 26 « والذى يتحدث فيه عن تجربته الشخصية خلال حرب أكتوبر من سبتمبر 1973 م وحتى فبراير 1974 م، كتبه بعد انتهاء حرب أكتوبر بعامين أى فى عام 1975 حيث كان مجندًا فى هذه الكتيبة أيام الحرب، وهى أول كتيبة عبرت القناة يوم السادس من أكتوبر واقتحمت حصون العدو، وفى حواره عما حدث معه فى حرب أكتوبر قال لبيب ..»تجربة حرب أكتوبر تجربة اختلط فيها الموت بالحياة..كان الموت يأتى مستعرضًا وينتقى من ينتقي..قتال وحصار وشهداء..مشهد يعجز العقل عن وصفه..كنت جنديًا فى سلاح المشاة..ومعجزة حرب أكتوبر هو عسكرى المشاة..لأن هو من  عبر مترجلًا وهو من تشبث بالأرض»، لم تتوقف موهبة لطفى لبيب عند التشخيص فحسب بل كشف كتاب تكريمه بالمهرجان القومى بأن لبيب يمتلك أيضًا موهبة التأليف وله تجارب فى كتابة السيناريوهات منذ سنوات طويلة حتى أنه قديمًا كان يستغل توصيل أبنائه للمدرسة كى يقضى فترة الصباح بالكامل فى كتابة الروايات إلى أن يحين موعد خروجهم من المدرسة ومن بين الروايات التى كتبها رواية «نيويورك»، «وداعًا سراييفو»، و«90 شارع شبرا».
■ ■
شارك الفنان القدير فى العديد من الأعمال المسرحية التى تركت بصمة كبيرة فى المشاهد المصرى، مثل مسرحية: «هانقول ايه» 1991، «الملك لير» 2002، «الملك هو الملك» 2006، «سى على وتابعه قفة» 2009.
كما شارك فى العديد من الأعمال السينمائية «المشاغبون فى الجيش» 1984، «الجلسة سرية»، «عودة مواطن» 1986، «يوم مر ويوم حلو» 1988، «كراكيب» 1989، «تحت الصفر»، «امرأة آيلة للسقوط» 1992، «إنذار بالطاعة»، «المراكبي» 1995، «عفاريت الأسفلت، «النوم فى العسل» 1996.
■ ■
هو أسطورة عطاء فنى ممتدة ومحفورة فى وجدان المصريين.. هو صاحب الأداء الرصين المميز على مدار السنين.. هو فنان يحمل فى داخله حب الوطن الذى حارب من أجله وخاض أشرف المعارك.. لأجل الكثير مما قدم للفن ولبلده وجدناه عن جدارة يستحق وسام الاحترام.