الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«الرايخستاج»

«الرايخستاج»
«الرايخستاج»




للمبانى التاريخية سحر فريد يتضاعف عندما تمتزج صراعات السياسة والحروب والفن فى ثنايا هذه المباني، ولعل مبنى البرلمان الألمانى «الرايخستاج» العريق القابع فى وسط العاصمة «برلين»  يقف شاهدًا على 150 عامًا من التاريخ الألمانى.  كان «الرايخستاج» مبنيًا فى الأصل لإقامة برلمان الإمبراطورية الألمانية، وذلك عام 1871.

 

جرافيتى الجنود السوفييت

 

فى بداية زيارة لمبنى البرلمان الألمانى، رافقت فيها مرشدة بولندية الأصل وفدًا من الصحفيين من مصر والعراق والأردن كانوا فى زيارة لألمانيا أواخر أغسطس الماضى، فوجئنا بأعمدة ضخمة وحوائط قديمة متروكة كما هى، تعلوها كتابات أغلبها بالأبجدية الروسية تعبر عن أسماء وتواريخ يعود أغلبها إلى عام 1945 تاريخ نهاية الحرب العالمية الثانية ونهاية «هتلر» وتحمل هذه الكتابات والرسوم الجرافيتية زهوة انتصار الجنود السوفيت بعدما احتلوا مبنى «الرايخ».
تشرح المرشدة أنه مع انتصار الجيش السوفيتى على الألمان واستيلائهم على برلين أواخر إبريل عام 1945 هاجموا مبنى الرايخستاج ليكون الحلقة الأخيرة التى استسلمت بعدها ألمانيا وسارع الجنود السوفيت لتسجيل مشاعر الزهو وفرحة الانتصار على جدران البرلمان.

 

حريق..  وحرب وتقسيم

 

تعرض مبنى «الرايخ» عبر تاريخه لمآس عدة أبرزها حريق فبراير 1933 على يد عاطل هولندى بعد وقت قليل من وصول أدولف هتلر إلى منصب مستشار ألمانيا لتأتى مرحلة تقسيم ألمانيا من 1945 إلى سقوط جدار برلين عام 1990 وتوحيد البلاد.. حينذاك، قرر مجلس الحكماء فى 20 يونيو عام 1991 نقل البرلمان والحكومة إلى برلين، وبعد طرح المشروع للمنافسة المعمارية الدولية عام 1995  تأسس حى برلمانى جديد على نهر شبريه بالمدينة.. فاز فى المسابقة المهندس المعمارى البريطانى «نورمان فوستر»، الذى عمد إلى إحداث توازن بين الكثير من العناصر.

 

الكراسى الزرقاء

 

يتكون البوندستاج الألمانى فى دورته التشريعية التاسعة عشرة عقب انتخابات عام 2017 من 709 نائبا، ليصبح أكبر برلمان فى تاريخ ألمانيا.
ولاختيار لون الكراسى الزرقاء قصة طريفة، حيث كانت الفكرة أن تكون رمادية اللون ولكن لأنه اللون المسيطر على دهانات الحوائط والسجاد ثار جدال عاصف لاختيار لون بديل تتفق عليه الكتل البرلمانية. وكان أهم عنصر ركز عليه المعمارى «فوستر» هو القبة الزجاجية التى تميز مبنى «الرايخ» حيث يزورها أكثر من ثلاثة ملايين شخص سنوياً من كل أنحاء العالم، ويبلغ قطرها 40 مترًا وترتفع 47 مترًا وهى تتيح إطلالة ساحرة لمدينة برلين يمكن للزائر تأمل برج التليفزيون وكاتدرائية «برلين» وجزيرة المتاحف. وحلت هذه القبة بديلًا عن القبة الأصلية التى تعرضت لأهوال الحرائق ومعاول الحرب والإهمال.

 

سجادة صلاة ومسامير ورمال

 

يزخر المبنى بكثير من اللوحات الفنية التى تزين أروقته وغرفه وما يجذب اهتمام الزائر غرفة أبدعها النحات الألمانى «جونير أوكر» تحتوى رموزاً للديانة اليهودية والمسيحية والإسلامية، حيث توجد سجادة صلاة ومؤشر لإتجاه القبلة وتضم كراسى خشبية مجردة وتلتف حوائطها بتكوينات من الخشب والمسامير والأحجار والرمل. وكما توجد غرفة مثل السرداب ذى الإضاءة بمصابيح قديمة صممها الفنان الفرنسى «كريستيان بولتنسكى» فى الطابق الأرضى لتعكس تاريخ ألمانيا عبر صناديق تشبه طوب البناء تمثل أرشيفًا كاملًا باسماء كل أعضاء برلمانها المنتخبين ديمقراطيًا من عام 1919 حتى عام 1999، ومنهم أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية وهتلر.