الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إنذار شديد اللهجة
كتب

إنذار شديد اللهجة




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 25 - 01 - 2010



الرئيس يفجر القنابل الموقوتة في وجه المتآمرين


1

 

 

 


"حالة من التألق والقوة والإبداع".. هذا هو الوصف الدقيق لخطاب الرئيس في عيد الشرطة أمس، نبرات صوته كانت حادة وتعبر عن مضمون الجمل والعبارات الحاسمة التي جعلت الحماس يتدفق في القاعة الرئيسية بأكاديمية الشرطة.


لم يترك الرئيس قضية تشغل بال المواطنين في هذا الوقت العصيب، إلا واقتحمها، معبرًا عن أحاسيس الناس وحماسهم، لأنه واحد منهم ولم ينعزل أبدًا عن مشاكلهم وتحدياتهم وطموحهم.
نجع حمادي.. ليس هناك وصف أدق مما قاله الرئيس بأن الحادث الإجرامي هز ضمير الوطن، صدم مشاعرنا وأوجع قلوب المصريين، مسلميهم وأقباطهم.
2
الاستقواء بالخارج: لم يشأ الرئيس أن يتطرق لتفصيلات، لكنه وجه تحذيرًا شديد اللهجة للقوي التي تصب الزيت علي النار، محاولين إشعال الفتن بين أبناء الشعب الواحد.
إنه أمن مصر القومي بمفهومه الشامل، وهو مسئولية الرئيس الأولي، ولن يسمح بأي تهاون أو تفريط، لذا كانت تعليماته فورية وقاطعة بسرعة ضبط الجناة وتقديمهم للمحاكمة العاجلة.
إنه رئيس كل المصريين، الساهر علي تحقيق أمنهم واستقرارهم وطمأنينتهم، القائد الذي انتصر في معركتين من أشرس المعارك في التاريخ.. الحرب ضد الاحتلال، والحرب ضد الإرهاب.
3
مخطئ من يتصور أن الدولة المصرية غافلة عما يحدث، أو أنها ستسمح لدعاة الفوضي ومشعلي الفتن بأن يحققوا أي انتصارات، أو أنها لا تعرف القوي المجرمة التي تعمل وفق مصالحها وأجندتها.
استدعاء التاريخ: أمثلة خاطفة وسريعة استعرضها الرئيس لاستنهاض روح الأمة والتذكير بأيام الوحدة الوطنية النبيلة التي امتزجت فيها دماء وأرواح المسلمين والأقباط، دفاعًا عن تراب الوطن المقدس.
عندما اعتدت إسرائيل علي نجع حمادي سنة 8691، وفي حرب أكتوبر 37، لم يكن هناك "مسلم" أو "مسيحي" بل "مصري" يدافع عن وطنه بالروح والدم.. فكان النصر من عند الله أولاً والتضحيات ثانيًا.
4
كلمات كالرصاص.. واستمرت خطبة الرئيس كالرصاص الساخن الذي يخترق صدور وقلوب المتآمرين ضد أمن هذا الشعب ووحدته الوطنية، ولم أسمع الرئيس منذ سنوات طويلة حادًا وغاضبًا بهذا الشكل.
ظهرت حدته بوضوح، وهو يؤكد أن مصر ستواجه أي جرائم أو أفعال أو تصرفات تأخذ بعداً طائفيًا بقوة القانون وحسمه، وسوف تردع من يستخف بأمن الوطن ووحدة أبنائه.
وظهر غضب الرئيس، وهو يواسي الأقباط ويقدم لهم خالص العزاء في الحادث البشع الذي وقع ليلة عيد الميلاد، بالصورة الإجرامية البشعة التي تسيء لمصر وحضارة شعبها.
5
لا.. لأنصاف الحلول: خطبة الرئيس اقتحمت المشكلة الطائفية من جذورها، وهو يؤكد "لا.. لأنصاف الحلول" وفي موضع آخر يدعو إلي وقفة جادة وصريحة مع النفس.
وقفة صريحة تجعل مصر أولاً وقبل أي شيء وكل شيء آخر، وتوعد الرئيس كل من يحاول النيل من وحدة الشعب المصري أو الإساءة إليها من الجانبين، وأنه لن يتهاون أبداً مع هؤلاء.
وقفة مع النفس ترفع شأن الخطاب الديني المستنير البعيد عن التعصب والجهل.. ودون أن يلقي لوماً مباشرًا علي الأزهر والكنيسة، من واجبهما إحياء الروح المصرية الأصيلة والخطاب الديني المستنير.
6
القنابل الموقوتة في وجه أصحابها.. وليس في وجه مصر وشعبها.. وكأن الرئيس نزع عن تلك القنابل الفتيل، وألقاها في وجه من حاولوا أن يرموها في أحضان مصر والمصريين.
فالفتنة التي حدثت في الجنوب ليست بعيدة عما يجري علي الحدود مع غزة، وكلها تحديات تواجه الأمن القومي المصري، والفوضي علي حدودنا لاتقل خطورة عن الإرهاب والتطرف علي أرضنا.
فجر الرئيس قنبلة فشل السلام في وجه أصحابها، وهم إسرائيل والقوي الفلسطينية المناوئة للسلام، بينما يدفع الشعب الفلسطيني الثمن من معاناته وضياع قضيته العادلة.
7
صفعة علي وجه المزايدين.. وجهها الرئيس للمزايدين الذين يقودون الحملات المكشوفة ضد مصر، من قوي عربية وإقليمية لم تقدم يوماً ما قدمته مصر لفلسطين وشعبها.
الخزي لمن ينظمون مهرجانات الخطابة للهجوم علي مصر، وبيوتهم من زجاج.. وضجت القاعة بالتصفيق الطويل عندما قال الرئيس "لو شئنا لرددنا الصاع صاعين لكننا نترفع عن الصغائر".
الفخار لمصر، والعار للقوي والتيارات والدول التي من مصلحتها أن يستمر الحصار علي الشعب الفلسطيني فتعرقل المصالحة وتفسد جهود التسوية السلمية، من أجل أجندتها الخاصة.
8
إعلاء الكرامة الوطنية.. كرامة مصر وكبرياء شعبها خط أحمر، وكان الرئيس في منتهي القوة وهو يؤكد أن الإنشاءات والتحصينات عمل من أعمال السيادة.. لن ندخل فيه في جدل مع أحد أيا كان.
قد تصبر مصر علي حملات التشهير والتطاول، ولكنها لاتقبل أبداً الاستهانة بحدودها أو استباحة أرضها، أو استهداف جنودها ومنشآتها.
الكرامة الوطنية خط أحمر، وقد رفضت مصر أن تنضم للاتفاق الأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة في عهد بوش، وعندما تحمي حدودها، فهذا حق الدولة المصرية وواجبها.
9
خطاب الرئيس أمس كان بمثابة مصارحة جادة وجريئة مع النفس، وامتدت عباراته كمشرط الجراح تغوص في أوجاع كثيرة، يجب تنظيفها قبل تضميدها، حتي تشفي الآلام.
الرئيس كمن يقرأ من كتاب مفتوح، وهو ينتقل من ذكريات الماضي حتي أحداث الحاضر، مستشرفًا آفاق المستقبل، مؤكدًا أن مصر تمسك بكل الخيوط في يدها.. بقوة وعزيمة.
خمس قضايا علي الأقل، فجرها الرئيس أمس، وتحتاج حوارًا مجتمعيا هادفًا، يرسم معالم الطريق، لأهم القضايا والتحديات التي تواجه الوطن، من الفتنة الطائفية حتي الكرامة الوطنية.


E-Mail : [email protected]