السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«جمهورية الفيوم» أنشأتها ثورة يوليو ونظام مبارك حولها إلى مستعمرة لأصحاب النفوذ





«الجمهورية» قرية  تقع فى الشمال الشرقى لبحيرة قارون وسط صحراء الفيوم  والتى أنشأها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بعد ثورة يوليو المجيدة  وتضم قرية أم و ثلاث قرى صغيرة تسمى ناصر والعمال 1 و 2  وتبعد عن القاهرة حوالى 65 كيلو متر وعن مدينة الفيوم حوالى 30 كيلو مترا  تقطعها السيارة فى 60 دقيقة نظرا لوعورة الطرق التى تؤدى لها.
 
هذه القرية أقيمت فى بداية الستينيات وكانت عبارة عن 3 آلاف منزل تضم الأسر المعدومة والعاملين فى دوائر الانتفاع والذين ليس لهم مصادر للرزق والنازحين من محافظات شمال الصعيد حيث تم منح كل أسرة 3 فدادين ارض مستصلحة وجاهزة للزراعة بجانب جاموسة بالاضافة إلى منحهم معونات غذائية من منظمتى اليونيسكو واليونيسيف.
وكانت القرية الام تضم منازل اخرى على طراز آخر خاصة بالمشرفين والعاملين بالجمعية الزراعية ووحدة صحية وأخرى بيطرية.
وبدأ توافد الفلاحين من كل حدب وصوب نظرا لتمتع المنطقة بالطبيعة البكر والجو الجميل البعيد عن الملوثات وبدأت  تنتج القمح والذرة والقطن بكميات وفيرة حتى اطلق عليها الفلاحون «قرية الذهب»  نظرا لخصوبة أراضيها.. ظل اهالى القرية يعيشون فى رغد حتى  جاء نظام المخلوع حسنى مبارك  حيث وفد الى القرية مجموعة من اصحاب النفوذ من الضباط المتقاعدين ورجال قضاء سابقين وفنانين وراقصات يدعمهم جهاز بوليسى جبار واستولوا على آلاف الافدنة بالمنطقة الصحراوية من بينها نصيب الفلاحين البسطاء..
من هنا بدأت مشكلات الرى لاراضى  قرية الجمهورية ومع استمرار حالة انهيار الاراضى الزراعية قام مجموعة من الفلاحين فى 1983 بالتظاهر احتجاجا على بوار اراضيهم و مع حالة التجاهل لمطالبهم قاموا  بالذهاب الى ترعة بحر وهبى وحطموا ماكينات الرى والفتحات المخالفة الخاصة بإلهام شاهين و ليلى علوى ويوسف شعبان وعبد العزيز مخيون وغيرهم. 
وبعدها حاولت الحكومة علاج المشكلة بإنشاء محطات رفع عملاقة لمعالجة مياه الصرف الزراعى والصحى معا لاستخدامها فى رى  أراضى قرية الجمهورية لتعويض نقص المياه التى استولى عليها اصحاب النفوذ.
وكان هذا الاجراء بمثابة طامة كبرى للمزارعين البسطاء والتى لم يكتشفوا حقيقة الكارثة الا بعد مرور سنوات عندما رأوا اراضيهم تتآكل من الاملاح الجيرية الناتجة عن خلط مياه الصرف الصحى والزراعى الواردة من مصرف البطس.
ويصف عبدالحليم محمد عبدالحليم «فلاح» ما حدث بالمأساة بعدما بارت اراضيهم وانهارت محاصليهم و تحولت اجود اراضى المحافظة الى خرابات وتربة تتوسطها الشقوق تتزين بنبات «الشوك»  والبردى بدلا من القمح والذرة والشعير والبرسيم والقطن...
ويضيف راضى عبد الحميد «فلاح» ان ابناء القرية الذين كانوا يعملون بالزراعة هجروا القرية للعمل كبوابين وفى طائفة المعمار وخفراء للعمارات بالقاهرة والجيزة ومدينة 6 أكتوبر بعدما استولى رجال النظام السابق على اراضيهم ومنازلهم واصبحوا بلا مأوى حيث التهم الفقر والجوع اجسادهم..
ويرى شريف البرباشى ناشط حقوقى ان الخصخصة كانت أحد الاسباب الرئيسية فى تدمير اقتصاديات ابناء القرية حيث تم إغلاق اكبر مشروع لتسمين البتلو بالفيوم والذى كان يقع على مساحة 300 فدان ويعد مصدرا رئيسيا للغذاء البروتينى من اللحوم الحمراء والدواجن وكان يوفر الآلاف من فرص العمل لابناء المحافظة قد تم بيعه لاحد الاشخاص من رجال النظام السابق بـ 5 ملايين جنيه قيمة 20 فدانا فقط ورغم ذلك لم يسدد هذ المستثمر باقى قيمة المشروع مما أدى فى النهاية الى قيام بعض المواطنين بالاستيلاء على اراضى المشروع و بناء منازل عليها بطريقة عشوائية.
وتطرق راضى اسماعيل «مزارع»  الى مشكلة أخرى تتمثل فى اصابة المئات من أبناء القرية بأمراض الفشل الكلوى والسرطان بسبب الملوثات التى تنبعث من مصانع المنطقة الصناعية بكوم اوشيم التى اقيمت شمال القرية دون مراعاة لوجود كتل بشرية تقيم بجوار هذه المصانع بخلاف تدمير الاراضى الزراعية نتيجة المخلفات التى تقذفها المصانع بشكل يومى دون رقابة او محاسبة من اجهزة الرصد البيئية التى تعمل هى الأخرى لحساب الكبار.
ويضيف محمد عبد الرحمن «مزارع» ان قرية الجمورية كان يطلق عليها جزيرة الذهب والتى تحولت مؤخرا الى غابة يقطنها الوحوش وتجار السلاح بعد ثورة يناير الماضى الذين نزحوا من اماكن الاجرام بالقاهرة والجيزة والهاربين من قبضة العدالة الذين يمتهنون مهن البلطجة والتنقيب عن الاثار خاصة ان المناطق الاثرية تقع بالمنطقة الجبلية غرب بحيرة قارون والتى كان يقيم بها الفراعنة والرومان و تكتظ بالآثار بالاضافة الى انها تبعد كثيرا عن القبضة والسيطرة الامنية مما يؤدى الى ترويع ابناء القرية البسطاء وفرض الاتاوات عليهم. واصبحت القرية مخبئا لمحترفى الاجرام.
ويشير زويد حسين دسوقى «مزارع» الى ان المستشفى الوحيد بالقرية التى تضم 40 الف مواطن متوقف منذ 4 سنوات بسبب أعمال التطوير وفشل المقاول فى الحصول على مستحقاته لافتا الى انه فى حالة وقوع حادث يتطلب ذلك نقل المصابين والمرضى الى مستشفى طامية الذى يقع على بعد 15 كيلومترا  مما يتسبب فى وفاة المصابين خاصة الصبية الذين يقودون دراجات الموت «الصينى»  التى اصبحت نعوشا طائرة تصطاد شباب القرية يوميا.
 من جانبه يؤكد المهندس أحمد على أحمد محافظ الفيوم أنه تم إسناد مهمة تطوير المستشفى القروى لاحد المقاولين و يتم مد خط لمياه الشرب بقطر 500 مم وتم وضع طريق المؤدى للقرى الثلاث ضمن خطة الرصف القادمة بطول 4 كيلو مترات.