الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شهداء الشرطة




انتبهت ملياً‮ ‬إلي اقتراح زميلة في‮ "‬روزاليوسف‮" ‬الأسبوعية إعداد تحقيق عن توالي سقوط عدد من شهداء الشرطة في المعارك ضد الجريمة،‮ ‬وطلبت منها أن تضفي عليه مزيجا من الأبعاد الأمنية والإنسانية‮. ‬لكنني قررت السطو المعنوي علي الفكرة من ناحيتي دون أن أبخس زميلتي حقها‮.‬

‮ ‬أذكر جيداً‮ ‬أنني كتبت قبل أعوام مانشيتاً‮ ‬مؤثراً‮ ‬في عيد الشرطة تعليقا علي صورة لطفلة يتيمة مات أبوها الضابط كان يكرمها الرئيس ووضعت عنواناً‮ ‬يقول‮ (‬رحم الله أباك‮).. ‬ولكن المعني المؤلم يتكرر وصار علينا أن نترحم علي أكثر من أب ضابط‮.‬

‮ ‬في العام الماضي تكررت هذه النوعية من الحوادث الخطيرة‮. ‬ضابط كبير أو صغير يخرج إلي مهمة‮.

‬فلا يعود إلا بعد أن تكون قد استقرت في صدره أو رأسه طلقة رصاص‮. ‬وعلي الرغم من أننا لا نعيش عصر الإرهاب‮.. ‬إلا أننا نعيش عصر البلطجة‮.. ‬وعصر اجتراء الإجرام والمجرمين‮. ‬فيما مضي كان لدي المجرمين بعض الخشية والخوف من ارتكاب هذا الفعل‮.. ‬دائما كان المجرم يفر‮.. ‬فإذا ما حوصر كان أن أطلق النار‮.. ‬الآن هم يبادرون بإطلاق النار‮.‬

‮ ‬العمل الأمني أصبحت خطورته أكبر مما كانت عليه‮. ‬وكنت أستطيع أن أستوعب أن تاجر مخدرات يدرك أنه لو ضبط سيذهب إلي حبل المشنقة فإنه يقاوم بأن يطلق النار‮. ‬لكن ما أزعجني قبل أيام أن ضابطا في شرطة المسطحات المائية خرج ليواجه مجموعة تعديات علي أراض في النيل‮.. ‬فلقي الرصاص الذي أرداه قتيلا‮.. ‬الجريمة تزداد شراسة‮.. ‬والمجتمع يتغير‮.. ‬ويذهب إلي آفاق قاسية‮.‬

‮ ‬وبخلاف هذا التحقيق الذي سننشره فإنني لم أقرأ أي مساندة للجهاز الأمني أمام تلك الظواهر الجديدة‮. ‬أباطرة الإعلام مشغولون بما هو أهم من وجهة نظرهم‮.. ‬بأي صخب له علاقة بمصالح رجال الأعمال‮.. ‬وبأي افتعال ضد الحكم‮.. ‬بأي طنطنة لصالح جماعات‮ ‬احتجاجية أو محظورة‮.. ‬والأخطر‮:

‬قدر هائل من التشويه في حق رجال الشرطة الذين أصبحت ظهورهم مكشوفة إعلامياً‮ ‬وصحفياً‮.. ‬أي منهم إذا أخطأ صبوا جام الغضب علي الجهاز الأمني كله‮.. ‬أما إذا قتل واستشهد أثناء تنفيذ القانون فإنه لا يعار اهتماما‮.‬

‮ ‬وقد أذهب بعيدا وأقول‮: ‬إن بعضا من أسباب الاجتراء له علاقة بهذه الحملة الشعواء المستمرة التي يتم شنها علي جهاز الشرطة منذ أربع سنوات‮.. ‬كثير من البلطجية وجدوا أنفسهم في حماية صحف ومدونين ومحطات تليفزيون دافعت عنهم وناصرتهم تحت شعارات حقوق الإنسان‮.. ‬ولا أرغب في أن أعبر عن خشيتي من أن هذا قد يؤدي إلي ارتعاش يد الشرطة‮.. ‬ولا يعني ما أقول هنا أنني ضد حقوق الإنسان‮.. ‬فالواجب دائما علي كل رجل أمن أن يلتزم حدود القانون في عمليات الضبط والتحقق والاستجواب والاحتجاز‮.‬

‮ ‬إن أول الخاسرين من هذا الذي يجري هو المجتمع الذي يريد أمنا وحماية ومكافحة للجريمة‮.. ‬في نفس الوقت الذي يريد فيه التزاما بحقوق‮ ‬الإنسان‮. ‬ومن المدهش أن بعض الإعلاميين لو سرق منه شيء فإنه يطالب الشرطة بأن تمارس ما في وسعها من ضغوط لكي تستعيد له مسروقاته ممن اشتبه بهم‮. ‬لكن هؤلاء أنفسهم هم الذين يلاحقون جهاز الشرطة بالاتهامات‮.‬

‮ ‬هؤلاء الشهداء‮.. ‬كانوا في مهام عمل‮.. ‬يقومون بها علي مدار الساعة لكي نعيش في أمان‮.. ‬وبالتأكيد لم نكن لنسمع شيئا عن مجهودهم لو عادوا إلي مكاتبهم ومقراتهم سالمين‮. ‬لكن الخبر الصغير أصبح يتكرر وتجده حتي خارج الصفحات الأولي لأنه أصبح معتاداً‮: ‬مصرع ضابط أطلق عليه أحد المجرمين رصاصاً‮ ‬أثناء ملاحقته‮.‬

‮ ‬هؤلاء الشهداء يتركون خلفهم عائلات ثكلي‮. ‬لن تعوضها معاشات استثنائية ولا رتب شرفية‮.

‬وراءهم أيتام‮.. ‬وأرامل‮.. ‬لن يطعمهم التكريم‮.. ‬ولن يستعيدوا من فقدوا بمقال يتحسر علي زيادة حالات الاستشهاد‮.. ‬وسوف يبقي ذنبهم معلقاً‮ ‬في رقبة كل صاحب قلم وكل مذيع لا يتواني عن أن ينجرف في اتجاه حملات مشبوهة ضد جهاز الأمن‮.‬

‮ ‬إن علينا أن نحمي حقوق الإنسان‮. ‬وأن نصون كرامة أي متهم‮. ‬لكننا لابد أن ندعم ونعضد جهاز الشرطة في مهمته ودوره‮.. ‬وألا نكشف ظهره أمام الإجرام‮.. ‬فهو في الأصل يخرج مكشوف الصدر ضد البلطجة والجرائم التي‮ ‬تزيد بفعل المتغيرات الاجتماعية المتنوعة‮.. ‬فانتبهوا أيها السادة‮.‬

الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net

البريد الإليكترونى: [email protected]