الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

معرض «ذكرى» الأخوين «وانلى» بالأوبرا





يقول «إننى أعيش فني، أذهب وأجيء مع الطبيعة، وفى الطبيعة مع البحر، وفى البحر الأمواج، والصيادون، والشاطئ والطرقات والحواري، ذات البلاط المربع الذى يعلو ويهبط، وتشم فيه رائحة الزمن»، إنها أحد مقولات الفنان التشكيلى السكندرى سيف وانلى، الذى يعرض له بقاعة «أبعاد» بمتحف الفن المصرى الحديث معرض «ذكرى» لإبداعات الأخوين سيف وأدهم وانلي، ضمن سلسلة من المعارض تشهدها قاعات قطاع الفنون التشكيلية احتفاء بالرواد.



سيف وانلى (1906 -1979) وأدهم وانلى (1908-1959) أشهر فنانى الإسكندرية، يمثلان حالة خاصة فى تاريخ الفن التشكيلى المصري، لأنهما شقيقان يملكان موهبة الرسم والتصوير، تلازما فى مشوارهما الفني، وأصبحا متقاربين فكريا وفنيا وتقنيا، تركا وظائف الدنيا ليخلصا للفن، وكان مرسمهما مزارا للفنانين والمثقفين لأكثر من 40 عاما، وبعد وفاة أدهم عام 1959 أكمل سيف المسيرة الفنية بكل الأساليب الفنية التعبيرية والتأثيرية الوحشية التجريدية والرمزية، وكانت أعمالهما تعرف بـ (الوانلية) فى إشارة إلى الفن المتفرد والخصوصية التشكيلية الذى تميز بها الأخوان وانلى، مهما تطور أسلوبهما.

كان سيف وأدهم وانلى سريعا التنقل والتجول بين مختلف المذاهب الفنية، كانا أسبق من الاتجاهات التى ظهرت فى الغرب فى هذه الفترة، بالإضافة إلى أن أعمالهما بها طابع مدينة الإسكندرية، ولكن حين جاءا إلى القاهرة تغيرت أعمالهما، وكانت نقطة تحول وأصبحت تسجيلا للأحياء والتجمعات الشعبية مثل المقاهى العامة.

أعمالهما لها طابع غنائى وإيقاعى لونى وتشكيلى وأن أعمالهما أشبه بالموسيقى الخفيفة فى موضوعات رسوم الباليه وفن الاختزال الموسيقى والبحر، التى تجعل المشاهد يحس بالطرب اللونى والحركي، وفى مقارنة عقدت من قبل النقاد سابقين قيل عنهما أنهما أعادا إلى الأذهان مسيرة فن «ديجا»، بسبب اهتمامهما برسم وتصوير فنون المسرح، خاصة البالية، بل إنهما تفوقا على «ديجا» الذى ظل حبيس البالية ولم ينطلق انطلاقتهما التى تعددت الموضوعات والأساليب، سجل أدهم وانلى فى أعماله آثار ومعالم النوبة، وكان ذلك قبل إقامة السد العالى وشغلته دائما مصر فى مشاهد كثيرة للنيل.

يقول الدكتور صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية: هذا المعرض يأتى استمراراً لسياسة القطاع نحو إحياء ذكرى جيل الرواد من الفنانين، ووفاء وعرفاناً بدورهم وإسهاماتهم فكراً وعلماً وإبداعاً، وهو تقليد جديد نحرص من خلاله على أن نقدم لجمهور وفنانى مصر كل شهر سيرة عطرة، ومشوارا مشرفا من سجل تاريخ هؤلاء النجوم الخالدة.

أما فنان الإسكندرية الفنان التشكيلى عصمت دواستاشى قال عنها: لقد رسم سيف كل شىء يحيط به، أينما كان، وفى أى لحظة نهارا أو ليلا وفى ظلام قاعات المسارح، أساسا كان ينفذ أعماله بالألوان الزيتية أو الجواش أو الأقلام السوداء والملونة، ولكنه كان يرحب بأى وسيط آخر يجده أمامه، بقايا فنجان قهوة رماد سيجارته التى لم تكن تفارق شفتيه أبداً مثل ابتسامته الطيبة الصادقة .. كان سخياً ثريا فى عطائه الإبداعى لم يكن يعنيه كم ما يرسم وهل سيؤثر ذلك على أسعار أعماله فيما بعد أو تنقله من أسلوب إلى أسلوب، كان يشعر داخل ذاته بأنه فى النهاية يقدم نفسه وفنه الخاص به، أحاسيسه الداخلية وترجمته للواقع برؤية جمالية سكندرية بحته.

والناقد الفنى والفنان التشكيلى مكرم حنين قال عنهما: خشبة مسرح الأوبرا شهدت ميلاد فنان، اكتشف سيف وانلى أن البشر نغمات لونية تتباعد وتتقارب فى لوحة الحياة ببساطة رغم تعقيدات الحياة التى تواجهها لوحاته، لحن حالم زهرة بسيطة رقيقة تخفق أوراقها الرقيقة بحب الإنسان وتغنى للحياة، كانت رحلة الفن شاقة للغاية بالنسبة لهما فقد كانت مرحلة نضجهما الفنى هى فترة ما بين الحربين الأولى والثانية وما تبعهما من ركود اقتصادى وما تلا ذلك أيضا من ظروف اجتماعية غير مستقرة بعد عام 1952، ثم حرب 1956 كان الفن بالنسبة لسيف وانلى وأيضا أخيه مساو للحياة، ولم يتركا لهما مساحة زمنية للانطواء أو الإحباط المدمر.