الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

"اتلهي" يا كابتن !




عذراً.. سوف أعود إلي مذكرات السادات وما تثيره مرة أخري، فقد قطع تواصلي معها خطاب مستفز وصلتني نسخة منه.. موجه من رئيس اتحاد كرة القدم سمير زاهر إلي رئيس المجلس القومي للرياضة المهندس حسن صقر بتاريخ 16 ديسمبر.. وقد وجدتني راغباً في أن أعلق عليه وأن أقول للكابتن رئيس الاتحاد: اتلِهِ «فصحيحها لغويا بدون الياء».!

وليس في المعني أي عيب كما قد توحي بداية، وهي عربية صحيحة يقال: لهوت بالشيء أي ألهو به لهوا، واللهو هو ما لهوت به وشغلك عن أمور أخري.. ولذا أدعو الكابتن سمير زاهر لأن «يتلهي».. بدلاً من الانشغال بأمور وردت في ذلك الخطاب.

والخطاب ركيك اللغة ضعيف القيمة، رث الأسلوب، تعجب كيف يصدر بهذه الصورة عن اتحاد رياضي أهلي عريق كان أولي بمن كتبوه أن يذهبوا أولاً إلي مدرس للغة العربية.. وعلي سبيل المثال فإن سمير زاهر يقول في الخطاب الرسمي «هذا الحملة ـ نعم قال هذا ووقع عليها ـ سوف تكلفنا أكثر من مليون ومائة ألف جنيه تقريباً».. وأنت لا تعرف لماذا ستكون التكلفة «أكثر» مادام يقول «تقريباً».

والحكاية أنه يلح ويطلب من المجلس القومي للرياضة تمويل مؤتمر صحفي عالمي يوم 7 يناير المقبل لدعم الملف المصري علي المستوي الرسمي في الاتحاد الدولي بخصوص مباراة الجزائر.. رداً علي «نشر أخبار وادعاءات وافتراءات غير صحيحة في الأوساط الإعلامية العالمية وما نتج عنها من آثار سلبية».

وبغض النظر عن أنه من المفترض أن تدار الأمور في هذه الأزمة بطريقة أكثر حكمة... وبدون صخب إعلامي خاصة أن الرئيس دعا إلي أن تتوقف وسائل الإعلام عن الإثارة في هذا الأمر.

وبغض النظر عن أن الكابتن سمير زاهر ينحو في اتجاه الافتعال.. خصوصاً بعد تصريحه النزق بأنه سوف يلطخ علم الفيفا بالدماء.. وقد وبخه عليه جوزيف بلاتر علنا.

وبغض النظر عن أن السعي إلي عقد هذا المؤتمر هو محاولة لاستنهاض ضجيج إعلامي غطي علي سوءات الاتحاد ونقائصه ومشكلاته في إدارة شئون تلك المباراة التي انتهت بالهزيمة.

وبغض النظر عن أن الفريق القومي والاتحاد المذكور هو الذي اختار السودان ـ وليس غيرها ـ ملعباً للمباراة، فإن ما يلفت نظري هو ما يطلبه سمير زاهر لعقد هذا المؤتمر الصحفي غير المبرر.

هو يريد من المجلس القومي للرياضة من أجل عقد المؤتمر الصحفي «مليوناً ومائة ألف جنيه» ـ أكثر وتقريباً ـ ويقول إن التكلفة سوف تتوزع في مرحلة أولي علي «دعوات لشخصيات عامة وشخصيات إعلامية مشهورة علي مستوي العالم ـ تذاكر طيران وإقامة وإعاشة وتنقلات وإيجار قاعات ـ بالإضافة إلي التنظيم الفني لإقامة هذا المؤتمر وما يترتب عليه من اجتماعات مهمة مؤثرة لموضوع المؤتمر».

ولا يكتفي بهذا بل ويريد أيضا «500 ألف جنيه» للمرحلة الثانية الخاصة بمتابعة نتائج هذا المؤتمر العالمي في حالة الاحتياج الضروري لها.. وفقاً لنص الخطاب.

ولست أدري ما هذا السفه الذي يتميز به رئيس الاتحاد الذي يصر علي أن يستنزف اتحاده كل وسيلة ممكنة لجلب المال من الدولة لعلاج مشكلات فشله ونقائص إدارته الخائبة لأمور الكرة.. خصوصاً في تلك المباراة.. وما تلاها.. وكيف يصر مجدداً علي أن يحول الأمر إلي موضوع سياسي معقد وأن يبقيه هكذا؟ في حين أن خصمه رئيس الاتحاد الجزائري لم يدعُ أحداً ولم يذهب إلي أحد ولم ينفق مثل تلك الأموال ولم نسمع له عن مؤتمرات صحفية عالمية من هذا النوع.

وما يطلبه سمير زاهر في خطابه الساذج يذكرني بواقعة شهيرة في أحد أفلام الفنان الكبير الراحل نجيب الريحاني.. تلك التي كان يتعلم فيها فنون المطالبات المالية: خمسة جنيهات لشراء الخروف وخمسة جنيهات للحظيرة التي سوف يسكن فيها الخروف وثلاثة جنيهات لزوم أكل الخروف وأربعة جنيهات لزوم شراء حبل لربط الخروف.

وعلي سبيل المثال لماذا تدعو الصحفيين من الخارج إذا كان ممثلو الصحف العالمية في مصر فعلاً.. وإذا قبلنا هذا ما حكاية الاجتماعات التي ستعقد لترتيب المؤتمر.. ولماذا تؤجر قاعات لمؤتمر إذا كانت تكفيه قاعة واحدة.. وما حكاية المرحلة الثانية هذه التي يتكلم عنها الكابتن.. وما هي ضرورتها إذا افترضنا جدلاً أن هناك ضرورة للأولي.. وإذا كانت المرحلة الأولي تتطلب هذا المبلغ الباهظ لدعوة مشاهير سمير.. فأين سوف ينفق المبلغ التالي حين يتابع.. هل سيدعو آخرين؟ وهل سيسافر هو وأعضاء اتحاده.. بدلاً من رصد نتائج المؤتمر الغريب علي مواقع الإنترنت في الصحف؟

يا كابتن هذه أمور فارغة، وتكشف عن طريقة حمقاء في إدارة الكرة، ومحاولة للحصول علي الدعم المالي بدون أن يكون هناك مبرر، ويخطئ حسن صقر كثيراً إذا قبل أو وافق علي هذا الهراء.. ليس فقط لأسباب مالية وإنما لأسباب سياسية.. والأولي به أن يدفعه لفريق غلبان في أي قرية في الصعيد لكي يدرب مجموعة من اللاعبين.

أما سمير زاهر فإن عليه أن «يتلهي» في أي أمر آخر.. يبحث مثلاً كيف بيعت تذاكر مبارة 14 نوفمبر.. وما علاقة توزيعها بالسوق السوداء.. وهل تورط أعضاء في مجلس إدارة الاتحاد في ذلك.. أو أن يتلهي في تحضير الفريق لبطولة أنجولا.. أو أن يتلهي في البحث القانوني في الملف الذي سافر به إلي سويسرا لعرضه علي الفيفا.. أم تراه يريد أن يقول إن العقوبة التي سوف تصدر من الاتحاد الدولي تحتاج إلي تغطيات وتبرير.. بالقول إن هناك مؤامرات وأشياء من هذا القبيل.

«اتلهي» يا كابتن، وابحث عن أمر آخر يشغلك، ولا تحمل الدولة مشكلات تصريحك الخرف حين قلت إنك سوف تلطخ علم الفيفا بالدماء.

الموقع الإليكتروني : www.abkamal.net
البريد الإليكتروني :  [email protected]