الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لماذا تتعب مصر نفسها؟
كتب

لماذا تتعب مصر نفسها؟




 


 كرم جبر روزاليوسف اليومية : 08 - 02 - 2010


حماس لن تبرم اتفاق المصالحة حتي لا تزول


1


المبررات التي يتذرع بها قادة حماس لتعطيل التوقيع علي اتفاق المصالحة، شيء.. والواقع شيء آخر.. يتكلمون بلسان ويتصرفون علي نحو مغاير تماماً.
كتبت في هذا المكان أكثر من مرة عن "المصالحة المستحيلة" بين فتح وحماس، والآن أؤكد أنها المصالحة الأكثر من مستحيلة، لأن الأسباب والدوافع التي تحول دون المصالحة أكثر بكثير من مبررات إبرامها.


النوايا ليست خالصة ومصلحة الشعب الفلسطيني تأتي في المقام الأخير بالنسبة لحماس، والمصالحة تضر بها وتضربها في مقتل وتنهي وجودها علي أرض الواقع.
2
حماس لن تبرم اتفاق المصالحة حتي تظل تسيطر علي قطاع غزة، فالمصالحة معناها عودة السلطة الشرعية التي انقلبت عليها، وتهيئة الأجواء لإعادة أجهزة الأمن والحكم المحلي وغيرها.
لن تبرم المصالحة حتي يظل نهر الأموال المتدفق علي جريانه، من إيران وسوريا وقطر، وهي التي تستثمرها حماس في تجنيد الميليشيات وشراء الذمم والضمائر وإحكام السيطرة علي القطاع.
لن تبرم المصالحة حتي يظل لها دور علي المسرح السياسي، وتستفيد إلي أقصي درجة من عملية تقسيم السلطة، واستئثارها بحكم القطاع وظهورها في صورة حكومة أخري بجانب حكومة الضفة.
3
حماس لن تبرم المصالحة لأن وجودها وبقاءها واستمرارها مرهون باستمرار الفرقة والانقسام والتشرذم، وهي تستثمر الوضع الحالي إلي أقصي درجة.
المصالحة تعني أن يكون للفلسطينيين سلطة واحدة ورئيس واحد وحكومة واحدة، وحماس تعلم جيداً أن الأوضاع العربية والإقليمية والدولية لن تسمح لها بأن تكون هي ممثل الشعب الفلسطيني.
المصالحة تعني إجراء انتخابات ديمقراطية رئاسية وتشريعية وهي مؤجلة منذ يناير الماضي وهي تعلم جيداً أن الشعب الفلسطيني لن يغامر مرة ثانية بانتخاب من ألحقوا الخراب والدمار بهم.
4
إذن.. يبقي الوضع علي ما هو عليه.. إلا إذا وافقت إسرائيل علي مشروع سلام عادل ومشرف، يقوي موقف أبومازن في مواجهة حماس، ويسمح له بفرض سطوته ونفوذه.
مشروع سلام يقر قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، ويجد تسوية عادلة للقضايا العالقة وأبرزها اللاجئون وإقرار حق العودة.
تسوية سلمية تعيد إحياء الأمل في النفوس وتقضي علي عوامل التوتر والإحباط، وتمهد الأجواء لمرحلة جديدة في منطقة الشرق الأوسط، بعد تسوية القضية الرئيسية والأهم.
5
السؤال هنا: هل تبادر إسرائيل بالتوقيع علي اتفاق سلام مع الرئيس أبومازن؟ الإجابة بالقطع هي بالنفي، لأن إسرائيل لها مصلحة مثل حماس في استمرار الانقسام الفلسطيني وتصعيده وتأجيجه.
الوضع الحالي هو الأمثل بالنسبة لإسرائيل، لأنها جعلت "زيتهم في دقيقهم" كما يقول المثل العامي.. الفلسطينيون هم الذين يتصارعون مع بعضهم ويقتلون بعضهم، وليس هناك أحسن من ذلك.
إسرائيل تحقق الآن ما لم تنجزه منذ 60 عاماً، واستمرار الانقسام الفلسطيني يساعدها علي التهام بقية الأراضي الفلسطينية وتكريس الأوضاع الحالية، والقضاء نهائياً علي حلم إقامة الدولة.
6
السؤال أيضاً هنا: لماذا تتعب مصر نفسها وتنفخ في هذه القربة المقطوعة؟ لماذا تضيع وقتها وجهدها في الجري وراء مصالحة مستحيلة، وفرص ضائعة الواحدة تلو الأخري؟
الإجابة هي أن مصر لا تستطيع أن تفعل غير ذلك، أولا: لأنه التزام تاريخي منذ أكثر من ستين عاماً، وثانيا: لأن الخطر علي حدودها وتحت جلدها، ويجب أن تُؤمن الجار لتأمين سلامتها.
لو كانت فلسطين بعيدة عن حدودنا، عند المغرب أو اليمن أو حتي الأردن، كانت الأوضاع ستختلف تماماً.. ولكن هذا هو القدر والأقدار، والثمن الذي ندفعه عن طيب خاطر.
7
الموقف علي هذا النحو يدعو للتشاؤم أكثر من التفاؤل، خصوصاً مع وجود رئيس وزراء إسرائيلي يكره السلام ويعشق العنف مثل نتانياهو بجانب وزير خارجيته الإرهابي ليبرمان.
إسرائيل تتسلي تارة بالفلسطينيين، وتارة بتهديد سوريا، وتارة بالتلويح بضرب إيران.. وإخواننا الفلسطينيون غارقون في صراعات وخلافات سوف تعصف بهم.
"إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم".. ولو وقف العالم كله بجانب الشعب الفلسطيني، فلن يفيدوه شيئا إذا لم تتم المصالحة.


E-Mail : [email protected]