الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أثرياء حقوق الإنسان
كتب

أثرياء حقوق الإنسان




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 10 - 02 - 2010



الدور المفقود الذي لم يؤده المجلس حتي الآن


1


- سؤال مهم: هل تغير موقف حقوق الإنسان في مصر منذ إنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان؟ ما هي الأعمال الجليلة التي قام بها المجلس، أكثر من التقارير المرسلة التي تعد مثلها عشرات من جمعيات حقوق الإنسان؟


- جزء من المشكلة هو عدم تفرغ رئيس المجلس الدكتور بطرس غالي لهذه المهمة الثقيلة لأسباب كثيرة ليس مجال ذكرها الآن، ولكنها أدت في النهاية إلي تحويله لمجلس للحكماء مثل المجالس القومية المتخصصة.


- كان من الممكن أن يؤدي المجلس دورًا أكثر فاعلية، لو كان رئيسه شخصية قانونية مرموقة لها باع طويل في القضاء وخدمة قضايا حقوق الإنسان، والأسماء التي تتوافر فيها هذه الصفات لم نعدمها.
2
- جزء آخر من مشكلة المجلس هو شخصية نائب الرئيس السابق الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، فمع كل الاحترام والتقدير لدوره التاريخي والوطني، إلا أن تجربته غلب عليها "الكلام" أكثر من "الفعل".
- لم يضع الدكتور أبوالمجد في اعتباره أن المجلس ليس جمعية نضالية تصدر تقارير الإدانة والشجب، ولكنه هيئة عليا تتمتع بحقوق قانونية ودستورية تجعلها رقيبًا فعالاً علي أوضاع حقوق الإنسان في مصر.
- هذه الوضعية الفريدة، كانت تحتم علي نائب الرئيس في ظل غياب رئيس المجلس أن يخلق توازنًا مفيدًا بين الوقار الحتمي الذي يجب أن يتمتع به المجلس، وبين التصريحات الساخنة لوسائل الإعلام.
3
- ليس معني أن يكون الإنسان جريئًا أو "بتاع حقوق إنسان"، أن يطلق تصريحات نارية هنا وهناك، ولكن الجرأة الحقيقية هي في تحقيق هذه الوقائع والتأكد من صحتها أو كذبها.
- الرأي العام في مصر لا تنقصه التصريحات والبيانات، ولكن تنقصه الثقة المفقودة، من فرط ما تعرض له في السنوات الأخيرة من إلحاح إعلامي رهيب يشكك في كل شيء.
- كان من المفترض أن يكون المجلس هو "الفلتر" الذي ينقي كل هذه الشوائب، ليكون منارة للرأي العام، يهديه إلي مواقف وإجراءات تحسم هذه القضايا الشائكة.
4
- هذا الكلام ليس معناه انتقاصًا من الجهود الكبيرة التي بذلها المجلس في السنوات الأخيرة، ولكن الهدف هو أن يتحول المجلس إلي حكم عادل بين مختلف الأطراف، ووسيط فعال.
- أتصور أن وزارة الداخلية هي أول من يسعد بهذا الدور الفعال، لأنه لا يسعد وزيرها الكفء حبيب العادلي ولا ضباطها أن تلصق بهم هذه التهمة البشعة، دون سند أو دليل.
- الشرطة المصرية لحقت بها اتهامات كثيرة ظالمة بسبب الإسراف في الهجوم علي أفرادها، رغم التضحيات الكبيرة التي يقومون بها، وتعرضهم للاستشهاد علي أيدي القتلة والمجرمين.
5
- المشكلة الأخري الضخمة هي جمعيات حقوق الإنسان التي تتباري وتتسابق لإعداد تقارير كاذبة مستوحاة من بلاغات لم يتم تحقيقها أو من اعترافات شفهية، دون أن تكون مدعومة بأي دليل.
- هذه الجمعيات لا تهتم إلا بتدبيج التقارير وإرسالها للجهات المانحة في الخارج، وللصحف الحزبية والخاصة، التي تتسابق هي الأخري علي نشرها، فنفاجأ بوضع أشبه بالبالون المنفوخ بالهواء.
- التقارير الكاذبة التي يتم إعدادها في الداخل، تتلقفها الجهات الدولية، وتعيد إصدارها وكأنها حقائق دامغة توصلت إليها بمعرفتها، مع أنها في الأصل صناعة محلية.
6
- هل يمكن أن يلعب المجلس القومي لحقوق الإنسان هذا الدور المفقود في السنوات المقبلة، هل يمكن أن يتحول إلي منارة تهدي أجهزة الدولة ووسائل الإعلام والجمعيات الضالة إلي الحقائق؟
- ليس مفترضًا أن يكون المجلس سلطة قضائية تحقق البلاغات، ولا جهة رقابية تمارس التفتيش علي أجهزة الأمن، ولكن المقصود هو أن يستطلع الآراء ويقيم الردود، ويقول رأيه بصراحة ووضوح.
- الدور الأكبر الملقي علي كاهل المجلس هو أن يلعب دورًا مؤثرًا في نشر ثقافة حقوق الإنسان، فلا فائدة من أي مجالس إذا لم يرتق مستوي الوعي إلي الدرجة التي تسمح بتكريسه فعلاً وليس قولاً.
7
- حقوق الإنسان ليست "دبوس" نزين به البدل والجواكت، ولكنها معانٍ سامية ونبيلة، هي أكبر بكثير من اختزالها فيما يحدث في أقسام الشرطة، مع المطالبة ببتر كل من يرتكب جريمة التعذيب.
- حقوق الإنسان تشمل الدعوة إلي توفير سبل الحياة الآمنة والكريمة لسائر المواطنين، في الطعام والشراب والمسكن والتعليم والصحة.. فالذين يترددون علي الأقسام عشرات، والمحرومون من هذه الحقوق بالملايين.
- المشكلة الأكبر هي أن تتحول حقوق الإنسان إلي تجارة تفرز أثرياء، يجني البعض من ورائها الأموال، نريد مجلسًا فعالاً ومؤثرًا وقويا.. حتي تخطو القضية إلي الأمام.


E-Mail : [email protected]