هنا بورسعيد
عبد الله كمال
كان الرئيس سخياً للغاية في زيارته الأهم لبورسعيد.. قبل ثلاثة أيام.. فلم يشأ أن يغادرها بدون أن يضفي حالة من البهجة والصفاء علي المجتمع المميز في هذه المحافظة الباسلة.. سببتها (أي تلك الحالة) مجموعة متكاملة من القرارات التي أسعدت شعب بورسعيد.. ونقلته مزاجيا من حال إلي حال.. وسوف تنقله واقعياً إلي مستوي أفضل.
لقد قرر الرئيس زيادة مساحة منطقة شرق بورسعيد إلي 62 كيلو متراً.. أضاف إليها 2800 فدان.. وأمر ببدء بناء نفق تحت القناة.. وقرر تحويل فرع بورسعيد من جامعة القناة إلي جامعة مستقلة.. وتقرر إنشاء هيئة مستقلة لتنمية شرق بورسعيد.. وصارت بورفؤاد مدينة بذاتها وليست حياً.. وأعاد اسم (المصري) إلي ملعب بورسعيد.. وأكد علي وجوب أن يكون للمحافظة مطارها الخاص.
مجموعة من القرارات التي خاطبت مصالح متنوعة.. بدءاً من المصالح المباشرة والملموسة.. وحتي المصالح المعنوية مثل قرار إطلاق اسم المصري علي استاد المدينة.. وهي قضية شغلت بال جمهور المحافظة العاشق للكرة ولناديه الرمز.
ولايمكن افتراض أن هذه قرارات جاءت إلي ذهن الرئيس بعبور الخاطر.. أو بمجرد أن استمع إليها في المؤتمر الذي عقد هناك.. لم نعتد مثل هذا النوع من المفاجآت من الرئيس خصوصاً إذا كانت بهذا القدر من العدد المتوالي.. وبالتأكيد كانت هناك مجموعة من المعلومات والإعدادات أمام الرئيس.. قرر بناء عليها أن تكون محصلة زيارته إلي بورسعيد بهذا العدد من القرارات.. ومن ثم فإنه انطلق من القاهرة عاقداً العزم علي أن يثلج صدور أهل المدينة.. وليس فقط أن يتابع ميدانياً ما يجري فيها كما جرت العادة.
وليس غريباً ألا تحتفي صحف بعينها بهذه الحالة التي ترك الرئيس بورسعيد عليها.. فهي لاتنقل إلا الأخبار السلبية.. وقد وجدت إحدي الصحف في زيارة السيد الرئيس فقط أن المدينة قد خضعت لإجراءات أمنية مشددة لبضع ساعات.. هذه الساعات ضرورة لأمن الرئيس.. ويتفهمها المواطن العادي قبل الصحيفة المتحذلقة.. ولكن الذي بقي في ذهن الناس أن هناك إرادة حقيقية في أن تكون محافظتهم لائقة بما يريدون وأن تلبي رغباتهم رغم التكاليف المتنوعة التي يفترض أن تتكبدها الموازنة العامة لكي تتجسد تلك القرارات واقعاً.
وإذا كان اسم الاستاد مجرد مشكلة بيروقراطية.. انتهت بقرار الرئيس.. فإن تحويل فرع بورسعيد لجامعة هو قرار إداري معقد له تكلفته لأن الفرع حين يصبح جامعة يحتاج إلي كثير من الإعدادات.. كما أن النفق تحت القناة لن يبني هكذا بمجرد أن يتم إصدار القرار ويحتاج أموالاً طائلة.. وقس علي هذا الكثير.
الذي تنقله صحف بعينها يجافي الواقع.. وهذه الصحف تتباعد عن مجريات الشارع ومتغيراته حين تتناسي الإنجاز.. وتتحدث عن القذي فقط.. ومن ثم تفتقد مصداقيتها.. وتلك الصحف كانت تطنطن أسابيع بخصوص موعد إنهاء عمل المنطقة الحرة.. ثم حين قرر الرئيس أن يمتد ثلاث سنوات لم تذكر حرفاً.. ولم تحث الشعب البورسعيدي علي أن يستغل المدة المتبقية في عمليات تنموية واسعة تعوضه عما فاته وقضي فيه وقتاً في بيع المنتجات المستوردة و(شغل البالات).. لكن الصحف في واد.. وواقع شعب بورسعيد المتجدد في واد آخر.
اللافت في هذه الزيارة التي تلت زيارة الرئيس إلي الأقصر قبل ما يزيد علي نحو الشهر.. هو أن القرارات السعيدة تتوالي.. وقد تقرر في الزيارة السابقة أن تتحول الأقصر إلي محافظة.. وهو مطلب شعبي وله مردود إداري ومحلي.. وأستطيع أن أفترض أن جولات الرئيس التالية سوف تشهد مثل تلك البشارات المتنوعة في كل إقليم يتجه إليه كلما أتاحت فرص التمويل إمكانية أن تحدث النقلة التي يريدها الناس في مختلف محافظات مصر.
لاحظ هنا أن المواطنين في بورسعيد والمواطنين في الأقصر لم يفاتحوا الرئيس في المطلب النخبوي المتكرر من قبل بعض الكتابات وهو: تغيير الدستور أو تعديله.
الموقع الإليكتروني : www.abkamal.net
الموقع الإليكتروني : [email protected]