الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عصمة الدماء فى الإسلام




يقصد بالعصمة: العصمة المقومة: وهى التى يثبت بها للإنسان وما له قيمة بحيث يجب القصاص أو الدية أو الضمان على هتكها.
وتثبت هذه العصمة الشرعية بأدلة القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع والمعقول.
فأدلة الكتاب: آيات قرآنية محكمة منها: قول الله - عز وجل  «ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق» - الآية 33 سورة الإسراء -، «ومن يقتل مؤمنا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابا عظيما» آية 93 - سورة النساء -، «أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا» - الآية 32 سورة المائدة.

 

أما أدلة السنة النبوية: منها: قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب (المحصن) الزانى، النفس بالنفس، التارك لدينه المفارق للجماعة) أخرجه الشيخان: البخارى ومسلم، إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا» فتح البارى 1/158 وقوله - صلى الله عليه وسلم «كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه» - صحيح مسلم -، «أو ما يقضى بأن الناس يوم القيامة فى الدماء» - صحيح مسلم-

 

أما أدلة الإجماع: أجمع المسلمون - سلفا وخلفا فى جميع الأعصار والأمصار على حرمة القتل بغير حق.

 

أما دليل المعقول: إن حفظ النفس الآدمية من الضروريات التى هى أقوى المصالح لأن (مقصود الشرع من الخلق: أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم) - الموافقات 2/8، المستصفى 1/286.

 

ولا يقتصر الأمر على المسلم فقط، بل لكل بنى البشر، فالأصل فى العلاقات والمعاملات مع غير المسلمين (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين» - الآية 190 سورة البقرة - «فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا» الآية 90 سورة النساء - وقوله عز وجل «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله لا يحب المقسطين» - الآية 8 سورة الممتحنة - «فاعفوا واصفحوا حتى يأتى الله بأمره إن الله على كل شىء قدير» - الآية 109 سورة البقرة.

 

وقد أجمع الفقهاء على أن الدماء والأعراض والأموال مصونة فى الشرع، وأن الأصل الحظر، ولا يستباح ولا يراق منها شىء إلا بيقين - الاستذكار 3568، المحلى 21513، البحر الزخار 5/2، المغنى 8/235.

 

فدائرة القتل محصورة مقصورة فى أضيق الأحوال فأما فى غير الحروب الدفاعية المشروعة، وثبوت جرائم لها عقوبات القتل بواسطة القضاء مع الأخذ فى الاعتبار «الشبهات» للحيلولة دون توقيع عقوبة «القتل» والركون إلى العفو، وضمان العمل القضائى بشروطه وآلياته بدرجاته ولا يقام ذلك إلا بإذن صريح من الحاكم ولى الأمر، وأما فى الحروب المشروعة التى هى ضرورة ملجئة  فلابد من تلمس اجتناب وصفها القرآنى المنفر (حتى تضع الحرب أوزارها) سورة محمد، ولابد من الإنذار وعرض الجزاء المالى أو اعتناق الإسلام أو الكف عن المسلمين بمعاهدات سلمية، وكلها (تدابير وقائية) لصيانة الدماء البشرية.
أما القول بغير هذا فقول فصل لا يحسب على الشرع المطهر ولا على ذاتية ورسالة وجوهر ومقاصد الدين الحق.
والله - سبحانه - الهادى إلى سواء السبيل

 

أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر