الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

التهديد والخطف لأخذ الحق حرام




يسأل مواطن فيقول: «بما أنه لكل مجتمع عاداته وتقاليده التى ورثها على تتابع الأجيال إلا أنه بتغير الثقافات والمفاهيم فى تلك المجتمعات قد تغيرت تلك العادات والتقاليد إلى الأحسن إلا فى مجتمعنا نحن –قبائل أولاد علي- التى لا زالت تتمسك بعاداتها وتقاليدها الحسن منها والسيئ فالمعلوم أن كل قبيلة من هذه القبائل مقسمة إلى عائلات فإذا حدث مثلاً أن سرق شخص من هذه العائلات أو قام بعمل مخل بالشرف يؤخذ باقى عائلته بهذا الجرم؛ أما فى حالة القتل (بمعنى أنه إذا قام شخص بقتل شخص من عائلة أخرى ومن قبيلة أخرى): فهناك نظام يقال له «النزالة»؛ أى تقوم عائلة القاتل بالنزالة على قبيلة أخرى لمدة عام؛ مما يكون فيه ظلمٌ وإجحاف لعائلة القاتل الذين يتركون منازلهم ومحال إقامتهم ومصالحهم التجارية والزراعية وخلاف ذلك من المصالح مما يعد فيه ظلمًا لبقية تلك العائلة.

 

 نرجو توضيح رأى الشرع فى أن الحد إنما يُقام على مرتكب تلك الجرائم وليس على العائلة كما أمر الله تبارك وتعالى وكما أمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؟

 

 ويجيب د. على جمعة قائلا :

 

 مثل هذه الأساليب فى طلب الحقوق أو الحصول عليها حرام شرعًا، بل معدودة من كبائر الذنوب؛ فأخذ الناس بجرائر غيرهم وجرائمهم هو من الإفساد فى الأرض والحكم بالهوى والباطل، وقد تقرر فى مبادئ الشريعة الإسلامية أن الإنسان لا يتحمل وزر غيره ولا يجوز مؤاخذته بذنب لم يصدر منه؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ [فاطر: 18]، وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: 111-112]، وكذلك نهى الشرع عن إخراج الناس من ديارهم بغير حق وجعل ذلك من الإثم والعدوان المستوجب للذم والعقوبة؛ فقال عز شأنه: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [البقرة: 85]، وقد عظم النبى صلى الله عليه وآله وسلم حرمة المسلم، فقال وهو ينظر إلى الكعبة: «ما أعظمك وأعظم حرمتك! والذى نفس محمد بيده لحرم المؤمن أعظم عند الله حرمًة منك» رواه ابن ماجة من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما.

 

 ولذلك فإننا نهيب بكل العقلاء والشرفاء من أهل هذه القبيلة وغيرها أن يسعوا جاهدين فى إنكار هذه العادة السيئة التى يؤخذ فيها الإنسان بغير ذنبه، وأن يقفوا صفًّا واحدًا ضد من تسول له نفسه ترويع الآمنين، أو أخذ الناس بجريرة أقاربهم أو معارفهم، أو التعدى فى المطالبة بالحق أو تحصيله أو استيفائه، وعلى الجميع أن يلتزموا بالأحكام الشرعية والقواعد العامة التى تنظم أخذ الحق أو المطالبة به حتى لا تنقلب الأمور إلى فوضى عارمة يصبح الخصم فيها حكمًا، وتتحول مجتمعاتنا إلى غابة تضيع فيها الحقوق والمبادئ والقيم.