الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إبداع




حافظ إبراهيم .. «شاعر النيل»
 
شعراؤنا شموس فى سماء الإبداع ينيرون لنا ببصيرتهم وبصرهم طريقنا ويخبروننا ما لم نخبره فيما فاتنا من أمورنا الحياتية فهم بمثابة توثيق وشهادة على عصرهم ونحن نخصص هذه المساحة من الإبداع للاحتفال بمولد شاعر من طراز خاص هو حافظ إبراهيم، «شاعر النيل» الذى ولد فى 24 فبراير 1872- ديروط وهو من أبرز الشعراء العرب فى العصر الحديث، نال لقب شاعر النيل بعد أن عبر عن مشاكل الشعب، أصدر ديوانًا شعريا فى ثلاثة أجزاء، عين مديرا لدار الكتب فى أخريات حياته وأحيل إلى التقاعد عام 1932، ترجم العديد من القصائد والكتب لشعراء وأدباء الغرب مثل شكسبير وفيكتور هوجو ولقد توفى فى 21 يونيو 1932.
 
حَيّاكُمُ اللهُ أَحْيُوا العِلْمَ والأَدَبا
 
حَيّاكُمُ اللهُ أَحْيُوا العِلْمَ والأَدَبا
 
ولا حَياة لكمْ إلاّ بجامِعَة
 
تَبْنِى الرِّجالَ وتَبنِى كلَّ شاهِقَة
 
ضَعُوا القُلُوبَ أَساساً لا أقولُ لكمْ
 
وابْنُوا بأَكْبَادِكُمْ سُوراً لها وَدَعُوا
 
لا تَقْنَطُوا إنْ قَرَأتُمْ ما يُزَوِّقُه
 
وراقِبُوا يومَ لا تُغنى حَصائِدُه
 
بَنَى على الإفْكِ أَبْرَاجاً مُشَيَّدَة
 
وجاوِبُوه بفِعْلٍ لا يُقَوِّضُه
 
لا تَهْجَعُوا إنّهمْ لَنْ يَهْجَعُوا أَبداً
 
هَل جاءَكُم نَبَأُ القَومِ الأُلى دَرَجوا
 
عَزَّت بِقُرطاجَةَ الأَمراسُ فَاِرتُهِنَت
 
وَالحَربُ فى لَهَبٍ وَالقَومُ فى حَرَبٍ
 
وَدّوا بِها وَجَواريهِم مُعَطَّلَةٌ
 
هُنالِكَ الغيدُ جادَت بِالَّذى بَخِلَت
 
جَزَّت غَدائِرَ شِعرٍ سَرَّحَت سُفُناً
 
رَأَت حُلاها عَلى الأَوطانِ فَاِبتَهَجَت
 
وَزادَها ذاكَ حُسناً وَهيَ عاطِلَةٌ
 
وَبَرثَرانِ الَّذى حاكَ الإِباءُ لَهُ
 
أَقامَ فى الأَسرِ حيناً ثُمَّ قيلَ لَهُ
 
قُل وَاِحتَكُم أَنتَ مُختارٌ فَقالَ لَهُم
 
خُذوا القَناطيرَ مِن تِبرٍ مُقَنطَرَةً
 
قالوا حَكَمتَ بِما لا تَستَطيعُ لَهُ
 
فَقالَ وَاللَهِ ما فى الحَيِّ غازِلَةٌ
 
لَو أَنَّهُم كَلَّفوها بَيعَ مِغزَلِها
 
هَذا هُوَ الأَثَرُ الباقى فَلا تَقِفوا
 
وَدونَكُم مَثَلاً أَوشَكتُ أَضرِبُهُ
 
سَمِعتُ أَنَّ اِمرِأً قَد كانَ يَألَفُهُ
 
فَمَرَّ يَوماً بِهِ وَالجوعُ يَنهَبُهُ
 
فَظَلَّ يَبكى عَلَيهِ حينَ أَبصَرَهُ
 
يَبكى عَلَيهِ وَفى يُمناهُ أَرغِفَةٌ
 
فَقالَ قَومٌ وَقَد رَقّوا لِذى أَلَمٍ
 
ما خَطبُ ذا الكَلبِ قالَ الجوعُ يَخطِفُهُ
 
قالوا وَقَد أَبصَروا الرُغفانَ زاهِيَةً
 
أَجابَهُم وَدَواعى الشُحِّ قَد ضَرَبَت
 
لِذَلِكَ الحَدِّ لَم تَبلُغ مَوَدَّتُنا
 
هَذى دُموعى عَلى الخَدَّينِ جارِيَةٍ
 
أَقسَمتُ بِاللَهِ إِن كانَت مَوَدَّتُنا
 
أُعيذُكُم أَن تَكونوا مِثلَهُ فَنَرى
 
إِن تُقرِضوا اللَهَ فى أَوطانِكُم فَلَكُم
 
إنْ تَنْشُرُوا العِلْمَ يَنْشُرْ فيكُم العَرَبا
 
تكونُ أمَّا لطُلاّبِ العُلاَ وأَبَا
 
مِنَ المَعاِلى وتَبْنِى العِزَّ والغَلَبا
 
ضَعُوا النُّضارَ فإنِّى أَصْغِرُ الذَّهَبا
 
قيلَ العَدُوِّ فإنِّى أَعْرِفُ السَّببَا
 
ذاكَ العَمِيدُ ويَرْمِيكُمْ به غَضَبا
 
فكلُّ حَيٍّ سيُجْزَى بالّذى اكتَسَبا
 
ًفابْنُوا على الحَقِّ بُرجاً يَنطَحُ الشُّهُبا
 
قُوْلُ المُفَنِّدِ أنَّى قال أو خَطَبا
 
وطالِبُوهُمْ ولكنْ أجمِلُوا الطَّلَبا
 
وَخَلَّفوا لِلوَرى مِن ذِكرِهِم عَجَبا
 
فيها السَفينُ وَأَمسى حَبلُها اِضطِرَبا
 
قَد مَدَّ نَقعُ المَنايا فَوقَهُم طُنُبا
 
لَو أَنَّ أَهدابَهُم كانَت لَها سَبَبا
 
بِهِ دَلالاً فَقامَت بِالَّذى وَجَبا
 
وَاِستَنقَذَت وَطَناً وَاِستَرجَعَت نَشَبا
 
وَلَم تَحَسَّر عَلى الحَليِ الَّذى ذَهَبا
 
تُزهى عَلى مَن مَشى لِلحَربِ أَو رَكِبا
 
ثَوباً مِنَ الفَخرِ أَبلى الدَهرَ وَالحِقَبا
 
أَلَم يَئِن أَن تُفَدّى المَجدَ وَالحَسَبا
 
إِنّا رِجالٌ نُهينُ المالَ وَالنَشَبا
 
يَخورُ خازِنُكُم فى عَدِّها تَعَبا
 
حَملاً نَكادُ نَرى ما قُلتَهُ لَعِبا
 
مِنَ الحِسانِ تَرى فى فِديَتى نَصَبا
 
لَآثَرَتنى وَصَحَّت قوتَها رَغَبا
 
عِندَ الكَلامِ إِذا حاوَلتُمُ أَرَبا
 
فيكُم وَفى مِصرَ إِن صِدقاً وَإِن كَذِبا
 
كَلبٌ فَعاشا عَلى الإِخلاصِ وَاِصطَحَبا
 
نَهباً فَلَم يُبقِ إِلّا الجِلدَ وَالعَصَبا
 
يَزولُ ضَعفاً وَيَقضى نَحبَهُ سَغَبا
 
لَو شامَها جائِعٌ مِن فَرسَخٍ وَثَبا
 
يَبكى وَذى أَلَمٍ يَستَقبِلُ العَطَبا
 
مِنّى وَيُنشِبُ فيهِ النابَ مُغتَصِبا
 
هَذا الدَواءُ فَهَل عالَجتَهُ فَأَبى
 
بَينَ الصَديقَينِ مِن فَرطِ القِلى حُجُبا
 
أَما كَفى أَن يَرانى اليَومَ مُنتَحِبا
 
حُزناً وَهَذا فُؤادى يَرتَعى لَهَبا
 
كَصاحِبِ الكَلبِ ساءَ الأَمرُ مُنقَلَبا
 
مِنكُم بُكاءً وَلا نُلفى لَكُم دَأَبا
 
أَجرُ المُجاهِدِ طوبى لِلَّذى اِكتَتَبا
 
 
 
 
أَيُّها المُصْلِحُونَ ضاقَ بنا العَيْـش
 
أَيُّها المُصْلِحُونَ ضاقَ بنا العَيْـشُ
 
عزت السِّلْعَة ُ الذَّلِيلة ُ حتَّى
 
وغَدَا القُوتُ فى يَدِ النّاسِ كالياقُوتِ
 
يَقْطَع اليومَ طاوِياً وَلَدَيْه
 
ويخالُ الرَّغيفَ منْ بَعْدِ كَدٍّ
 
أيّها المُصْلِحُونَ أصْلَحْتُمُ الأرْضَ
 
أصْلِحوا أنفُسَا أضرَّ بِهَا الفقْرُ
 
ليس فى طَوقِها الرَّحيلُ ولا الجِــدُّ
 
تُؤثِرُ الموتَ فى رُبَا النِّيلِ جُوعاً
 
ورِجالُ الشَّآمِ فى كُرَة ِ الأرْضِ
 
رَكِبُوا البَحْرَ، جَاوَزُوا القُطْبَ، فاتُوا
 
يَمْتطُون الخُطُوبَ فى طَلَبِ العَيـشِ
 
وبَنُو مِصْرَ فى حِمَى النِّيلِ صَرْعَى
 
أيهَا النِّيلُ كيفَ نُمسِى عِطاشا
 
إنَّ لِينَ الطِّباعِ أورثنَا الذُّلّ
 
إنَّ طِيبَ المُناخِ جرَّعلينَا
 
أيُّها المُصْلِحُونَ رِفْقاً بقَومٍ
 
وأغيثُوا منَ الغَلاءِ نفوساً
 
أَوْشَكَتْ تأكُلُ الهَبِيدَ مِنَ الفَقْـرِ
 
فأعيدُوا لنَا المُكُوسَ فإنَّا
 
ضاقَ فى مصرَ قِسْمُنَا فاعذرُونَا
 
قد شَقِينا - ونحنُ كرَّمنا اللّهُ
 
ولمْ تُحسِنُوا عليه القيامَا
 
باتَ مَسْحُ الحِذاءِ خَطْباً جُساما
 
حتى نَوَى الفَقيرُ الصِّياما
 
دُونَ ريحِ القُتارِ ريحُ الخُزامَى
 
صاحَ : مَن لى بأنْ أُصِيبَ الإداما
 
وبِتُّمْ عن النُّفوسِ نيامَا
 
وأحْيا بمَوتِها الآثاما
 
ولا أن تُواصلَ الإقْداما
 
وتَرَى العارَ أنْ تَعافَ المُقاما
 
يُبارُونَ فى المسيرِ الغَماما
 
ويَظُنُّ اللُّحُومَ صَيْداً حَراما
 
ويبرونَ للنضالِ السهامَا
 
يَرْقُبونَ القَضاءَ عاماً فَعاما
 
فى بلادٍ روِّيتَ فيهَا الأوامَا
 
وأغرَى بِنا الجُناة َ الطَّغاما
 
فى سَبيلِ الحَياة ِ ذاكَ الزِّحاما
 
قَيَّدَ العَجْزُ شَيْخَهُمْ والغُلاما
 
قد تمنَّتْ مع الغَلاءِ الحِمامَا
 
وكادتْ تذُودُ عنه النَّعامَا
 
قد رأَيْنا المُكُوسَ أرْخَى زِماما
 
إنْ حَسَدْنَا علَى الجَلاَءِ الشَّآمَا
 
بعَصْرٍ يُكَرِّمُ الأنعامَا
 
 
 
 
ما لهذا النَّجْم فى السَّحَرِ
 
ما لهذا النَّجْم فى السَّحَرِ 
 
خِلْتُه يا قَوْمُ يُؤْنِسُنِي
 
يا لِقَوْمى إنّنى رَجُلٌ
 
أَسْهَرَتْنِى الحادِثاتُ وقد   
 
والدُّجَى يَخْطُو على مَهَلٍ    
 
فيه شَخْصُ اليَأسِ عانَقَنِي
 
وأَثارَتْ بى فَوادِحُه 
 
وكأنّ اللَّيْلَ أَقْسَمَ لا
 
أيُّها الزَّنْجيُّ ما لَكَ لَمْ
 
لِى حَبيبٌ هاجِرٌ وَلهُ
 
أَتَلاشَى فى مَحَبّتِه   
 
قد سَها مِنْ شِدّة ِ السَّهَرِ؟
 
إنْ جَفانى مُؤْنِسُ السَّحَرِ
 
أَفْنَت الأَيّامُ مُصْطَبَري
 
نامَ حتّى هاتِفُ الشَّجَرِ
 
خَطْوَ ذى عِزٍّ وذى خَفَرِ
 
كحَبِيبٍ آبَ مِن سَفَرِ
 
كامِناتِ الهَمِّ والكَدَرِ
 
يَنْقَضى أو يَنْقَضى عُمُري
 
تَخشَ فينا خالِقَ البَشَرِ؟
 
صُورَة ٌ مِن أَبْدعِ الصُّورِ
 
كتَلاشِى الظِّلِّ فى القَمَرِ
 
 
 

 
 
سألُوا الَّليْلَ عنهمُ والنَّهارَا
 
سألُوا الَّليْلَ عنهمُ والنَّهارَا
 
كيف أَمْسَى رَضِيعُهُمْ فَقَدَ الأمّ
 
كيف طاحَ العَجُوزُ تحتَ جِدارٍ
 
رَبِّ إنّ القَضاءَ أَنْحَى عليهم
 
           
ومُرِ الَّنارَ أنْ تَكُفَّ أَذاها
 
أينَ طُوفانُ صاحِبِ الفُلكِ يَروى
 
أَشْعَلَتْ فَحْمَة َ الدَّياجِى فباتَتْ
 
غَشِيَتْهُمْ والنَّحْسُ يَجْرِى يَميناً
 
فأَغارَتْ وأوْجُهُ القَومِ بِيضٌ
 
أَكَلَتْ دُورَهُمْ فلّما استَقَلَّتْ
 
أخرَجَتهُم من الدِّيارِ عُراة ً
 
     
يَلْبَسُونَ الظَّلامَ حتَّى إذا ما
 
أيها الرَّافِلون فى حُلَلِ الوَشْــى
 
 
 
إنّ فوقَ العَراءِ قوماً جِياعاً
 
ايُّهذا السَّجينُ لا يمْنَع السِّجْــنُ
 
مُرْ بِأَلْفٍ لهم وإنْ شِئْتَ زِدْها
 
قد شَهِدْنا بالأمسِ فى مِصرَ عُرساً
 
سألَ فيه النُّضارُ حتى حَسِبنا
 
باتَ فيه المُنَعَّمونَ بليلٍ
 
يَكْتَسُون السَرورَ طَوْراً وطَوْراً
 
وسَمِعْنا فى ميت غَمْرٍ صِياحاً
 
جَلَّ مَن قَسَّمَ الحُظوظ فهذا
 
رُبَّ لَيْلٍ فى الدَّهْرِ قَدْ ضَمَّ نَحْساً   
 
كيف باتَتْ نِساؤُهُمْ والعَذارَى
 
وكيف اصْطَلَى مع القَوْمِ نارَا
 
يَتَداعى وأسْقُفٍ تَتَجارَى
 
فاكشف الكَربَ واحجُبِ الأَقْدارَا
 
ومُرِ الغَيْثَ أَنْ يَسِيلَ انْهِمارا
 
هذِه النّارَ؟ فهى تَشْكُو الأوَارا
 
تَملأ الأرضَ والسَّماءَ شَرارا
 
ورَمَتهُم والبُؤْسُ يَجرى يَسارا
 
ثمّ غَارَتْ وقد كَسَتْهُنَّ قارا
 
لم تُغادِرْ صِغارَهُم والكِبارا
 
حَذَرَ الموتِ يطلبونَ الفِرارا
 
أقبلَ الصُّبحُ يَلبَسون النَّهارا
 
ولا عنهُمُ ترُدُّ الغُبارا
 
يجُرُّونَ للذُّيولِ افْتِخارا
 
يَتوارَونَ ذِلَّة ً وانكِسارا
 
كريماً مِن أنْ يُقيلَ العِثارا
 
وأجِرْهُم كما أجَرَتَ النَّصارى
 
مَلأَ العَينَ والفُؤادَ ابْتِهارا
 
أنّ ذاك الفِناءَ يجرى نُضارا
 
أَخْجَلَ الصُّبْحَ حُسْنُه فَتَوارَى
 
فى يَد الكَأسِ يَخْلَعُون الوَقارا
 
مَلأ البَرَّ ضَجّة ً والبِحارا
 
يَتَغَنَّى وذاكَ يَبكى الدِّيارا
 
 وسُعوداً وعُسْرَة ً ويَسارا
 
 

 
 
رَجَعْتُ لنفْسِى فاتَّهمتُ حَصاتِي
 
 
رَجَعْتُ لنفْسِى فاتَّهمتُ حَصاتِي
 
رَمَونى بعُقمٍ فى الشَّبابِ وليتَني
 
وَلَدتُ ولمَّا لم أجِدْ لعرائسي
 
وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً
 
فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة ٍ
 
أنا البحر فى أحشائه الدر كامن
 
فيا وَيحَكُم أبلى وتَبلى مَحاسِني
 
فلا تَكِلُونى للزّمانِ فإنّني
 
أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَة ً
 
أتَوْا أهلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً
 
أيُطرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ   
 
ولو تَزْجُرونَ الطَّيرَ يوماً عَلِمتُمُ  
 
سقَى اللهُ فى بَطْنِ الجزِيرة ِ
 
حَفِظْنَ وِدادِى فى البِلى وحَفِظْتُه
 
وفاخَرْتُ أَهلَ الغَرْبِ والشرقُ مُطْرِقٌ
 
أرى كلَّ يومٍ بالجَرائِدِ مَزْلَقاً
 
وأسمَعُ للكُتّابِ فى مِصرَ ضَجّة ً
 
أَيهجُرنِى قومِي-عفا الله عنهمُ
 
سَرَتْ لُوثَة ُ الافْرَنجِ فيها كمَا سَرَى
 
فجاءَتْ كثَوْبٍ ضَمَّ سبعين رُقْعةً
 
إلى مَعشَرِ الكُتّابِ والجَمعُ حافِلٌ
 
فإمّا حَياة ٌ تبعثُ المَيْتَ فى البِلى
 
وإمّا مَماتٌ لا قيامَة َ بَعدَهُ
 
وناديْتُ قَوْمِى فاحْتَسَبْتُ حياتِي
 
عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي
 
رِجالاً وأَكفاءً وَأَدْتُ بناتِي
 
وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
 
وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ
 
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
 
ومنْكمْ وإنْ عَزَّ الدّواءُ أساتِي
 
أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي
 
وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ
 
فيا ليتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَاتِ
 
يُنادى بِوَأدى فى رَبيعِ حَياتي
 
بما تحتَه مِنْ عَثْرَة ٍ وشَتاتِ
 
يَعِزُّ عليها أن تلينَ قَناتِي
 
لهُنّ بقلبٍ دائمِ الحَسَراتِ
 
حَياءً بتلكَ الأَعْظُمِ النَّخِراتِ
 
 مِنَ القبرِ يدنينِى بغيرِ أناة ِ
 
فأعلَمُ أنّ الصَّائحِين نُعاتي
 
إلى لغة    ٍ لمْ تتّصلِ برواة ِ
 
لُعابُ الأفاعى فى مَسيلِ فُراتِ
 
مشكَّلة َ الأَلوانِ مُختلفاتِ
 
بَسَطْتُ رجائِى بَعدَ بَسْطِ شَكاتِي
 
وتُنبِتُ فى تلك الرُّمُوسِ رُفاتي
 
مماتٌ لَعَمْرِى لمْ يُقَسْ بمماتِ
 
 
 
 
يُرْغِى ويُزْبِدُ بالقَافَاتِ تَحْسبُها
 
يُرْغِى ويُزْبِدُ بالقَافَاتِ تَحْسبُها
 
منْ كلِّ قافٍ كأن اللهَ صوَّرها
 
قد خصَّه اللهُ بالقافاتِ يعلُكها
 
يَغيبُ عَنّا الحجا حِيناً ويحْضُرُه
 
لا يأمَنُ السامعُ المسكينُ وثْبَتَه
 
بَيْنَا تراه ينادى الناسَ فى حَلَبٍ
 
ولم يكن ذاكَ عن طَيشٍ ولا خَبَلٍ    
 
يَبيتُ يَنسُجُ أحلاماً مُذَهَّبَة ً
 
طَوراً وَزيراً مُشاعاً فى وِزارَتِه
 
وتارَة ً زَوجَ عُطبُولٍ خَدَلَّجَة ٍ
 
يُعفَى من المَهرِ إكراماً للحيَتِه
 
قصفَ المدافعِ فى أفقِ البساتينِ
 
من مارجِ النارِ تصويرَ الشياطينِ
 
واختَصَّ سُبحانَه بالكافِ والنُّونِ
 
حيناً فيخلطُ مختلاًّ بموزونِ
 
مِن كردفان إلى أعلى فِلَسطِينِ
 
إذا به يَتَحَدَّى القَومَ فى الصِّينِ
 
لكنّها عَبقَرِيّاتُ الأساطينِ
 
تُغنى تفاسيرُها عن ابنِ سِيرِينِ
 
يُصَرِّفُ الأمرَ فى كلِّ الدَّواوينِ
 
حسناءَ تملِكُ آلافَ الفدادينِ
 
وما أظَلَّته من دُنيا ومِن دِينِ
 
 
 
 
نَعِمْنَ بنَفْسى وأَشْقَيْنَنى
 
 
نَعِمْنَ بنَفْسى وأَشْقَيْنَنى
 
خِلالٌ نَزَلْنَ بخِصْبِ النُّفُوسِ
 
تَعَوَّدْنَ مِنِّى إباءَ الكَرِيم
 
وعَوَّدْتُهُنَّ نِزالَ الخُطوب
 
إذا ما لَهَوْتُ بلَيلَ الشّباب
 
فما زِلْتُ أَمْرَحُ فى قِدِّهِنّ
 
إلى أنْ تَوَلَّى زَمانُ الشَّباب
 
فيا نَفْسُ إنْ كنتِ لا تُوقِنِين
 
فهذى الفَضيلة ُ سِجْنُ النُّفوس
 
فلا تَسْألينى متى تَنْقَضى
 
فيا لَيْتَهُنَّ ويا لَيْتَنِى
 
فرَوَّيْنَهُنَّ وأَظْمَأْنَنِى
 
وصَبْرَ الحَليِم وتيهَ الغَنِى
 
فما يَنْثَنِينَ وما أَنثَنِى
 
أَهَبْنَ بعَزْمِى فَنَبَّهْنَنِى
 
ويَمْرَحْنَ مِنِّى برَوْضٍ جَنِى
 
وأَوْشَكَ عُودِيَ أنْ يَنْحَنى
 
بمَعْقُودِ أمْرِكِ فاسْتَيْقِنى
 
وأَنتِ الجَديَرة ُ أَنْ تُسْجَنِى
 
لَيالى الإسارِ ؟ ولا تَحْزَنى