السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الثورات العربية تواجه الانكسار وسيظهر مثقفوها الجدد قريباً




لم يمنعه اقترابه على مدار سنوات طويلة من الأسد أبا وابنا فى عدد مختلف من المناصب الرسمية من انحيازه لشعبه ومطالبه بالحرية والديمقراطية، وإعلانه الانحياز بوضوح لثورته، وانشقاقه رسميا عن نظام الأسد كأول سفير يعلن الانشقاق عن النظام ... إنه المفكر السورى الدكتور رياض نعسان أغا، الذى أكد فى حواره معنا إيمانه بحق الشعوب العربية فى الحلم بحياة ديمقراطية كريمة، وأنه كان واثقا من نهوض الأمة العربية مرة ثانية بعد الانهيار والتراجع الذى أصابها ... مؤكدا أن ثورات الربيع العربى ستفرز مشروعا قوميا يلتف حوله العرب وهذا المشروع هو الوحيد الذى سينجح، لكن الوصول إليه شاق وطويل.. فإلى نص الحوار:

■ كيف تتأمل كمفكر ومثقف ما يحدث فى العالم العربى اليوم من ثورات وتحولات؟
- كنت دائماً حين أرى ما وصلت إليه الأمة من ضعف وانهيار أزداد ثقة وإيماناً بأن أمة عربية جديدة تولد تحت الرماد، وطالما رددت ذلك فى وقت كان فيه كثير من الناس ينعون الأمة و يتحدثون عن وفاة العرب، إننى أردك أن أمتنا أقوى من أن يسحقها حاكم ظالم فيخرجها من التاريخ، ومهما طال أمد رضوخها للاستبداد فلابد لها من أن تنهض وتستعيد حضورها، وما يحدث الآن صنعه المستبدون أنفسهم، فلو أنهم تنازلوا عن  العنجهية والطغيان وآمنوا بأن الشعوب لا تقهر، لما وصلوا إلى الهاوية التى رمتهم فيها جماهير الأمة، وهى اليوم تدفع ثمن استبدادهم من دمائها واقتصادها واستقرارها، لكن هذا الثمن على فداحته لابد من أن يدفع.
■ لماذا تأخر حسم الموقف فى سوريا مقارنة بمصر وتونس؟
- كان للجيش الفضل الكبير فى الحسم السريع فى تونس ومصر لأنه كان جيش الشعب والدولة، بينما الجيش فى سورية هو جيش النظام، وهذا ما جعل الثورة تواجه عنفاً غير مسبوق، وما دفع بكثير من الضباط والجنود (الذين ينتمون إلى الشعب) أن ينشقوا ويشكلوا (الجيش الحر).
■ يقول محمد حسنين هيكل: إن أسوأ ما فى سوريا يحاول أن يقتل أنبل ما فيها .. ماذا يحدث فى سوريا اليوم؟
كما قال هيكل حقاً، هناك عصبة حاكمة كشفت عن كونها مستعدة أن تهدم سوريا، وأن تفنى كل ما فيها حجراً وبشراً من أجل أن تبقى فى السلطة وأن يكون لها وحدها الحكم إلى الأبد، وبالمقابل هناك شعب طلب شيئاً من الحرية والكرامة والديموقراطية فعوقب بالقتل والقصف العشوائى والتدمير والاعتقال والتعذيب (وهذا ما قصده هيكل حين رأى الأسوأ يقتل الأنبل).
وصف الكاتب الاسبانى خوان جويتسولو ما يحدث فى العالم العربى بأنه خريف عربى .. هل توافق؟
ثورات الشعوب حياة تمر فيها كل الفصول، وتشهد كل تقلبات الطقس، لكن ثوراتنا العربية سميت بالربيع لأنها أزهرت حرية حرم منها الشعب عقوداً، وأما خريف الثورة أو شتاؤها فهو لا يعنى موتها، وإنما سيعنى تجدد الحياة فيها، لقد خرج المارد من عنق الزجاجة، ولم يعد بوسع الاستبداد أن يعيده إليها.
■ كيف تفسر سيطرة نزعة الاستقطاب والاحتراب بدلا من الحوار والتوافق فى بلدان الربيع العربي؟
- هذا طبيعي، فكل الثورات فى التاريخ تتعرض لاحتراب وقد يطول، ولكنه لا يعنى قط أن الثورة لم تكن حقاً للشعب، وعلينا أن نعترف أن للفساد جذوراً عميقة وللأمة أعداء فى الداخل والخارج لا يريدون لها الاستقرار والنجاح.
■ هل تتوقع أن تفرز هذه الثورات مشروعا قوميا يلتف حوله العرب؟
- بالتأكيد، وهذا المشروع هو الوحيد الذى سينجح، ولكن الوصول إليه شاق وطويل.
■ هل أنت راض عن المثقفين العرب وتفاعلهم مع الربيع العربي؟
- ليس تماماً، فبعض المثقفين أحزنهم أن يتجاوزهم شباب صغار السن لم يقرؤوا كلمة لهم، وبعض المثقفين فجعوا بكون البوعزيزى أكثر تأثيراً فى الشعوب من كل ما كتبوا، وبعض المثقفين تفاعل مع الثورات على حذر وقلق، وفيهم من يشكك فيها ويتخيل كونها مؤامرة خارجية على الأمة فيلغى دور الشعوب، لكن المثقف الحقيقى هو من انتصر للثورة مذ ولدت جمراً، وهؤلاء الذين وقفوا مع شعوبهم سيذكرهم تاريخ الثورة المدون بكل تفاصيله، وعلى كل حال ستظهر الثورات مثقفيها الجدد قريباً.
■ خلد أمير الشعراء أحمد شوقى نكبة دمشق فى إحدى قصائده الشهيرة .. متى تفرز ثورات الربيع العربى الإبداع الذى يعبر عنها ويخلدها؟
- للأسف لا يوجد فى الأمة اليوم شاعر كبير بحجم شوقى كى يكتب فى قلب الحدث قصيدة بمستوى قصيدته حين عاش نكبة دمشق، والإبداع عادة يحتاج إلى عملية هضم طويلة، وأعتقد أن الأمة على موعد مع نخبة جديدة من شعراء كبار ومبدعين ستزهر بهم الأمة العربية، وسيتجاوزون نكسات الإبداع العربى خلال العقود الخمسة الماضية، وأتوقع أن يبدأ بالظهور (خلال سنوات قليلة قادمة) جيل المبدعين الجدد الذين سيتجاوزون آباءهم، كما ظهر فى مطلع القرن العشرين جيل الرواد.