الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محسن شعلان: غبى من يسجن فنانًا لقهره لأنه يسن قلمه بدلا من قصفه




 
ماذا يفعل السجن بالفنان؟ كان هذا السؤال هو عنوان الندوة التى أقيمت بمركز الجزيرة للفنون، وشارك فيها الفنان محسن شعلان وأدارها الفنان مصطفى الرزاز.
 
شعلان تحدث عن تجربة سجنه بسبب سرقة لوحة «زهرة الخشخاش» لفان جوخ، مشيرا إلى أن أسوأ أيام قضاها فى السجن كانت أول يومين اللذين قضاهما فى قسم «الدقي» وأن ابنه كان صاحب فكرة الرسم داخل الزنزانه باعتبار أن ذلك نوع من إدانة اللحظة التى يمر بها، وأن ذلك جعله يدرك أهمية الفن فى حياة الإنسان باعتباره أهم وسيلة تعبير عند البشر.
 
 

 
وقال: انتظار الحكم بالسجن كان أصعب من السجن نفسه، وكنت أثق وقتها أنهم يريدون سجنى مهما كان موقفى القانوني، وأنه تمت معاقبتى فى هذه القضية منفردا بالسجن، على الرغم من إدانة الكثيرين فيها، كمسئولى المتاحف الذين لم يعاقبوا.
 
وعن عنوان معرضه الأخير «القط الأسود»، قال: اختارته كتيمة لمعرضى دون أن اشعر، حيث يمثل القط الأسود رمزا للشر والفال السيئ، وعندما دخلت السجن وجدت قطا أسود ينظر إلى فانتبهت لهذا جيدا، وبعد ذلك أصبح القط ثلاثة قطط سوداء، واعتبرت أن هذه مفارقة غريبة لأننى لم أجد قطًا واحدًا ملونًا او حتى ابيض، وكان هذا القط يتبعنى وكأنه يد خفية تسير بجانبي، فأصبح هو الرمز لأعمالى فى كل اللوحات .
 
وأعلن شعلان ندمه على كل ما قدمه للعمل العام، وقال: العمل العام الذى أعطيته حياتى كان خطأ، أنا راض تماما عما أنجزته، ولكنى فى الأصل فنان، ربما أكون ضللت الطريق، ولكن الفنان فى الأساس خلق من أجل الإبداع وليس من اجل الوظيفة المقيدة للحرية.
 
 وأنهى شعلان حديثه، قائلا: «غبى من يريد سجن فنان لقهره، لأنه يقوم بسن قلم لا قصفه».
وتحدث الفنان مصطفى الرزاز عن تجارب من التاريخ لفنانين مصريين وأجانب عانوا من الظلم والسجن والاضطهاد فى عهود سابقة ، وقال: صناعه الديكتاتور هو أخطر ما يمكن أن نعانى منه، تماما كما حدث مع الرئيس السابق مبارك بعد خمس سنوات من حكمه، عندما أوهمه كتاب ومثقفين مشهورين انه صاحب فكر وخيال رائع يجب أن يحتذى به كل المواطنين .
 
 وعن رأى السلطة فى الفنان قال الرزاز : رأى السلطة فى الفنان بصفة عامة أنه يجب أن يلزم حدوده ويصبح داخل الإطار ليصبح الفنان الذهبي، أو فنان الشعب، أو فنان الطليعة التى صنعها الطغاة، لكن هذا القفص الذهبى يتحول فيه الفنان إلى طائر ذهبى جميل.
 
وأضاف الرزاز: التاريخ يثبت أنه يلقى فى القمامة بمن يعادى الفن، والفن يعيش، وهذا ما شاهدناه فى كل من قهر فنان، كهتلر الذى انتقد الفنانين وطردهم وسماهم بأقذع المسميات، وأنشأ ما سماه بالمتحف الحقيقى الذى تم هدمه فيما بعد، وقال هتلر عن الفنانين أنهم «كائنات نجسة، منحطة، مبشرين بالإفساد والخيانة والجهل والانحطاط»، فرد الفنانون المصريون رواد الفن المصرى الحديث آنذاك ببيان حمل عنوان «يحيا الفن المنحط»، ليوصلوا وجهة نظرهم لهتلر بأن هذا الفن المنحط سيحيى، لكنه سيدفن فى القمامة.
 
وعن فترة الثمانينيات فى مصر، قال: هى فترة زاد فيها الإرهاب، وتجيش الرأى العام فى الشارع بتكفير المفكرين والمبدعين وفنانى التماثيل والرسامين، وقتل فرج فوده، وحاولوا اغتيال نجيب محفوظ، وكفروا نصر أبو زيد.
 
وقال الرزاز: هناك فنون تخيف السلطة وهى المؤثرة فى الجماعات الكبيرة كالشعر، المسرح، الكتابة، السينما، لكن هناك فنون كالفن التشكيلى لا تخيف أحد لأنهم لا يفهمون رسالتها فى الأساس، ولأنهم يعرفون أن الفنان لا ينفق عليه أحد، ولذلك نجد أن الفنون التى لها طابعا فرديا لا تقيد السلطة، فلم نر فناناً سجن من أجل لوحاته، بل يسجن لأسباب أخرى، مثل الفنانة انجى أفلاطون التى سجنت بسبب انتمائها السياسى للاشتراكية.