الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مبارك والعادلي منحا أمريكا بيانات أرصدة الإخوان بالبنوك






روزاليوسف اليومية : 19 - 09 - 2011


وثيقتان من ويكيليكس الأولي برقم رقم 08 القاهرة 2395 المحررة بتاريخ 20 نوفمبر 2008 والثانية رقم 09 القاهرة 868 المحررة في 19 مايو 2009 والمفرج عنهما في 30 أغسطس الماضي تكشفان أن النظام السابق وعلي رأسه الرئيس المخلوع "محمد حسني مبارك" ووزير داخليته "حبيب العادلي" قد سلما المخابرات المركزية الأمريكية بيانات الحسابات البنكية الخاصة بأعضاء جماعة الإخوان المسلمين في مصر ومنحوها حق مراقبة البنوك المصرية.
الوثيقة الأولي وثقت بواسطة "ويليام ستيوارت" الملحق الوزير المستشار بعنوان "هيوارد مندلسون ومناقشات جدول أعمال مصادر تمويل الإرهاب مع الحكومة المصرية".. وفيها سرد للقاء تم بالسفارة الأمريكية بالقاهرة يمثلها "هيوارد مندلسون" عن وزارة الخزانة الفيدرالية والسيد "أشرف محسن" الذي عرفته الوثيقة بمنسق مكافحة الإرهاب مع وزارة الخارجية واللواء "هشام عبدا" في 13 نوفمبر 2008 بالقاهرة كممثلين عن وزير الداخلية المصري "حبيب العادلي" وقد انضم لتلك الجلسة من الجانب الأمريكي ممثلا عن مكتب مخابرات والتحليل التابع لوزارة المالية الأمريكية "إيوجين أولينيكوف" وكذلك "أليكس سيفيرينز" الملحق المالي بالسفارة بالقاهرة ممثلا عن وزارة المالية الأمريكية.
تؤكد الوثيقة أن الغرض من ذلك الاجتماع بين ممثلي الطرفين كان من أجل تحسين وتطوير التعاون بين الحكومة المصرية والأمريكية في مجال تبادل المعلومات والبيانات عن مصادر تمويل الإرهاب وبخصوص واقعة محددة أشارت إليها الوثيقة بشأن نقص المعلومات المصرية علي قائمة ال13 شخصية التي أمدت بها الحكومة المصرية لجنة الأمم المتحدة رقم 1267 وأدت إلي أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بعمل حظر تعامل علي تلك الأرصدة في البنك المركزي الأمريكي الفيدرالي.. بالرغم من عدم اكتمال المعلومات من الطرف المصري.
وتشير الوثيقة إلي أن الجانب الأمريكي قبل بداية الجلسة سلم "محسن" تساؤلات محددة أرادت أمريكا إجابات شافية عنها حول قائمة ال13 اسماً التي سلمتها مصر، بالإضافة إلي عدد 8 أسماء أخري تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر عُدت من الأهداف الأمريكية لجمع المعلومات عنها بمساعدة العادلي.
ويذكر محرر الوثيقة أن الجلسة بين الطرفين كانت مثمرة وبناءة وتخطت كل التوقعات الأمريكية من حيث التعاون بين الطرفين، وقد وافق "محسن" و"عبدا" علي العودة للقاء الجانب الأمريكي الممثل للحكومة الأمريكية بكل البيانات والإجابات التي طُلب استكمالها من الجانب المصري. في الجلسة طلب الجانب المصري منحه فرصة لجمع المعلومات عن أي مصادر تمويل إرهاب محتملة واتفق الجانبان علي اللقاء بشكل دوري وسنوي علي أن يكون اللقاء التالي بينهم في مطلع عام 2009 .
تعود الوثيقة لتشرح تفصيلا ماذا دار في الجلسة وكيف أطلع الجانب الأمريكي نظيره المصري علي كيفية البحث طبقا للنظام المعتمد للبيانات وكيف يمكن التوصل لحقائق تثبت أن رصيدا بعينه يمكن تحديده كهدف محتمل لما يسمي طبقا لقواعد لجنة الأمم المتحدة ب"مصدر تمويل للإرهاب".
في الجلسة أكد "محسن" أن مصر مهتمة للغاية بمكافحة الإرهاب الذي يهدد الأمن القومي والعلاقات المصرية الإقليمية بالمنطقة ثم تساءل "محسن" عن سبب تجديد الاهتمام بتفعيل قرارات لجنة الأمم المتحدة بعد حوالي 3 أعوام من التوقف؟
غير أن "هيوارد مندلسون" أكد له أنهم لم يتوقفوا ولو للحظة لكن العمل كان هادئا ورصينا من أجل تقديم بيانات شافية وواضحة لا تقبل التشكيك أو اللبس وتمني "محسن" أن يتوفر الوقت للانتهاء من جمع المعلومات المطلوبة تمهيدا لتسليمها للجانب الأمريكي في بداية عام 2009 كما اتفق عليه.
الغريب أن "محسن" أعلن في اللقاء أن ال 5 أسماء التي يمكن حذفها من قائمة ال13 وبينها أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين في مصر قد وضعت الحكومة والسلطات المصرية أصحابها في السجون أو أن أصحابها يخضعون للرقابة اليومية اللصيقة أو أنهم تحت المتابعة وتعهد "محسن" عن الجانب المصري بتحرير خطاب حكومي رسمي للمطالبة بإدراج أسماء كل من: "محمد شعبان محمود حسنين- عصام محمد شعيب جاد المولي- سليم عيد سليم عبد الهادي- أشرف شعراوي محمد حماد- حمدي علي خالد عمر".
في الجلسة كشف "مندلسون" أن علي الأقل واحدًا من بين الخمسة أسماء ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وطلب أن تعمل الإدارة المصرية علي إيجاد دليل حكومي قوي يمكن عن طريقه أن يثبت علاقة مباشرة للجماعة بتنظيم القاعدة.
الوثيقة تثبت أن الجانب المصري أعجب بهذا الطلب الأمريكي فقرر "محسن" أنها فرصة جيدة للتعاون بين الطرفين المصري والأمريكي من أجل إثبات أن الأفراد أيضا يرتبطون بتنظيم القاعدة وليس ماليا فقط، مما يخضعهم لقانون مكافحة مصادر تمويل الإرهاب.
التقرير أكد أن الجانب الأمريكي كان علي يقين أن الجانب المصري ممثلا في "محسن" و"عبدا" لم تكن لديهما إجابات ومعلومات نهائية يومها فطلب "محسن" وقتا للعودة لوزيره حتي يجمعوا المعلومات عن الأسماء الموجودة بقائمة ال13 وإثبات أنها تقوم بأعمال تمويلية لأحداث في العراق، وأكد "محسن" أنهم سيبذلون قصاري جهدهم لمحاربة النشاط الإرهابي في العراق وأن الحكومة المصرية ستواجه حتي من لم تشملهم قرارات هيئة الأمم المتحدة التي لم تدرج سوي منظمتي القاعدة وطالبان.
الوثيقة تذكر أن الجانب الأمريكي أعجب باقتراح "محسن" ووافقوا علي التحرر مما جاء بقرار الأمم المتحدة والبدء في التعاون من أجل مكافحة مصادر تمويل الإرهاب علي طريقة النظام المصري.
في التقرير ساوم نظام العادلي الجانب الأمريكي من أجل المساعدة لمهاجمة شبكات الإنترنت العاملة من بريطانيا لحساب الإخوان المسلمين للتنديد بسياسات الحكومة المصرية، وطلب "محسن" من الجانب الأمريكي ضرورة تسليم المسئولين عنها للجانب المصري غير أن الحاضرين أكدوا له عدم إمكانية تلك الخطوة.
وفي المقابل طالب الجانب الأمريكي نظيره المصري بالبدء في تدريب أعداد كبيرة من الدعاة الدينيين والواعظين الأجانب حتي ينتشروا في المساجد ودور العبادة للتنديد بالإرهاب ولقطع الطريق علي الإخوان ودعواتهم وتنتهي الوثيقة علي اتفاق الجانبين علي اللقاء في واشنطن أوائل عام 2009 وتوقع الوثيقة من السفيرة الأمريكية السابقة بالقاهرة "مارجريت سكوبي".
نأتي للوثيقة التالية رقم 09 القاهرة 868 المحررة بتاريخ 19 مايو 2009 ومفرج عنها بتاريخ 30 أغسطس الماضي تحت شعار "منتهي السرية" بعنوان "ليفي يناقش مصادر تمويل الإرهاب" وفي ديباجة الوثيقة نجد ملحوظة أنها عممت علي مكاتب الولايات المتحدة الأمريكية في كل من: "القاهرة و"أبو ظبي" و"دمشق" و"تل أبيب" "دبي" و"القدس" ونجد أن الوثيقة من بدايتها تحكي أن الجانب المحاور المصري شدد علي رغبة مصر في الاستمرار في الضغط الاقتصادي علي إيران وأن محافظ البنك المركزي المصري سوف يعمم علي البنوك أمرا بعدم السماح بفتح حسابات للبنوك العراقية من خلال البنوك المصرية، وتشير الوثيقة إلي أن الجانب الأمريكي سأل الجانب المصري عن مدي جدوي استمرار الإدارة الأمريكية في تسمية قادة جزب الله علي قوائم مصادر تمويل الإرهاب.. فأعلن الجانب المصري عن أنها خطوة مهمة.
وتذكر الوثيقة أن الجانب المصري قد كشف للجانب الأمريكي أن السلطات المصرية تراقب عن كثب نشاط بنك مصر - إيران ويظهر في الوثيقة حضور الجلسة من شخصين عن مصر أولهما اللواء "عمر سليمان" والثاني وزير الخارجية الأسبق "أحمد أبو الغيط" حيث طلب سليمان من الجانب الأمريكي الاستمرار في الضغط علي إيران بينما قال أبو الغيط كما تذكر الوثيقة: "أي عمل يسئ لاسم حزب الله عمل جيد".
الوثيقة تؤكد أن اللقاء بين الطرفين المصري والأمريكي كان لرغبة الولايات المتحدة الأمريكية في إبراز خطورة النظام البنكي الإيراني في المنطقة وعمله في منظومة تمويل الإرهاب من وجهة النظر الأمريكية.. وفي اللقاء طلب الجانب الأمريكي أن يصدر البنك المركزي المصري قرارا بمنع فتح حسابات لأي بنك إيراني في مصر، ويكشف في الوثيقة ممثل الجانب الأمريكي الذين أشاروا إلي اسمه ب"ليفي" فقط أنه أخبر الطرف الحاضر عن مصر علم الولايات المتحدة بعدم وجود أية حسابات أو أرصدة إيرانية في مصر، ولذلك سيكون اتخاذ مصر قرارها بمنع فتح حسابات إيرانية بالقاهرة خطوة كبيرة تريد أمريكا أن تجعلها نموذجا يحتذي بين الدول العربية الأخري التي ستتأثر بالقرار للشقيقة الكبري مصر، وسيكون لزاما عليهم بعدها إصدار قرارات مشابهة وهو ما تريده السلطات الأمريكية.
الوثيقة تشير إلي أن "هشام رامز" محافظ البنك المركزي المصري أكد للجانب الأمريكي أن حركة التحويلات بين القاهرة وطهران صفر وأنه لا توجد أي نشاطات لأي بنوك إيرانية في مصر وأكد "رامز" كذلك أن مصر لن تسمح لأي بنك إيراني بشراء أية أسهم في أي بنك مصري.
في الجلسة تساءل "ليفي" عن عدد من الأسئلة حول دور بنك مصر- إيران الموجود في القاهرة، فأكد له محافظ البنك المركزي المصري أنه يعمل طبقا للمسموح به من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وأن رئيس مجلس إدارته "إسماعيل حسن محمد" هو محافظ سابق للبنك المركزي المصري وهو يعرف القوانين واللوائح جيدا ويعلم أن بنكه مراقب من مصر والإدارة الأمريكية.
في الجلسة أشار "رامز" ردا علي رغبة الولايات المتحدة في أن يغلق هذا البنك في مصر إلي أن البنك موجود ويعمل في مصر منذ أعوام طويلة وأنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل غلقه. وتعليقا عن تساؤلات "ليفي" حول الأموال المصادرة من حركة حماس علي المعابر المصرية- الفلسطينية وعلاقتها بجماعة الإخوان المسلمين في مصر ودور البنك المركزي المصري في مصادرة تلك الأرصدة.. أكد "رامز" للجانب الأمريكي أن البنك المركزي لا دور له في المصادرة التي تقوم بها جهات أمنية وقانونية أخري.
وفي الوثيقة حوار مهم بين ممثل الإدارة الأمريكية "ليفي" وبين "أحمد أبو الغيط" وزير الخارجية الأسبق ويشدد "ليفي" علي أن دور مصر المحوري سيفيد أن يدفع بالدول العربية الأخري أن تقلد الإدارة المصرية في فرض الحظر علي النظام الاقتصادي الإيراني.
الوثيقة تشير إلي أن أبو الغيط أعرب عن عدم سعادته من أن الجهود الأمريكية ضد إيران وحزب الله وغيرها من الجماعات الدينية بما فيها الجماعة في مصر لا تحقق نجاحا ملموسا.. مؤكدا أن إيران ستظل تتعامل بنكيا بشكل أو بآخر طالما أن الإدارة الأمريكية غير جادة وطلب أبو الغيط من ليفي العمل مع الإمارات العربية المتحدة لمنع وصول الأموال إلي إيران إذا كانت الإدارة الأمريكية ترغب في ذلك.
ثم طلب ليفي من أبو الغيط أن تقوم مصر بعمل إجراءات منفردة يكون من شأنها دفع باقي الدول العربية لمواجهة إيران اقتصاديا وفي اللقاء سأله ليفي عن الوسيلة التي يمكن بها مكافحة نشاط الجماعات الدينية المختلفة بما فيها الجماعة في مصر.. وكذا حزب الله، فاقترح أبو الغيط علي الجانب الأمريكي أن يعملوا علي تشويه اسمهم في كل مكان وأن يطبقوا عليهم المزيد من العقوبات الدولية.
ثم تنتقل الوثيقة للقاء تم بين "ليفي" واللواء "عمر سليمان" وقد دار الحديث حول ذات النقاط التي فتحها المفوض الأمريكي مع وزير الخارجية المصري أبو الغيط إلا أن ردود الوزير سليمان كانت كلها أكثر منطقية وجاءت في السياق الطبيعي، حيث نصح الإدارة الأمريكية إن تعطي لإيران وللجماعات الدينية فرصة للاختبار وبعدها يكون القرار لتنتهي الوثيقة بتوقيع "مارجريت سكوبي" السفيرة الأمريكية السابقة بالقاهرة.