الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أحمد الخميسى ينتقد الثقافة والمثقفين فى «عيون التحرير»




أصدر الكاتب الدكتور أحمد الخميسى كتابه النقدى "عيون التحرير... فى الأدب والسياسة" عن دار كيان للنشر الذى يستعرض فى 28 فصلا بعناوين مباشرة وقوية تعبر عن قضايا ثقافية شائكة فجرتها من قبل ثورة يوليو ثم عادت ثورة يناير تفجرها مرة أخرى، فالخميسى يناقش عددا من المفاهيم والأيديولوجيات التى تم التأسيس لها وتمريرها معنويا وفكريا لتصبح مختلطة فى الأذهان ويتم تقبلها بل والتعامل معها بأريحية واضحة، أول هذه القضايا هى "عسكرة المثقف" كبديل لتثقيف العسكر ولفكرة اختيار "أهل الثقة" لتقلد المناصب التى أثبتت فشلها والذى بدأته ثورة يوليو ثم ما لبثت ان اتجهت إلى عسكرة المثقف واختيار "أهل الكفاءة" ليكون الأقرب فى التعامل والتخاطب مع جموع المثقفين، واستعرض الخميسى فى سطوره بعض النماذج التى كان أولها منح لقب "لواء" لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، أيضا رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور على عقلة عرسان الذى قضى على دور الاتحاد خلال فترة رئاسته التى امتدت لثلاثين عاما منذ 1977 حتى 2005، وفى عصر مبارك تم اختيار القيادات الثقافية التى تدين بالولاء الكامل للسلطة ليصبحوا حراس الأمن الثقافى.
 
تحت عنوان "ما هو أدب الثورة؟" يقدم الخميسى رؤيته ووصفه لما كتب بعد 28 يناير بأنه "احتفال أدبى بالثورة"، بينما "أدب الثورة" هو الأدب الذى كتب قبل ثورة يناير مواجها بشجاعة ودأب ظلمة ومظالم ثلاثين عاما من حكم مبارك، وعرى الواقع السياسى والاجتماعى والثقافى الذى رسخه الحكم، فـ"أدب الثورة" هو الذى مهد للثورة وفجر أفكارها، واختار الخميسى رواية "واحة الغروب" لبهاء طاهر الصادرة عام 2006 كنموذج لأدب الثورة، التى دق فيها طاهر ناقوس الخطر المحدق بمستقبل مصر فى ظل الأوضاع القائمة آنذاك، كذلك رواية "أوان القطاف" للوردانى و"طريق النسر" للخراط و"الأفندي" لمحمد ناجى.
 
فى "الأزمة الطائفية فى الأدب المصري" قارب الخميسى ما بين أول رواية تناولت أوضاع الأقباط فى مصر وهى "القصاص حياة" لعبدالحميد خضر الصادرة فى 1905 وبين رواية "شيكاجو" لعلاء الأسوانى الصادرة فى 2007 التى يبعد بينهما قرن كامل من الزمان يحمل العديد من التغيرات الطائفية كمًّا وكيفا، فالأسوانى طرح فى روايته الأزمة الطائفية من زاوية تدويل الصراع أو تدويل الأزمة عن طريق أقباط المهجر من خلال شخصية الطبيب كرم دوس زعيم اقباط المهجر بشيكاجو، أما رواية "القصاص حياة" تناولت مشكلة خاصة بالبيئة المسيحية فى صعيد مصر عن حادثة واقعية حدثت بقرية الكاتب بأبوقرقاص بالمنيا عام 1903 مقدما ولأول مرة قضية التمايز الثقافى والدينى بين المسلمين والأقباط وقضية تغيير الديانة، واشار الخميسى إلى روايات أخرى تناولت الطائفية مثل "خالتى صفية والدير" لبهاء طاهر و"السكرية" لمحفوظ وقصة "الله محبة" لإحسان عبدالقدوس.
 
اختتم الخميسى كتابه بعنوان "الأدب فى خطر "! وهو عنوان كتاب للناقد الفرنسى المعروف تيزفيتان تيودورف التى أوضح فيه أزمة الأدب المعاصر التى قد تقضى على القراءة فى الأجل القريب، تتجلى هذه الأزمة فى انفصال العمل الأدبى عن دوره الاجتماعى وإغراقه فى الشكلانية، كذلك النظرة الفلسفية العدمية التى ترى أن تغيير الواقع والعالم مستحيل والباقى هو ذات الكاتب ونرجسيته، التجلى الثالث للأزمة هو ما سماه الناقد ترعة "الأنانة" أى القول بأن "الأنا الذاتي" هو الكائن الوحيد الموجود ! ... واختتم بعبارة مهمة للكاتب المسرحى الألمانى المعروف بريخت: "إذا لم تكن كلماتى تهتم بالناس، فلماذا ينبغى على الناس أن يهتموا بكلماتى؟".