الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بنات × بنات





 
عالم البنات مليء بالأسرار ولا يعرف تفاصيله سواهن لذا قررنا منح هذه المساحة للبنات ليعبرن   فيها عن أنفسهن والحديث عن المشكلات والهموم والقضايا التى تشغل بالهن ويرفض المجتمع فى كثير من الأحيان الاستماع إليها. ويمكن التواصل والمشاركة فى هذا الباب عبر البريد الإلكترونى:
 [email protected]
 
 
لهفة عينيه
 
رأيته يجلس فى انتظارها، يترقب كل لحظة أن يراها آتية من بعيد.
 
إذا رآه أحد ظنه ميتًا من سباته العميق، لكن بريق عينيه ينفى عنه موتًا قد يصبح حقيقة إذا فقد الأمل فى مجيئها، بل ويبعث ذلك البريق فى نفسه أملًا فى حياة عذبة تمحو عنه الآلام.
 
لم أرَ لهفة فى عين رجل مثل لهفته عليها، وكأنها أمه!
 
لا، ليست أمه، إنها حبيبته! لا، ليست حبيبته. ترى من تكون؟!
 
انزوى عن الناس وجلس بعيدًا عن الجماعة، أراد أن يظفر بها أولًا، كلما تذكر نفسه بعد لقياها أحس بنشوة المنتصر بعد العناء، تغمره الفرحة عندما يتخيلها قادمة، وترتسم على شفتيه ابتسامة حيية يخشى أن تراها عيون المارة فى الطريق فيفتضح أمر حلمه البريء.
 
تأخرت عليه وبدأ يقلق ولكن ثقته بربه أكدت له أنها آتية. فكيف تتركه وحيدًا وهى الأمل والحياة المقبلة؟!
 
ثم لمعت عيناه فجأة وانتفض قائمًا. فتساءلت أتكون هى القادمة؟!
زادت حرارة الشوق بداخله، وظهرت بوادر الاستعجال فى حركته، ودبت الحياة فى جسد مكث طويلًا ثابتًا، أليس هذا من كان رابط الجأش لا يفعل شيئا سوى الانتظار؟
 
ولكنها الحياة... لقد رآها قادمة... نعم إنها هي.
 
انفرجت أساريره وتهلل وجهه الذى حفرت فيه الأيام بأقلام الفقر والقسوة أغوار الألم والمعاناة.
 
يا للسعادة الغامرة! أتت الحبيبة الضائعة، وصلت إلى دنيا واقعه.
 
حمل أشياءه فى سرعة وخفة، وجرى نحوها قبل الجميع، فلقد رآها قبلهم. انتظرهذه اللحظة طويلاً، ها هى تقترب منه، ثم توقفت.
 
نزل السائق فرآه فى المقدمة، فاختاره من بين صفوف الموجودين ومعه آخرين. فركب فى مقطورتها، وجلس القرفصاء خلف كابينة السائق، وامتلأ وجهه بابتسامة عريضة عرفت سببها:
لقد أيقن منذ أن وطأت قدميه الشاحنة أن يديه لن تكونا خاويتين فى المساء سيعود لأولاده بالفول أو العدس ليضمن لهم العشاء.
 
كانت فرحته أكبر مما يمكن أن يتصوره أحد، كانت قفزته ليعتلى السيارة تشبه ملكًا يعتلى عرشه المغتصب، قفزة أعلى بكثير من قفزة الفهد فى الهواء، وأسرع من الغزالة فى المراعي، إنها قفزة نحو الحياة.
 
ثم جاء فى المساء... فناء بيت فقير... أربعة أطفال وأم عجوز وزوجة تنتظر لتعد هذه الوجبة الشهية. هرول الأطفال نحوه فرحين، لقد عاد أبي...، وأحضر الغذاء. فتهللت أسارير الزوجة الصبورة، ووضعت القدر على النار، لتعد الطعام. إنها ثانى ابتسامة له منذ أن طلع الصباح، فلقد نجح فى رسم السعادة على وجوه أحب من له فى هذه الحياة.
 
 
لكن سرعان ما عاد لثباته يفكر كيف سيعود غدًا بتلك الفرحة إن لم تأت الحبيبة المنشودة كل صباح!! أسينجح غدًا فى أن يرى وجه أمه العجوز يبتسم له، هل سيرى هذه البهجة فى عين زوجته إن لم يأت لهم بالطعام، أم سيبكى أطفاله جوعًا فى انتظاره يومًا آخر ليأتيهم بالطعام فى المساء.