الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

إخراج الزكاة عن مال القاصر والمجنون واجب




 
ورد سؤال لدار الافتاء يقول : توفى زوجى وترك لى ولدًا عمره خمس سنوات، وكان لهذا الولد مبلغ من المال قد حال عليه الحول، وأريد أن أخرج زكاة هذا المال؟
 
ويجيب د. على جمعة مفتى الجمهورية السابق قائلا : «يرى جمهور العلماء أن الزكاة واجبة فى مال الصبى القاصر وفى مال السفيه أو المجنون المحجور عليه، وهذا هو الذى عليه الفتوى؛ لأنه حق يتعلق بالمال فلا يسقط بالصِّغَر أو السَّفَه أو الجنون، ويُخرجها عنهم أولياؤهم، واستندوا فى ذلك إلى عموم النصوص من الآيات والأحاديث الصحيحة التى دلت على وجوب الزكاة فى المال الذى بلغ النصاب وحال عليه الحول، كقوله تعالى: ﴿خُذ مِن أَموالِهم صَدَقةً تُطَهِّرُهم وتُزَكِّيهم بها وصَلِّ عليهم إنّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لهم واللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [التوبة:103]، وكقوله صلى الله عليه وآله وسلم فى وصيته لمعاذ بن جبل رضى الله عنه حين أرسله إلى اليمن: «فأََعلِمهم أنّ اللهَ افتَرَضَ عليهم صدقةً فى أموالهم تُؤخَذُ مِن أغنيائهم وتُرَدّ فى فقرائهم»، رواه مسلم. والقُصَّر والسفهاء والمجانين تُرَدُّ فيهم الزكاة إذا كانوا فقراء، فَلتُؤخَذ منهم إن كانوا أغنياء.
 
كما استدلوا بما رواه الإمام الشافعى عن يوسف بن ماهَك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ابتَغُوا فى أموال اليتامى؛ لا تَستَهلِكها الصَّدَقةُ»، وهو مرسل صحيح يعتضد بما سبق مِن عموم النصوص، وبما يأتى من طرقه وشواهده، وقد صح هذا اللفظ أيضًا موقوفًا على عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
 
 وروى الطبرانى فى المعجم الأوسط عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اتَّجِرُوا فى أموال اليتامى؛ لا تَأكُلها الزكاة»، وصححه الحافظ العراقي.
 
 
وروى الترمذى من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن وَلِى يتيمًا فليَتَّجِر له ولا يتركه حتى تأكلَه الصدقةُ».
 
ولولا أن الزكاة واجبة فى مال القاصر والسفيه والمجنون لَما جاز للولى أن يُخرِجها منه؛ لأنه ليس له أن ينفق ماله أو يتبرع منه فى غير واجب، فأمر النبى صلى الله عليه وآله وسلم بتنمية أموالهم حتى لا تستهلكها الزكاة الواجبة فيها.
 
وقد صح إيجاب الزكاة فى مال الصبى والمجنون عن عمر وعلى وابن عمر وعائشة وجابر بن عبد الله رضى الله عنهم، ولا يُعرَف لهم مخالف من الصحابة إلا رواية ضعيفة عن ابن عباس رضى الله عنهما لا يُحتَجّ بها.
 
وهذا هو الملائم لتشريع الزكاة فى الإسلام من أنها حق فى المال يجب لمستحقه كما قال سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه: «فإنَّ الزكاةَ حقُّ المالِ»، كما أن كلاًّ من القاصر والمجنون أهلٌ لوجوب حقوق العباد فى ماله، ولذلك يضمن ما أتلفه بأداء الولى من ماله.
 
 
وينوب عن القاصر أو المجنون أو السفيه وَلِيُّه فى إخراجها، بشرط أن يكون هذا المال فائضًا عن نفقة الصبى وحاجته الأصلية وأن يبلغَ هذا المالُ النصابَ ويَحُولَ عليه الحولُ القمريّ ويخرج عليه ربع العشر.