الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإخوان حركة انقلابية مضادة للميول الشعبية والديمقراطية.. وحزب الوفد عدوها اللدود




 
كشفت وثائق سرية لوزارة الدفاع الوطنى التى كانت تسمى بهذا الاسم خلال نصف قرن مضى من الزمان وتحولت لوزارة الدفاع، حول أسرار حوتها ملفات عن الإخوان المسلمين وممارساتهم التاريخية خلال فترة مهمة من تاريخ مصر، كانت تعتبر هى الفترة الأهم فى تاريخ الحركة منذ نشأتها.
 
تكشف الوثائق ما كان يدور داخل مكتب الإرشاد من مؤامرات ترتبط بأمن مصر القومى، وكيف أن هناك من كبار الإخوان من كانوا بمثابة مرشدين لجهات أجنبية، فى الوقت الذى تم فيه اختراق مكتب المرشد بكل اجتماعاته.
 
وتترجم الوثائق وتجيب عن كثير من الأسئلة على أحداث شهدتها مصر مؤخرا، وتحديدا منذ اندلاع ثورة يناير 2011، وتجيب عن الكثير من الأسئلة التى طالما طلب الرأى العام الإجابة عنها أو على الأقل طلبوا توضيحا لما يحدث، إلا أن هذه الوثائق التى سوف نسردها كما جاءت بالتفاصيل وبنفس ألفاظها وما جاء فيها دون تدخل، مع الأخذ فى الاعتبار الفارق الزمنى واللغة المستخدمة والأسماء التى عاصرت تلك الأحداث، التى تنطبق تماما مع ما يدور على أرض مصر خلال تلك الفترة وتحديدا منذ اندلاع ثورة يناير وما تلاها من أحداث ارتبطت بعنف الجماعة، ولعل ما نكشفه اليوم هو «فلاش باك» لموقف الجماعة من المحكمة الدستورية ومحاصراتها لها لمنع عقد الجلسة الخاصة بإصدار الحكم فى حل مجلس الشورى تحت مبرر أن المحكمة سوف تصدر حكمها بعدم شرعيته دون وازع من أنها نفس المحكمة التى كانت ملجأهم للاستقواء على نظام مبارك.
 
وعلى الرغم من أن النائب العام فى مصر خلال تلك الحقبة لم تكن فى سلطتهم إقالته، إلا أنه تم اتخاذ موقف آخر منه، ليؤكد فقط استخدام أسلوب بديل فى الوقت الحاضر لمنهج الجماعة، حيث نتعرض فى هذه الحلقة للممارسات التى انتهجها الإخوان المسلمين ضد سلطات القضاء والمحاكم فى مصر واستهداف أسر هيئة المحكمة والنائب العام واستخدام التهديدات الدموية لمنع صدور أية أحكام بحق أعضاء الجماعة المتورطين فى اغتيال النقراشى باشا.
 
تهديدات للمحكمة والنائب العام
 
وفى وثيقة حملت رقم 23 مؤرخة فى 16 نوفمبر 1948 سرى للغاية، مذكرة مرفوعة إلى حضرة صاحب المعالى وزير الحربية والبحرية: علم لنا من مصدر موثوق به تمام الثقة (أحد كبار الإخوان المسلمين) أنه عقد اجتماع فى المركز العام للإخوان المسلمين بالحلمية الجديدة من جماعة الفدائيين ونظروا فى قضية مقتل الخازندار بك وتطوراتها، وقد سبق أن أرسلوا خطاب تهديد إلى رئيس المحكمة البشرى بك كما اتصلوا تليفونيا بسعادة النائب العام وهددوه أيضا وكان ذلك منذ يومين.
 
وقد تقرر فى هذا الاجتماع عمل الترتيب لاغتيال هيئة المحكمة وسعادة النائب العام إذا كان الحكم قاسيا (أشغال شاقة مؤقتة) أما إذا كان الحكم بالإعدام فلن يكتفوا بهذا الاغتيال بل سيتعدى ذلك إلى عائلاتهم أيضا (نسف دورهم) وقد عين الأفراد وجهزت المواد لتنفيذ ذلك ولم نتمكن من الحصول على معلومات أكثر من ذلك.
 
وفى وثيقة تحمل الأهمية التى لم توردها السينما والقلم السياسى والبوليس السياسى، جاء فيها محافظة القاهرة، بوليس مدينة القاهرة، القلم السياسى (6421 سرى سياسى): حضرة صاحب العزة مدير عام عموم الأمن العام: أتشرف بإحاطة عزتكم أنه وصل إلى علمنا من بعض مرشدينا بالإخوان المسلمين ما يأتى: ( المرشد العام مستاء جدا من موقف الحكومة من الإخوان ومنها المرشد بالذات من السفر إلى فلسطين وسماحها لصالح حرب باشا وأحمد حسين بالسفر إلى هناك وقد اجتمعت أمس لجنة مكونة من بعض حضرات كبار الإخوان ورفعوا إلى مكتب الإرشاد مذكرة يطلبون فيها أن تجاوب الحكومة بالمثل وأن تقوم مظاهرات فى يوم الجمعة 8 أكتوبر المقبل فى كل أنحاء القطر فى وقت واحد ويجب ألا تكون عقب صلاة الجمعة ولكن بعد العشاء فى الثامنة والنصف والهتاف فيها بسقوط النقراشى كابت الحريات- ويقول التقرير إنه لا يصح أن تكون المظاهرات مرة واحدة بل يجب أن تتكرر فى أوقات مختلفة ليشعر النقراشى أى قوة يجابه وإلى أى مكان انزلق هو وبوليسه.
 
ولما كان المرشد طيلة ليلة أمس فى دار أخبار اليوم فإن التقرير لم يعرض عليه بعد- وقد يعرض عليه اليوم- إلا أن بعض هؤلاء الإخوان يرى عدم عرضه عليه وتأجيل العرض إلى بعد سفره على عبد الحكيم عابدين وهم واثقون عندئذ من الموافقة.
 
تتحرك فى ثانى أيام العيد المقبل طوابير جوالة الإخوان المسلمين برئاسة حسين كمال الدين فى هيئة استعراض فى القاهرة كلها وسواء صرحت الحكومة أم لم تصرح فإن الإخوان
 
عازمون على عمله- ويقولون إن الضحية واجبة فى العيد سواء كنا نحن الضحية أم كان البوليس هو الضحية فلا بد من ضحية، توقيع: حكمدار بوليس مصر، تحريرا فى 30 سبتمبر 1948، الكاتب: الجندى
 
تقرير من القيادة البريطانية قدم عن طريق مخابرات الطيران:
كتب: g.m.browne  وهو ضابط بمخابرات طيران الجيش البريطانى تقريرا عن اتصالاته ببعض المندوبين المتصلين برئاسة الإخوان المسلمين وقد كتب فى بداية تقريره ما يأتى: 1- أن الأستاذ حسن البنا أصبح متصلا اتصالا شخصيا برؤساء مراكز الجهاد فى أنحاء القطر المصرى وأنه صاحب الأوامر الكثيرة التى ينفذها هؤلاء الرؤساء وأنه وضع وكالة هذه المهمة فى يد أخيه عبد الرحمن الساعاتى 2- أنه طلب من عبد الرحمن الساعاتى استدعاء هؤلاء الرؤساء لعقد اجتماعات معهم فى المركز العام (بالقاهرة) ويقصد هنا بالمركز العام اجتماعات رئيسية تعقد فى أى مكان (وكانت الاجتماعات فى منزل عبد الرحمن الساعاتى القريب من المركز العام) 3- صرفت مبالغ كبيرة إلى مركز الجهاد لتنفيذ بعض الأعمال وشراء أشياء تلزم العمليات المقصودة 4- أوضح الشيخ حسن لرؤساء مراكز الجهاد فى القاهرة فى اجتماع عقد فى أول ديمسبر 1948 ما يأتى: فى إمكان بل يجب على الإخوان المسلمين أن يتزعموا الثورة الديمقراطية فى البلاد العربية وأن يكونوا القوة المرشدة للثورة المصرية وهو لا يعتبر هذه الثورة ثورة الطبقات العليا هى ثورة الشعب التى ستدفعه بأجمعه إلى الأمام. هى ثورة طبقة العمال بأجمعها وأيضا ثورة الطبقة المتنورة بجملتها وسينطوى فى تيارها الفلاحين عندما يعود الطلبة إلى بلادهم وأهليهم.
 
وأوضح فى اجتماع لأعضاء هذه الجمعية عقد فى القاهرة فى 2 ديسمبر 1948 قائلا: ينبغى علينا ألا ننسى أنه لا توجد أو لا يمكن أن توجد فى الوقت الحاضر أى وسيلة أخرى تربط مبادئ الإسلام بمبادئ الحرية السياسية الكاملة إلا بإقامة حكومة ديمقراطية تتمسك بالمبادئ الإسلامية.
 
وأظهر أيضا- كما قال g.s.Bawel أنه يتوقع من هذه الثورة نتيجتين محتملتين هما:
إما أن تتوج هذه الثورة بنصر حاسم على الحكومة وسقوط تام لجميع هؤلاء الأغبياء الذين يحصلون على كراسى الحكم دائما وتقام فى البلاد حكومة ديمقراطية إسلامية.
أو إذا كانت القوة اللازمة لهذا الانقلاب غير كافية لنجاحه فقد ينتهى الأمر إلى مساومة بين الملك والإخوان المسلمين على حساب الشعب أى يقام نوع مبتور من أنظمة الحكم. أو تحقيق بعض من أغراضنا فى شكل كاريكاتورى، وهذا غير محتمل حدوثه.
 
وقال فى النهاية إن النتائج التى نحصل عليها من الثورة تتوقف على الدور الذى ستلعبه طبقة العمال فى هذه الثورة أهو دور إضافى قوى يواجهون به الطبقة الأتوقراطية القابضة على الحكم وبالرغم من أنه دور إضافى فإنه يعد دورا مهماً، أم أنها ستلعب دور قيادة ثورة الشعب؟
وقد تعرض فى تقريره إلى نشاط عبدالرحمن الساعاتى فأوضح ما يأتى: 1- أنه اجتمع بالمندوبين المختلفين لطلبة الجامعة وللعمال وغيرهم اجتماعات مختلفة وقد تكلم فى إحداها فقال «وبمجرد نجاح ثورة الشعب مباشرة يجب أن تحل حكومة مؤقتة محل حكومة القصر (النقراشية) وواجب هذه الحكومة المؤقتة: تعزيز انتصارات هذه الثورة وتقويتها حتى تتمكن من سحق أى مقاومة بثورة مضادة وتنفيذ برنامج الإخوان بأقل مجهود مستطاع. وأكد الساعاتى أنه إن لم تتحقق هذه الأعمال فسيكون من المستحيل علينا أن ننتصر انتصارا حاسما على رغبات وأغراض القصر. ولكى ننفذ هذه الأعمال وننال الانتصار الحاسم على رغبات القصر يجب ألا تكون هذه الحكومة المؤقتة حكومة عادية بل يجب أن تكون حكومة ديكتاتورية من الأحزاب المنتصرة
 

حسين كمال الدين
 
2- وقد قال الساعاتى فى ختام اجتماعاته ما يأتى الذى أورده بالنص فى تقريره:
أيها الإخوان استعدوا إذا لهجمات جديدة وأثبتوا بروح الرجولة فى سكون وثبات دون أن تجعلوا للتهديدات سبيل إلى نفوسكم. تحكموا على قواتكم وكونوا صفوفكم المقاتلة. التفوا حول علم الإسلام.
3- أوضح التقرير بعد ذلك عدد القائمين فى المناطق: الاسكندرية 20، القاهرة 35، الوجه البحرى 60، القبلى 45.
وأشار إلى أنهم أفراد يعرفهم الشيخ البنا شخصيا وهم خلاصة الشبان من الذين لازموه فى كتائب المشاة وغيرها من الأنظمة وغير متصلين فى هذا العمل بأى فرد آخر من مكتب الإرشاد أو غيره من الإدارة.
 
(حسن رفعت باشا)

 
عبد الرحمن الساعاتى
 
وتحت عنوان سرى جدا فى مذكرة مرفوعة إلى حضرة صاحب المعالى وزير الحربية والبحرية (حسن رفعت باشا)، يمكن القول بأن حسن رفعت باشا لم يقدم تقارير صحيحة واضحة من شهر ونصف إلى السفارة البريطانية وذلك لبدء شكوكه من مراقبة بعض الأفراد لصالح عمار بك الذى كلف بتنفيذ هذه المراقبة بأمر من إبراهيم عبد الهادى باشا والنقراشى باشا، وقد أفهمه ذلك عمر بك حسن رئيس القسم المخصوص والضابط عبد العزيز حجازى منفردين.
 
لم يقدم رفعت باشا خلال هذه المدة أى تقرير إنما الذى كان يحدث أن تقاريرا كانت ترد للسفارة البريطانية من الأقاليم أو من القاهرة فكان يحملها المستر ويليامز أو المدموازيل «بتى» من إدارة النشر إلى رفعت باشا لقراءتها عليه ومعرفة تعليقاته عليها (صحيحة كانت أو كاذبة) وكان يتم ذلك فى شقة بعمارة بهلر تقع فوق نادى سليمان باشا وبعدها يذهب حامل التقارير إلى الغرفة البريطانية (التجارية) بعمارة جريشام حيث يتركها هناك لإعادتها للسفارة البريطانية.
كان خلال الأسبوع الماضى مريضا بالحنجرة ولديه برد خفيف وقد عرض نفسه على طبيبه الذى نصحه بالسكينة وعدم التردد على الاسكندرية وقد لزم الفراش أكثر من أربعة أيام متتالية.
 
يقوم حسن رفعت باشا بإعداد تقرير عن نشاط الحركة العمالية فى القطر المصرى وتغلغل العناصر الشيوعية فيها والطرق الممكنة لتلافى أضرار هذا التغلغل فيها وذلك كطلب السفارة وقد عرف أنه قدم من شهرين تقارير عن الوفد المصرى وعلى باشا ماهر والإخوان المسلمين تحريرا فى 1 ديسمبر 1948
تقرير السفارة  الفرنسية
 
مذكرة مرفوعة إلى حضرة صاحب المعالى وزير الحربية والبحرية الإخوان المسلمين (السفارة الفرنسية)، أرسلت السفارة الفرنسية إلى حكومتها مذكرة عن الإخوان نورد فيما يلى أجزاء منها: كان الكثير من الأوساط الأجنبية ينظر إلى حركة الإخوان المسلمين فى مصر كحركة انقلابية أكثر منها حركة ثورية. ومن وجهة نظر الآراء العامة الآن أن الثورة ليست إلا حركة شعبية.
 
وبما أن موقف الإخوان كان مضادا للتنظيمات الاشتراكية التى شعرت كل الأوساط الاجتماعية فى مصر بمظاهر استبدادها، فليس هناك شك أن نستنتج أن نشاط الإخوان كان حركة انقلابية عليها طابع مضاد للميول الشعبية والمضادة للديمقراطية والمضادة لحركة العمال.
وطريقة التفكير التى أدت بنا إلى هذا الاستنتاج فى غاية الوضوح، فإن الإخوان لم يقوموا بهدم التنظيمات العمالية. ولكنهم حاربوا حزب الوفد وحزب مصر الفتاة إلى درجة الفناء. وذلك لأن هذين الحزبين لم يكونا على اتفاق مع الإخوان على برنامج حركتهم.
 
ويشرح التقرير الوارد بالمذكرة بعد ذلك مركز حسن البنا ويذكر أن سفره إلى الحجاز كان لغاية لها خطورتها ولها قيمتها إذ أن ملك الحجاز قد أرسل طائرات خاصة لاستعمالها فى السفر بمعرفته وبمعرفة بعض الأفراد ويذكر التقرير أيضا بأن ذراع الأستاذ البنا قد سافر أيضا وهو أيضا أخوه الأستاذ عبد الرحمن الساعاتى. وتنتظر السفارة كل البيانات المتعلقة بالرحلة من الحجاز.
 
يلاحظ أن الملحق الثقافى للسفارة وهو الذى قام بكتابة المذكرة وأراد أن يشرح مركز الإخوان.
أرسلت المذكرة فى أوائل نوفمبر 1948، ولم يتعرض إلا إلى نقط سطحية فى الإخوان. (ولهذا التقرير بقية سنحصل عليها قريبا)  10-11-1948.
 

ملحق الأسماء:
 
حسين كمال الدين: عضو مكتب الإرشاد والهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين، ولد عام 1913 وتوفى عام 1987، وكان عالما فى الطبوغرافيا واستغله البنا فى أن اصطحاب أعضاء الجماعة فى رحلات منظمة يرددون الهتافات لكونه عالما وصاحب اكتشافات استطاع أن يستميل الآلاف.
 
عبد الرحمن الساعاتى: هو عبدالرحمن أحمد عبدالرحمن البنا، شقيق الإمام حسن البنا، عمل مع والده فى مهنة إصلاح الساعات، فاكتسب لقب «الساعاتي»، ثم التحق بوظيفة بهيئة السكك الحديدية، كان عضو مكتب الإرشاد فى جماعة الإخوان المسلمين، وعضو مجلس الشعب فى الستينيات عن دائرة مصر القديمة.
 
ابراهيم عبد الهادى باشا: كان رئيسا للديوان الملكى، ثم رئيس وزراء لمصر عام 1948 بعد اغتيال النقراشى باشا وشارك فى ثورة 1919 واعتقل وأطلق سراحه عام 1924.