الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«جركن البنزين» يشعل نيران الأسعار







 
بسياسات فاشلة واجراءات تفتقد الحكمة،أفلتت الحكومة وحش الغلاء ينهش فى أجساد الفقراء من دون رحمة،فرغم أن الطبيعى فى الأمر أن تتخذ الحكومة قرارات من شأنها المساهمة فى إطفاء نيران الأسعار التى اشتعلت بفعل انهيار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، إلا أنها اختارت أن ترفع أسعار «المحروقات» وتزيد الضرائب على بعض السلع ،الأمر الذى يجرف البلاد إلى قاع أزمة طاحنة لن تكون محمودة العواقب.
 
 
 
ونتيجة مباشرة لزيادة أسعار المحروقات وعدم توفير المواد البترولية بالشكل المناسب ارتفعت أسعار السكر والزيت والأرز والحديد والأسمنت والمواصلات وغيرها من السلع والخدمات الاساسية، فيؤكد عمرو عصفور، نائب رئيس شعبة المواد الغذائية، أن هناك عددا كبيرا من السلع الغذائية تشهد ارتفاعات مطردة فى أسعارها كنتيجة مباشرة لارتفاع أسعار المواد البترولية بصفة أساسية،قائلًا: «زيادة سعر بعض المحروقات إضافة إلى عدم توافرها رفع من تكلفة الانتاج، كما رفع نولون النقل وهو ما أدى فى النهاية إلى رفع سعر السلع على المواطن».
وأشار عصفور إلى أن سعر السكر ارتفع ليسجل 5 جنيهات بدلاً من 4.5 و4.75 جنيه سابقًا ،كما ارتفع سعر زيت الخليط ليترواح بين 8.5 إلى 9 جنيهات بدلاً من 7.5 إلى 8 جنيهات قبل ذلك،كما بلغ سعر زيت عباد الشمس 12.5 جنيهًا وزيت الذرة 13.75 جنيه، وارتفع سعر الأرز ليتراوح بين 4 إلى 5 جنيهات بدلًا من 3.5 إلى 4.5 جنيه، وقال عصفور: «أتوقع إذا لم تحل الحكومة مشكلة توافر المواد البترولية وضبط الأسواق بالشكل المناسب أن تستمر أسعار السلع فى الزيادة خلال الشهور القادمة وأن يتسبب ذلك فى أزمة كبيرة».
وأضاف عصفور أن وزير التموين الدكتور باسم عودة، طلب من غرفة تجارة المواد الغذائية أن تشارك فى مبادرة لتخفيض سعر بعض السلع الغذائية، وقد دعت الشعبة غرفة الصناعات الغذائية وذلك لتوفير بعض السلع من المصنع إلى محال التجزئة مباشرة وهو ما يساهم فى وصول السلع للمستهلك بسعر أقل، إلا أن «عصفور» أكد أن هذه الاجراءات تعتبر «مسكنات» ولابد من حل المشكلة من جذورها من خلال سياسات واجراءات حكومية تحد من ارتفاع السلع والخدمات.
وأشار عمرو عصفور إلى أن المبادرة التى ستجتمع شعبة تجارة المواد الغذائية اليوم بشأنها لن توفر تخفيضًا ملموسًا فى الأسعار، فعلى أقصى تقدير سيتم توفير السلعة للمواطن بتخفيض لن يزيد على 5% وهى نسبة غير مؤثرة.
ورصدت الغرف التجارية، ارتفاعاً فى أسعار السلع الغذائية بنسبة 15% خلال الشهر الماضى بعدد من المحافظات، كما رصدت شعبة البترول عجزاً فى كميات السولار وصل لـ50% ،وتضاعفت أسعار معظم السلع بنسبة 100%، مع بدء تدهور الجنيه أمام الدولار فى نوفمبر الماضى، وحتى فبراير الماضى؛ حيث ارتفعت أسعار السلع فى نوفمبر بنسبة 70%، وعاودت الارتفاع فى ديسمبر من 15 إلى 20%، وتكرر سيناريو الارتفاع فى فبراير بنفس النسبة مسجلة 15%، حسب التقارير الشهرية لغرف التجارة.
وبالنسبة لأسعار الدواجن فقد رصد التقرير ارتفاعها بأكثر من20% سواء للبيضاء أو البلدي, مع استقرار اسعار البيض, كما شهدت اسعار الاسماك استقرارا مقارنة بالشهر الماضي, وبخصوص اللحوم البلدى والمجمدة فهى متوافرة, وسجلت اللحوم المجمدة ارتفاعا بحدود7%, أما عن الحبوب فقد اشار التقرير الى توافرها بجميع انواعها متوقعا صعود اسعارها, بسبب ارتفاع تكلفة الاستيراد نتيجة انخفاض سعر صرف الجنيه, بجانب توقع ارتفاع أسعار القمح والذرة عالميا.
ولم تتوقف المشكلة عند ارتفاع أسعار السلع الغذائية لكنها امتدت إلى المواصلات، حيث رصدت «روزاليوسف» رفع سائقى الميكروباص الأجرة المقررة بشكل غير قانونى فى الكثير من المناطق وبنسب تصل إلى 25% من اجمالى قيمة الأجرة المقررة، وقد عزا السائقون ذلك إلى عدم توافر البنزين والمشكلات الكبيرة التى تواجههم فى الطوابير الطويلة من أجل تموين سياراتهم.
إضافة إلى أسعار المواصلات والمواد الغذائية فقد ارتفعت أسعار مواد البناء الأمر الذى ينذر بتوقف سوق الانشاءات ورفع أسعار الوحدات السكنية، وطبقًا للأسعار المعلنة فقد ارتفعت أسعار حديد التسليح بأكثر من 400 جنيه، حيث وصل سعر طن حديد «عز» تسليم أرض المصنع نحو 5 الاف جنيه وللمستهلك نحو 5250 جنيهًا ،أما سعر طن حديد المصريين فقد بلغ تسليم أرض المصنع نحو 4900 جنيه وللمستهلك 5150 جنيهًا، أما سعر طن حديد «بشاى» فقد ارتفع ليصل تسلم أرض المصنع نحو 4990 جنيهًا وللمستهلك نحو 5280 جنيهًا.
أما أسعار الأسمنت فقد ارتفعت بشكل كبير وغير مبرر فسجل سعر طن الأسمنت من شركة «المصرية» نحو 700 جنيه، وأسمنت «السويس» 696 جنيهًا، وأسمنت «المسلح» بلغ 635 جنيهًا وأسمنت «العريش» بلغ 490 جنيهًا وسعر طن أسمنت «التركى» بلغ 470 جنيهًا.
وطبقًا لـ«سمير نعمان» - المدير التجارى فى حديد عز - فان الارتفاع فى اسعار الدولار والطاقة هو ما اضطر الشركة الى رفع الاسعار فى الشهر الحالى ,مشيرا الى اتجاه الشركة لتصدير الحديد خلال الشهر الحالى نظرا الى حالة الكساد التى يعانى منها السوق محليا ،ومن جانبه اشار ايمن الجيوشى تاجر حديد وصاحب مصنع الجيوشى للحديد ان السوق يعانى حالة شديدة من الركود حيث تراجع الطلب على الحديد بنسبة كبيرة خلال الشهرالماضى الا ان ارتفاع اسعار الدولار يدعم رفع الاسعار خلال شهر مارس.
وأكدت شركة السويس للاسمنت أن زيادة اسعار الاسمنت فى السوق المصرية خلال الفترة الحالية جاء نتيجة زيادة سعر الوقود المستخدم فى الصناعات الثقيلة بنسبة 60% لكل من المازوت والغاز، مما اثر بصورة كبيرة على صناعة الأسمنت التى تستهلك كمية كبيرة من الطاقة.
وقال محمود العسقلانى - رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء - إن أسعار الأسمنت ارتفعت فى الأسابيع الأخيرة دون مبرر سوى جنى الأرباح على حساب المستهلكين موضحا أنه فى الوقت الذى تقوم فيه شركة أسمنت العريش التابعة للقوات المسلحة ببيع طن الأسمنت بــ490 جنيها, تقوم الشركات الأخرى مجتمعة ببيع طن الأسمنت بــ650 جنيها, ويعد هذا الفارق دليلا على النهب المنظم الذى تمارسه هذه الشركات للعملة الصعبة وتجريفها لمصلحة الشركات الأم فى الخارج, خاصة وأن مصر تنتج ما يقترب من60 مليون طن سنويا وإذا ما جرى حساب الزيادات غير المبررة فإن هذه الشركات تحصل على200 جنيه كزيادة على سعر شركة العريش, وهو ما يعنى أن هذه الشركات تحصل على ما يقترب من12 مليار جنيه فروق أسعار.
وأكد تقرير للغرفة التجارية بالشرقية ان الارتفاع الكبير فى أسعار الاسمنت أمر غير مبرر على الإطلاق داعيا لتدخل حاسم من الحكومة لمراجعة أسباب هذا الارتفاع‏، خاصة أن80% من المواد الخام اللازمة لانتاج الاسمنت هى مواد متوافرة محليا ولا يتم استيرادها, فى حين ان نسبة الـ20% الاخرى وعلى فرض تأثرها بارتفاع الدولار الا انها لاتمثل سوى ما بين15 و30% من تكلفة المنتج النهائى لذلك فإن أقصى تقدير تراه الغرفة لسعر الأسمنت حاليا يجب ألا يتعدى550 جنيها للطن.
وحذر التقرير من مواصلة اسعار حديد التسليح ارتفاعها بسبب ارتفاع سعر الدولار الذى سجلت اسعاره فى السوق السوداء نحو 7.20 جنيه، حيث سيؤدى ذلك بشكل حتمى إلى استمرار ارتفاع سعر الحديد, نظرا لأن جميع مكونات الصناعة من مادة خام إلى ماكينات التصنيع يتم استيرادها, وطالبت الغرفة بضرورة الاسراع فى انشاء مصانع لانتاج مادة البليت مع تقديم جميع التسهيلات الاقتصادية لها، والتى من المنتظر أن تسهم بشكل فعال فى الحد من الآثار السلبية لخفض سعر الجنيه على هذه السلعة الاستراتيجية.
فى سياق متصل يعلن جهاز التعبئة العامة والاحصاء اليوم الأحد عن ارتفاعات جديدة فى معدلات التضخم كنتيجة طبيعية لارتفاع أسعار مواد البناء وعدد من السلع الغذائية.