السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محمد الطحان يقدم «أصالة الفن المصري» فى معرض استيعادى




خزاف ونحات وفنان تشكيلى ابن الجمالية فلسفته الفنية نبعت من الهوية المصرية والموروث الشعبي، والتراث الفلكلورى وعلى مدى مشواره الفنى بدأها منذ السبعينيات وحتى اليوم، رغم تطور أسلوبه الفنى ومعالجته التشكيلية إلا إنه ظل متمسك بمصريته وجذوره وإلى كل ما هو أصيل من مبادئ، وأخلاقيات، عادات تقاليد، وتراث، إنه الفنان محمد الطحان الذى قدم من خلاله معرضه الاستعيادى المقام الآن باتيلية القاهرة بقاعة محمد ناجى إنتاجاً فنياً تصويرياً شديد المصرية، اللوحات تشكل رحلة تواصل واستقرار، وتؤكد تلاحم الطحان مع هويته المصرية والفنية.
 
يروى الطحان فنياً تشكيلياً ولونيا وإيقاعيا موضوعات عن الحارة المصرية والألعاب الشعبية والعادات والتقاليد للبيئة المصرية، عرض الطحان 30 لوحة تصويرية زيتية تعبر عن حوارى وأزقة ومشربيات قاهرة المعز والقاهرة الخديوية، وشارع الجمالية، الأسواق والباعة الجائلين، سوق الليمون، الأبواب العتيقة مثل باب زويلة، بوابة المتولي، باب النصر، الى جانب لوحات عن محافظات مصر أسوان الأقصر أسيوط ـ الوادى الجديد، بيوت النوبة ورموزها ومبانيها وملابسهم وراقصاتهم وتفاصيل الحياة اليومية فى صعيد مصر ورقصة التحطيب والحصان والعزف على الدفوف.
 
 يتميز الطحان بخصوصية تشكيلية تنوعت بين مذهب التعبيرية حيث اختزال بعض تفاصيل المشهد المكانى العناصر مع الاحتفاظ بالرموز والمفردات والزفاف الإسلامية والشعبية مثل الأشكال الهندسية المثلثة المتعارف عليها فى الفنون الشعبية، ومفردات المكان مثل القباب والأهلة والمآذن وشبابيك وأبواب إسلامية بزخارفها واختزالها فى علاقات بنائية، جاءت المشاهد من زواية المواجهة فى تناغم بين العلاقات والمساحات والفراغات بين فتحات النوافذ والأبواب أو التشكيلات الزخرفة المختلفة، وهى متوزانة مع خلفية المكان المفتوحة والتى توحى أنه المشهد لم ينته بل له تكملة يستنتجها المتلقى من رؤيته للعمل.
 
 كما اتبع مذهب التجريد والتبسيط البليغ فى التشخيص دون إلغاء كيان العنصر الإنساني، يرفض الفنان الطحان التمسح فى الموجات الفنية الغربية التى تكاد تغرق الوسط الفنى بتوجهات معاصرة، لكن المعاصرة بالنسبة له فى تطوره فى المعالجة الفنية، فظل محافظا على مصرية الفكر والحس، والتقنية الفنية استوحاها من تلاحمه مع المكان، باستخدام بعض عجائن كملامس تعبيرية ومعبرة منها ملامس خشنة وناعمة جعلها أرضية لكل عمل فنى للمشهد المكانى والبيوت المصرية القديمة وغيرها من عناصر العمل.
 
زوايا اللقطة والمنظور فى اللوحات متنوع الرؤيا، فبعد عدة معارض التزم فيها الطحان إن يؤكد على المكان بصفته، إلا انه فى هذا المعرض لم يلتزم الفنان بمشهد معين ومحدد بل ترك ألوانه وفرشاته تبوح بما يحمله فى مخزونه البصرى والمعرفة السابقة وما يحمله بأعماقه لمصر وتاريخها وأرضها، وأيضا الخامة تعامل معها أحيانا بكثافتها وصلابتها وأحيانا بنعومة وليونة، وكأنه يحاول كشف أسرار كل خامة.
 
 
 
الأعمال فى مجموعها تمثل مجموعة لونية وهارمونية هادئة ودافئة قريبة من الدرامية القاتمة تبوح بقدم المكان وعبق التاريخ وتوحى باستمرار الزمن الجميل فى الذاكرة البصرية للفنان وفى الواقع، ففى أغلبية اللوحات نجد بالتة لونية شكل منها مصريته، استخدم الألوان بدلالة تعبيرية وفلسفة، استخدم اللون الأخضر الراحل الذى يعبر عن اندثار وندرة الأرض الزراعية، واللون البنى الطينى الذى يمثل صرخة نداء للحافظ على ارض مصر الطبية، والأصفر الرملى الذى يمثل البيئة الصحراوية، الأزرق المائل المتداخل مع اللون الرمادى المحمل بالغيوم نراه فى مساحة السماء فوق المشهد والأزرق الفيروزى ومنبعه الفن الفرعونى الذى أظهره الفنان فى لوحات كثيرة فى زخارف الشعبية المميزة، واللون الأبيض الذى فرض وجوده على المشهد وهى يعبر عن استقرار جذور التقاليد المصرية، الألوان الموضوع والمعالجة معزوفة سيمفونية تعكس البيئة المصرية.