السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«شنودة» و«تواضروس».. تشابهت البدايات واختلفت التوجهات





 
 
 
 
تتشابه بداية تولى البابا شنودة الثالث مع البابا تواضروس الثانى فالاثنان توليا مسئولية الكنيسة فى فترات شهدت توترات سياسية وفتنا طائفية وكلاهما اختار طريقه فى حل هذه المشكلات الطائفية وفك والتداخل مابين قيادة الكنيسة والأقباط وروحيا وبين إقحام السياسة لتكون جزءا من العمل الرعوى
طوال سنوات ثورة يوليو لم يحدث احتكاك واضح بين الدولة والكنيسة، بل ويمكن القول ان الأقباط كان وحدهم الذين نجوا من حفلات الاعتقال التى دشنتها الثورة طوال سنوات الخمسينيات والستينيات وطالت كل التيارات والاتجاهات بما فيها الشيوعيون والإخوان المسلمين،
 
 
 الأمر اختلف فى السبعينيات بعد أن اعتلى «السادات» وخلفه البابا «شنودة» قمة الرئاسة والكنيسة على الترتيب.
الاصطدام لم يأتِ مبكرا إلا أنه وبعد نصر أكتوبر عام 1973 اصبح «السادات» أكثر ثقة فى نفسه وأكثر انفرادا بالقرار فكان قراره الأخطر بإطلاق يد الجماعات والتيار الإسلامى -دون قيد- فى الجامعات والشارع السياسى المصرى لمحاربة التيار اليسارى والشيوعى فكان أن تحقق له هذا بالفعل.
وبدأت أحداث الفتنة الطائفية والتى عرفت بأحداث الزاوية الحمراء لتكون أول شرارة للصدام مع الرئيس السادات وتزايدت اتهامات الأقباط للدوله بأنها تغذى العنف تجاههم من قبل الجماعات الإسلامية، كان البابا «شنودة» قبل هذه الواقعة قد سجل رفضه لاتفاقية السلام مع إسرائيل، ورفض الذهاب مع الرئيس «السادات» فى زيارته إلى إسرائيل عام 1977، وهذا الرفض صنع حالة عدائية من السادات تجاه البابا لأنه لم يتصور أن يخالفه أحد فى قرارته بعد الحرب.
وزادت حدة الأمور عندما قام الرئيس بزيارة إلى أمريكا ونظم الأقباط فى أمريكا مظاهرة مناهضة له رفعوا فيها لافتات تصف ما يحدث للأقباط فى مصر بأنه اضطهاد وهو ما أضر بصورة «السادات» كثيرا فطلب من معاونيه أن يتصلوا بالبابا ليرسل من يوقف هذه المظاهرات، وعندما حدث هذا فعلا متأخرا بعض الشىء ظن «السادات» بأن البابا «شنودة» يتحداه ليصبح الصدام أمرا حتميا فأصدرت أجهزة الأمن قرارا للبابا بأن يتوقف عن إلقاء درسه الأسبوعى، الأمر الذى رفضه البابا ثم قرر تصعيد الأمر بأن أصدر قرارا بدوره بعدم الاحتفال بالعيد فى الكنيسة وعدم استقبال المسئولين الرسميين الذين يوفدون من قبل الدولة عادة للتهنئة.
بل وصل الأمر إلى ذروته عندما كتب فى رسالته التى طافت بكل الكنائس قبيل الاحتفال بالعيد أن هذه القرارات جاءت «احتجاجا على اضطهاد الأقباط فى مصر»، وكانت هذه المرة الوحيدة التى يقر فيه البابا علانية بوجود اضطهاد للأقباط فى مصر ولم يفعلها بعد ذلك مطلقا لتصبح القطيعة بين «السادات» والبابا «شنودة» هى عنوان المشهد، ولذا كان من المنطقى أن يطول عقاب البابا فى أيام «السادات» الأخيرة عندما أصدر فى سبتمبر عام 1981 قراره بالتحفظ على 1531 من الشخصيات العامة المعارضة، لم يكن مصير البابا الاعتقال وإنما كان تحديد الإقامة فى الدير بوادى النطرون.
ولم يختلف الأمر كثيرا فى حكم مبارك فقد ظل شبح المتشددين يهدد الأقباط وكانت الدولة دائما ما تعطى رسائل بأنها الحامى الوحيد للأقباط فى مواجهة هؤلاء المتطرفين إلا أن الاعتداءات تزايدات وكان آخرها الاعتداء على كنيسة العمرانية والتى اعتبر البعض أن خروج الشباب فى هذه الواقعة كان الشرارة لانطلاق ثورة 25 يناير.
وقد اعتكف البابا خلال وجود مبارك فى الحكم ثلاث مرات الاولى مع اشتعال قضية «وفاء قسطنطين» ثم أحداث «نجع حمادى» وأخيرا أحداث العمرانية.
■ البابا تواضروس
منذ أن تولى البابا تواضروس رئاسة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اتخذ منهجا لفصل الكنيسة عن السياسة وامتنع عن الحديث عن السياسة فى عظته الأسبوعية بالرغم من اشتعال الموقف سياسيا وتوجيه اتهامات له وللاقباط بمحاولات قلب نظام الحكم وتنظيم المظاهرات ضد الرئيس مرسى وغيرها من الاتهامات التى خرجت من مسئولين بالأحزاب والحركات الإسلامية.
وكان أول قرار اتخذه البابا والذى لاقى استحسانا من الأقباط هو الانسحاب من الجمعية التأسيسية للدستور وهو الأمر الذى قوبل باستهجان من مؤسسة الرئاسة وحاولت من غير مندوبها «السفير رفاعة الطهطاوى» إقناع الكنيسة بالعودة إلى الجمعية التاسيسية للدستور إلا أن هذه المساعى باءت بالفشل ولم تكد تنتهى أزمة خروج الكنيسة من التأسيسية حتى أن وجهت اتهامات للأقباط والبابا بمحاولات الخروج عن الشرعية واتهامات بتنظيم المظاهرات ضد الرئيس «مرسى» وصولا لاتهام الكنيسة بأنها تقود «البلاك بلوك» وهو الأمر الذى جعل البابا يعلن خلال إحدى عظاته أن الكنيسة ترفض كل مظاهر العنف وانها تدشن مع الازهر الشريف «وثيقة لنبذ العنف».
إلا أن الأمر لم ينته عند هذا الحد فكان انسحاب الكنيسة من الحوار الوطنى وإعلانها أنها لن تشارك به لانها مؤسسة روحية ولا تتدخل فى السياسة خطوة جديدة فى المنهج الذى اتخذه البابا تواضروس فى الفصل بين العمل الرعوى والسياسى  إلا أنه كان دائما يؤكد دور الكنيسة الوطنى الذى لا يمكن التخلى عنه.
وبالرغم من محاولاته الفصل بين السياسة والعمل الرعوى إلا أنه ولأول مرة تشهد الكاتدرائية تنظيم مظاهرة لرفض تصريحات البابا السياسية والتى أدلى بها للصحف مطالبين البابا بالاستمرار فى منهج فى الفصل وعدم الحديث باسم الأقباط إلا أن البابا قام باحتواء المتظاهرين قائلا لهم «لم أصرح بهذا».
وأما عن الدور الرعوى فقد قام البابا بتشكيل عدة لجان لتعديل لائحة 57 لانتخاب البطريرك وايضا لتعديل لائحة 38 للأحوال الشخصية هذا بالإضافة إلى تشكيل لجنة لحصر ممتلكات الكنيسة فى كل الايبراشيات.
وأيضا إعادة ترتيب السكرتارية الخاصة به فعين مساعدا لشئون الكنائس فى الخارج ومساعدا لشئون الكنائس والكهنة داخل مصر واهتم اهتمامًا خاصًا بترتيب الشئون الإدارية داخل الكنيسة.